الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / بيان المسائل المتعلقة بالنظام العام / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم / المسائل المتعلقة بالنظام العام

  • الاسم

    هشام محمد ابراهيم السيد الرفاعي
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    332
  • رقم الصفحة

    195

التفاصيل طباعة نسخ

عرفت محكمة النقض المصرية القواعد القانونية التي تعتبرمن النظام العام بقولها

:" القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام هي قواعد يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد، فيجب على جميع الأفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها، ولا يجوز لهم أن يناهضوها باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت هذه الاتفاقات لهم مصلحة فردية، باعتبار أن المصلحة الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة وسواء ورد في القانون نص يجرمها أم لم يرد .

ومن أمثلة الموضوعات المتعلقة بالنظام العام، والتي لا يجوز فيها التحكيم:

- المسائل المتعلقة بالجنسية وفقدها.

- المنازعات المتعلقة بنزع الملكية للمنفعة العامة.

- المنازعات المتعلقة بالسيادة.

- المنازعات المتعلقة بالأموال العامة كالآثار.

- المنازعات المتعلقة بالأسلحة والذخائر.

- المنقولات التي لا يجوز تملكها مثل المخدرات.

-المنازعات المتعلقة بإجراءات التنفيذ الجبري.

ولما كان المستقر عليه في مجال تنازع القوانين أن العلاقات القانونية ذات الطابع الدولي والعقود الدولية تثير مشكلة تنازع القوانين. وهذه الإشكالية تحدث أيضاً في مجال التحكيم، وبمعنى آخر في مجال عقد التحكيم ذي الطابع الدولي، وكان اتفاق التحكيم له محل يرد عليه وهو يتمثل في النزاع أو المنازعات المتفق على اللجوء في شأنها إلى التحكيم. وهنا تثور الإشكالية بشأن مشروعية هذا المحل ، بمعنى هل يقبل أن يتم اللجوء في شأنه إلى التحكيم، ومرجع هذا التساؤل أن النظم الوطنية تختلف في تحديد المسائل التي يجوز اللجوء إلى التحكيم في شأنها، وبالتالي يحدث تنازع بين القوانين بصدد هذه العلاقة ذات الطابع الدولي.. ما يثير التساؤل محل البحث وهو:

ما هو القانون واجب التطبيق على مشروعية محل اتفاق التحكيم؟

في الواقع لا توجد نتيجة واحدة يمكن أن نعتمد عليها في الإجابة على هذا التساؤل، ويتعين أن نفرق بين فرضين على الأقل:

الفرض الأول: التصدي للتساؤل في مرحلة سير الدعوى

من الممكن أن تثور هذه المشكلة، عندما يرفع النزاع بشأن مشروعية محل اتفاق التحكيم أمام قضاء الدولة ، حيث يتمسك أحد الأطراف بوجود اتفاق تحكيم، وبالتالي يتعين عقد الاختصاص لهيئة التحكيم بدلاً من قضاء الدولة، في حين يتمسك الطرف الآخر ببطلان ذلك الاتفاق، لأنه يرد على محل غير قابل للتسوية بطريق التحكيم. وقد يحدث هذا الفرض ايضاً أمام هيئة التحكيم في الجلسة الافتتاحية الأولى، حيث يتمسك أحد الأطراف ببطلان اتفاق التحكيم، ويطلب من الهيئة عدم نظر النزاع لأنه غير قابل للتحكيم، وفي مثل هذه الفروض يتصدى القضاء وكذلك ، هيئة التحكيم لهذا الموضوع على أساس أنه يتعلق بمشروعية محل اتفاق التحكيم. 

ولا شك أن محل اتفاق التحكيم كركن جوهري في هذا الاتفاق يعتبر هو جوهر اتفاق التحكيم في الواقع العملي.

وبناء على ما سبق فإن التحليل المنطقي يقود إلى القول:

1- إن القانون واجب التطبيق هو القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم ذاته، وهو القانون الذي اختاره الأطراف صراحة أو تبين من ظروف الاتفاق أنه الواجب التطبيق.

2- إعمال قانون القاضي الوطني:

ولكن إذا تبين أن القانون واجب التطبيق بموجب الاتفاق الصريح من الأطراف يتعارض مع قانون القاضي المعروض عليه النزاع.

فقد يمنع هذا القانون الأخير التحكيم في مسألة معينة في حين أن القانون المتفق عليه صراحة يجيز ذلك؟

فأيهما أولى بالتطبيق قانون الإرادة، أم قانون القاضي الوطني الذي بتصدى للفصل في الدعوى المرفوعة أمامه؟

الاتفاقية الأوروبية لعام 1961 بشأن التحكيم التجاري الدولي عالجت هذا الفرض لأنه قد يحدث في الواقع العملي كثيراً، وتنص المادة 6/ج على أنه: يستطيع القاضي المختص عدم الاعتراف باتفاق التحكيم إذا كان النزاع لا يقبل التحكيم وفقاً لقانونه".

