الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / المسائل المتعلقة بالتجريم والعقاب / الكتب / التحكيم والنظام العام /   التحكيم في المنازعات الجزائية

  • الاسم

    د. إياد محمد بردان
  • تاريخ النشر

    2004-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    793
  • رقم الصفحة

    347

التفاصيل طباعة نسخ

  التحكيم في المنازعات الجزائية

الفقرة الاولى: مبدأ استبعاد التحكيم أسبابه ونطاقه

وذلك للأسباب التالية:

- إن الدعوى العامة تمثل حق المجتمع وتباشرها النيابة العامة، كطرف أصلي في الخصومة. 

- إن المنع ، وحظر التحكيم هنا ، لا يسري على المحكمين فقط، إنما يسري أيضاً على المحاكم المدنية. 

- من غير المقبول منطقاً أن يقضي المحكم وهو شخص خاص بعقوبة جزائية . 

   ويذهب الاجتهاد في الحالات النادرة التي عرضت عليه، إلى الأخذ بهذه الأسباب لاستبعاد التحكيم في المنازعات ذات الطابع الجزائي. فبقرارها الصادر سنة ۱۹۸۹ قضت محكمة النقض المصرية أنه : " ….. لما كانت المادة ٥٠١ من قانون المرافعات تنص في فقرتها الرابعة على أنه لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح وكانت المادة ٥٥١ من القانون المدني تنص على أنه لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام …. فإن حاصل ذلك أنه لا يجوز التحكيم بصدد تحديد مسؤولية الجاني عن الجريمة الجنائية، وإلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام. 

   إذا كان الفقه متفقاً على عدم جواز التحكيم بصدد المنازعات الجزائية، فإنه يبدو متبايناً إزاء المنازعات الجزائية التي تتوقف فيها الملاحقة الجزائية على شكوى المتضرر.

الفقرة الثانية: تأثير المنازعة الجزائية على التحكيم

البند الأول : قاعدة الجزاء يعقل الحقوق

أولاً : في التحكيم الداخلي

   تنص المادة ٧٨٤ أ . م . م . على أنه إذا أدلي أثناء التحكيم بمسألة معترضة تخرج عن ولاية المحكمين أو طعن في ورقة أو اتخذت إجراءات جزائية تتعلق بتزويرها، أو بحادث جزائي يتصل بالنزاع، يوقف المحكمون عملهم، وتتوقف المهلة المحددة للحكم إلى أن يبلغ المحكمون الحكم النهائي الصادر في تلك المسألة المعترضة .

   تعد هذه المادة تطبيقا لقاعدة الجزاء يعقل الحقوق في مادة التحكيم، فيتوجب على المحكم في مثل هذه الحالات أن يتوقف عن السير بإجراءات التحكيم، لحين صدور حكم بالدعوى الجزائية، وتبليغه إلى المحكم، شرط الاً يكون القرار التحكيمي قد صدر قبل إقامة الدعوى الجزائية . 

   ويستفاد من القرار التحكيمي الصادر سنة ۱۹۹۷، في القضية المرفوعة من الشركة اللبنانية لإدارة حصر الإعلانات ضد شركة تلفزيون لبنان، أن المحكمين كانوا قد عمدوا إلى وقف السير بإجراءات التحكيم وبعد صدور القرار الجزائي تابعوا مهمتهم فقد جاء في قرارهم :

   وما تجدر الإشارة إليه هو أن قاعدة الجزاء يعقل الحقوق أو المادة ٧٨٤ أ . م . م . لا تطبق إلا إذا كنا بصدد تحكيم داخلي وأمام ملاحقة جزائية تجري في لبنان بمعنى أنه إذا كانت المحكمة المرفوعة إليها الدعوى العامة هي محكمة أجنبية، فإن قاعدة الجزاء يعقل الحقوق لا تطبق لسبب بسيط وهو أن هذه القاعدة تعد نتيجة لحجية القضية المحكوم بها جزائياً بالنسبة للدعوى المدنية.

وبالتالي فإنه لا يكون على المحكم أن يوقف النظر بالنزاع كون الملاحقة الجزائية غير ذات تأثير على المحاكمة التحكيمية .

