الصلح على الجرائم الجنائية غير جائز بصفة عامة . ومن ثم لا يصح أن تكون موضوعا للإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - لأن توقيع العقوبات الجنائية لا يصح أن يتولاه أشخاص عاديون ، ولو كانت هيئة تحكيم ، لأنه لايجوز الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - في الجرائم المختلفة ، لأن الحق في إقامة الدعوى الجنائية عنها يتعلق بالمجتمع وهذا أمرا يتعلق بالنظام العام فى القانون الوضعي فلايجوز الصلح عليه لامع النيابة العامة ، ولامع المجنى عليه نفسه .
فلايجوز أن يتناول الإتفاق على الصلح ، أو التحكيم الجرائم ذاتها . فكل جريمة تنشأ عنها دعويين :
الدعوى الأولى:
دعوى جنائية :
تختص بتحريكها السلطات العامة ، ممثلة في هيئة النيابة العامة .
والدعوى الثانية :
دعوى مدنية :
صاحبها هو المجنى عليه . وأنه وإن كان لهذا الأخير مطلق الحرية في أن يتصالح عن حقه في التعويض المدني ، وأن يتنازل بالشروط التي يراها عن تحريك الدعوى المدنية ، فإنه لا يستطيع - سواء عن طريق الإتفاق على الصلح ، أو التحكيم - أن يكون عقبة في سبيل تحريك الدعوى الجنائية - والتي ترمي إلى إصلاح الضرر الإجتماعي المترتب على ارتكاب الجريمة - لأنه لا يستطيع التصرف فيما لا يملكه ، باعتبار أن الدعوى الجنائية الناشئة عن ارتكاب الجريمة هى من حق المجتمع ، وتباشرها النيابة العامة - وبالنيابة عنه - وعلى ذلك ، فلايؤثر الإتفاق على الصلح ، أو التحكيم بين الجاني ، والمجنى عليه على سير الدعوى الجنائية .
كما لا يجوز للجاني أن يصطلح ، أو يبرم اتفاقا على التحكيم - شرطا كـــان أم مشارطة - مع النيابة العامة ، فى الجرائم المختلفة – وأيا كان نوعها " جنایات ، جنح ، أو مخالفات".
وكانت المادة ( ۱۹ ) من قانون الإجراءات الجنائية المصرى تنص قبل إلغائها على أنه:
" يجوز الصلح فى مواد المخالفات إذا لم ينص القانون فيها على عقوبة الحبس بطريق الوجوب ، أو على الحكم بشئ آخر غير الغرامة ، أو الحبس ، ويجب على محرر المحضر في الأحوال السابقة أن يعرض الصلح على المتهم ويثبت ذلك فى المحضر ، وإذا لم يكن المتهم قد سئل في المحضر ، وجب عليه أن يخطر بالصلح بإخطاره رسميا ".
ومع ذلك ، فإن بعض القوانين الوضعية الخاصة تجيز الصلح عن المخالفات المقررة فيها ، وفي أحوال خاصة - كقوانين المرور ، الجمارك ، والضرائب - فعلى سبيل المثال ، نجد أن القانون الوضعى المصرى قد قرر أن الضرائب ، والرسوم تفرض بقانون ، أو بناء على قانون ، وأنه لايجوز إعفاء أحدا من الضرائب ، إلا فى الأحوال المنصوص عليها في القانون الوضعى المصرى .
ومع ذلك ، فإنه قد تتفق الجهة المختصة بتحصيل الضريبة مع الممول ، في شأن الضريبة التي تفرض عليه ولا يصح أن يمس هذا الإتفاق المسائل القانونية الخاصة بالضريبة ، إذ لايجوز أن تكون هذه المسائل موضعا لاتفاقات خاصة بين الممول ، وجهة الإدارة المختصة بتحصيل الضريبة .