ويلاحظ أن هذا النص يجيب صراحة على التساؤل محل البحث، ويقرر أفضلية حجية قانون القاضي الوطني على أي قانون آخر تم اختياره ليحكم القابلية للتحكيم. وهذا الحل يكون مقبولاً من الناحية القانونية، لأنه لا يمكن إغفال دور النظام العام الوطني في هذا المجال، والثابت أن القاضي يتقيد بالانصياع إلى أحكام المشرع الوطني ويعتبر نفسه الرقيب على حماية النظام العام الوطني.

ولذلك فإن الحل سوف يختلف إذا عرض النزاع أمام هيئة التحكيم، لأن المحكم لا يتقيد بقانون وطني، ولذلك فمن المحتمل بل من المرجح أن يميل، على العكس مما سبق، إلى تغليب قانون الإرادة على أي قانون وطني لأحد الأطراف، لاسيما وأن مفهوم النظام العام يختلف تحديده اختلافاً كبيراً بين القاضي والمحكم.

الفرض الثاني: عرض الإشكالية في مرحلة تنفيذ حكم التحكيم

من الممكن أن يقدم طلب الأمر بتنفيذ حكم التحكيم أمام قضاء الدولة المراد

تنفيذه بها.

والاتجاه السائد في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم هو إعمال قانون دولة محل التنفيذ، حيث إن الواقع يشهد بضرورة إخضاع مسألة قابلية محل التحكيم الفصل فيه بطريق التحكيم لقانون الدولة التي يطلب منها الاعتراف بحكم التحكيم أو إصدار الأمر بتنفيذه.

ومن تطبيقات الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن ما يلي:

أولا: اتفاقية جنيف المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمين لعام ۱۹۲۷:

مادة ٢/١/ب تنص على أنه: "من أجل الحصول على هذا الاعتراف أو ذلك التنفيذ، فإنه من الضروري فوق ذلك أن يكون موضوع القرار قابلاً للتسوية بطريق التحكيم وفقاً لقانون البلد الذي يتمسك به فيه"

ثانيا: اتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف بأحكام المحكمين وتنفيذها: مادة ٢/٥ تنص على أنه: "يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليه الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف بالتنفيذ إذا تبين لها:

1- أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم......

وبعد تحديد القانون واجب التطبيق في شأن محل اتفاق التحكيم، فإنه يتعين الرجوع إلى هذا القانون عند بحث المسائل الآتية:

• الجزاء الذي يترتب على كون محل اتفاق التحكيم مما لا يجوز فيه التحكيم وهل

هو البطلان أم الانعدام؟

• تحديد نطاق البطلان: وهل يشمل هذا البطلان كل الاتفاق على التحكيم، أم الجزء الذي لا يجوز فيه التحكيم من النزاع فقط؟

• كيفية التوصل إلى إعمال الجزاء في حالة مخالفة قواعد النظام العام في شأن محل اتفاق التحكيم، وهل يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم أم يكتفى بعدم الاعتراف بالحكم ورفض تنفيذه؟

ومن تطبيقات محكمة النقض المصرية في شأن ضرورة تعيين محل اتفاق التحكيم

ما قضت به من أنه :

"التحكيم طريق استثنائي سنه المشرع لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ومن ثم فهو مقصور ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين على عرضه على هيئة التحكيم فأوجبت المادة 501 من قانون المرافعات – المنطبقة على واقعة الدعوى – المقابلة للمادة 10 من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ أن تتضمن وثيقة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم، وأجاز المشرع في ذات المادة أن يتم هذا التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم ورتبت المادة ٢/٥١٢ منه البطلان جزاء على مخالفة ذلك" .

كما قضت في هذا الشأن بأنه:

"إذا كان الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم عند المنازعة قد تم قبل وقوع النزاع سواء كان هذا الاتفاق مستقلاً بذاته أو ورد في عقد معين محرر بين طرفيه وتم الاتفاق فيه على اللجوء إلى التحكيم بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بينهما، فإن المشرع لم يشترط في هذه الحالة أن يكون موضوع النزاع محدداً سلفاً في الاتفاق المستقل على التحكيم أو في العقد المحرر بين الطرفين واستعاض عن تحديده سلفا في خصوص هذه الحالة بوجوب النص عليه في بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 30 من هذا القانون والذي يتطابق في بياناته مع صحيفة افتتاح الدعوى من حيث إنه بيان مكتوب يرسله المدعي خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعلنه هيئة التحكيم إلى المدعى عليه وإلى كل من المحكمين يشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته الختامية وفي حالة وقوع مخالفة في هذا البيان فقد أوجبت الفقرة الأولى من المادة 34 من ذات القانون على هيئة التحكيم إنهاء إجراءاته ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، بيد أنه إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضاً على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولاً منه عن حقه في الاعتراض"