ثانياً: في التحكيم الدولي

إذن ثمة عدة شروط لتطبيق قاعدة الجزاء يعقل الحقوق على الصعيد الدولي : 

1 - أن يكون التحكيم دولياً .

2 ـ أن يكون التحكيم خاضعاً لقانون أجنبي .

3 ـ أن يكون هذا القانون متبنياً لقاعدة الجزاء يعقل الحقوق

4 ـ أن تقام الدعوى العامة أمام قضاء البلد الذي اعتبر قانونه واجبا التطبيق

5 ـ أن يكون للملاحقة الجزائية تأثير على الدعوى العالقة أمام المحكم.

  إذا كانت الشروط الأول والثالث والرابع لا تثير كبير عناء للتحقق من توافرها، انطلاقاً من وجود عدة معايير تدل عليها، فإن الأمر على خلاف ذلك بخصوص الشرطين الثاني والخامس لناحية معرفة المقصود بهما .

  فبالنسبة للشرط الثاني هنا نتساءل إذا كان هذا القانون هو الواجب التطبيق على النزاع أم على اتفاقية التحكيم أم على القابلية للتحكيم، أم على إجراءات التحكيم . . . ؟ .

  وبالنسبة للشرط الخامس فإن محكمة إ. بيروت حددت طبيعة هذا التأثير بقرارها المذكور آنفاً عندما قضت بأن وقف المحاكمة التحكيمية يفترض أن يكون الحل الجزائي الذي يمكن إعطاؤه للدعوى الجزائية من شأنه أن يؤثر على الحل الذي يمكن أن يعطى للنزاع التحكيمي، أو أن تقوم صلة فعلية أو علاقة وثيقة بين الدعويين الجزائية والتحكيمية من شأنها أن تؤدي عملياً إلى نتائج متضاربة في حال عدم توقف المحكم . .

 إلا أنه لا يقف عند هذا الحد كما يبدو في الوقت الحاضر، حيث عمدت م... باريس بتاريخ ١ آذار ۲۰۰۱ إلى القضاء بأن المادة ٤ من قانون أ. م. الجزائية الفرنسي التي تفرض على القاضي المدني وقف النظر بالدعوى المدنية لحين الفصل بالدعوى العامة لا

تطبق في نطاق التحكيم الدولي بسبب استقلالية هذا الأخير الذي يخضع لقواعد خاصة ، ومع ذلك فإنه لا شيء يمنع المحكمة التحكيمية من تقدير أن الإجراءات الجزائية من شأنها التأثير على حل النزاع الذي تنظر به وأن تأمر لهذا السبب بوقف البت به متى رأت ذلك ملائماً . بمعنى آخر، أنه انطلاقاً من استقلالية التحكيم الدولي؛ المحكم الدولي معفى من التقيد بقاعدة الجزاء بعقل الحقوق، وأن تطبيق هذه الأخيرة من قبله يعود لمحض إرادته متى رأى ذلك ملائماً لحل النزاع المعروض عليه وأن هذه القاعدة لا تعد من قواعد النظام العام الدولي التي يتوجب على المحكم الدولي الالتزام بها، وذلك بالرغم من أن الشكوى الجزائية قدمت أمام القضاء الفرنسي .

البند الثاني : سلطة المحكمين بفرض عقوبات جزائية

  توجد في القانون المقارن بعض الحالات التي أجيز فيها للمحكم الحكم بعقوبات شبه جزائية، الهدف منها معاقبة تصرفات معينة . ومن أبرز هذه القوانين القانون الأميركي، حيث سلم الاجتهاد بسلطة المحكم بفرض عقوبة التعويض المضاعف ثلاث مرات وخصوصاً في مادة المنافسة.

   وما تجدر الإشارة إليه، هو أن بعض البلدان كألمانيا وسويسرا، ترفض الإقرار بمثل هذه العقوبات، ويظهر ذلك من خلال رفض القضاء في هاتين الدولتين منح الصيغة التنفيذية للأحكام القضائية الأجنبية التي تتضمن مثل هذه العقوبات.