كما قضت أيضا بأنه:

"التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية، ولئن كان في الأصل وليد إرادة الخصوم، إلا أن أحكام المحكمين شأن أحكام القضاء تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجية طالما بقى الحكم قائماً ولو كان قابلاً للطعن وتزول بزواله، ولما كان الثابت أن طرفي الخصومة لجنا إلى التحكيم فيما كان ناشئاً بينهما من منازعات، وكان حكم المحكمين الصادر بتاريخ ١٩٦٨/٤/٥ فصل فيها وانتهى إلى اعتبار المطعون عليه مشترياً لنصيب الطاعن في المنزل الكائن به شقة النزاع، وكان لم يطعن على هذا الحكم بطريق الاستئناف الذي كانت تجيزه المادة 847 من قانون المرافعات السابق، وكان لا سبيل إلى إقامة دعوى مبتدأة بطلب بطلان حكم المحكمين وفق المادة ٨٤٩ من ذات القانون تبعا لأنه مما يجوز استئنافه والفرصة متاحة لابداء كل الاعتراضات عليه، فإن حكم المحكمين يكون بمجرد صدوره ذا حجية فيما فصل فيه وله قوة ملزمة بين الخصوم ولايسوغ النعي على حكم المحكمين بالبطلان استناداً إلى مخالفة المادة ٨٢٣ من قانون المرافعات السابق من أن عدد المحكمين كان شفعاً وليس وتراً أو أن موضوع النزاع لم يحدد في مشارطة التحكيم أو أثناء المرافعة في معنى المادة ٨٢٢ من ذات القانون أو أن مشارطة التحكيم خلت من توقيع المحكمين بالموافقة على مهمة التحكيم وفق المادتين ٨٢٦ -٨٢٧ من القانون المشار إليه أو أن الخصومة في التحكيم لم تتبع فيها الأصول والمواعيد المقررة في قانون المرافعات تبعاً لعدم دعوة الطاعن للحضور عملاً بالمادة 834 من أخطاء موضوعية شابت الحكم - على النحو المفصل بسبب النعي - أيا كان وجه الرأي في هذه الأسباب جميعاً، تبعاً لأنه لا يجوز للخصوم أن يأتوا بما يناقض الحجية ، ولأن قوة الأمر المقضي تسمو على اعتبارات النظام القانون عينه فضلاً عن العام ".

ومن تطبيقات محكمة النقض المصرية في شأن ضرورة مشروعية محل اتفاق التحكيم ما قضت به أيضا من أنه:

إذ كانت مشارطة التحكيم موضوع الدعوى – المطلوب الحكم ببطلانها - هي عقد رضائي توافرت عناصره من إيجاب وقبول صحيحين بين طرفيه، وكان موضوع النزاع مما يجوز التحكيم فيه وقد وقع محكمان على المشارطة وأقر المحكم الثالث كتابة بقبوله مهمة التحكيم، فإن المشارطة تكون قد انعقدت صحيحة ويكون طلب الحكم ببطلانها على غير أساس. ولا يغير من هذا النظر قول المطعون ضده الأول إنه بوفاة المحكم – الذي لا يجوز تعيين غيره بواسطة المحكمة لأنه كان محكماً مفوضاً بالصلح – أضحى تنفيذ المشارطة مستحيلاً مما تعتبر معه باطلة، لأن ذلك مردود بأن المحكم توفى بعد نشوء المشارطة صحيحة فلا تكون هذه الوفاة إلا عقبة استجدت في سبيل تنفيذ المشارطة لا سبباً لبطلانها، لأنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى كان المحكم مفوضاً بالصلح فلا يمكن تعيين غيره بغير اتفاق الطرفين، ومؤدى ذلك أنه إذا حدث سبب بعد مشارطة التحكيم يمنع المحكم عن الحكم فلا ينفذ عقد التحكيم إلا باتفاق جديد بين الخصوم على شخص محكم آخر طبقاً للمادة ٨٢٤ من قانون المرافعات السابق الواجبة التطبيق في الدعوى والتي يعتبر حكمها من النظام العام، وكل هذا لا يخل بشروط انعقاد المشارطة موضوع النزاع التي توافرت قبل وفاة المحكم".

ويتبين من أحكام محكمة النقض المشار إليها، أنها تنزل رقابتها على الشروط اللازم توافرها في محل اتفاق التحكيم، بوصفه ركناً من أركان هذا الاتفاق.

فتشترط في المنازعة محل الاتفاق أن تكون معينة؛ وأن تكون مشروعة، أي متعلقة بمسألة مما يجوز فيها التحكيم.