الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / بيان المسائل المتعلقة بالنظام العام / الكتب / تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة / النظام العام الدولي الحقيقي

  • الاسم

    سعود عتيق الكاش المري
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    أكاديمية شرطة دبي
  • عدد الصفحات

    239
  • رقم الصفحة

    115

التفاصيل طباعة نسخ

وناهيك عن تعسف بعض القضاة في استخدام النظام العام كوسيلة لرفض منح الأمر بالتنفيذ ، كون القاضي هو مشرع دائرة النظام العام ، والمسؤول عن تحديد المسائل التي تتعلق بالنظام العام في دولته . الأمر الذي بدوره يسلب القانون الاتفاقي الدولي مساعيه في التقريب بين الدول في عالم التحكيم . الأمر الذي أدى إلى شعور يسوده الخوف بين أواسط المتعاملين على المستوى الدولي من مرونة هذا النظام العام ، ولا سيما المتعاملين في مجال التجارة الدولية ، والذين يتخذون من التحكيم وسيلة لفض منازعاتهم .

الأمر الذي يثير التساؤل : ما هو النظام العام الدولي بمعناه الحقيقي ؟ هذا ما سنبنيه بإيجاز في النقطة التالية :-

_ النظام العام الدولي الحقيقي :-

يؤكد أنصار هذا الاتجاه عندما تصطبغ العلاقة بصبغة الدولية، إذ إن هذا الأمر يؤدي إلى تحرر هذه العلاقة من العديد من القواعد الآمرة المدرجة في القوانين الوطنية ، ولا سيما تلك القواعد التي لا تتلائم مع طبيعة العلاقة الدولية ، الأمر الذي يحتم إخضاعها لمجموعة الأصول والمبادئ والقيم الإنسانية المسلم بها على صعيد المجتمع الدولي ، أي إخضاع هذه العلاقة لنظام عام دولي يتميز عن النظام العام الداخلي بأنه يتوافق مع الطبيعة الدولية لهذه العلاقة .

_ مبادئ وأصول النظام العام الدولي :-

ويؤكد هذا الاتجاه بأن العصر الحالي يشهد نوعاً مغايراً من المبادئ والأصول التي تفرض نفسها على واقع المجتمع الدولي ، وفقاً لمتطلبات هذا المجتمع ، والتي ترتكز وحدة الوجود الإنساني والسعي من أجل المحافظة عليه وتحقيق أهدافه ، إذ إنها تفرض نفسها من دون الحاجة للنص عليها في التشريعات الوطنية في مختلف الدول .

وتتمثل هذه المبادئ في مبدأعدم جواز إساءة استعمال الحق ، مبدأحرية التعاقد ، القوة الملزمة للعقد ، مبدأحسن النية في تنفيذ العقود ، مبدأالإثراء بلا سبب، ومبدأ إبطال الغش ، وغيرها العديد من المبادئ التي يسلم بوجودها في الغالب الأعم من تشريعات الدول .

ومن الأصول لتشمل العديد من القيم العليا ، كما هو الشأن في حماية البيئة من مخاطر التلوث ، باعتبارها إطاراً عاماً مشتركاً ، وحماية الآثار باعتبارها تراثاً عاماً للبشرية ومكافحة المخدرات ومكافحة الإرهاب على المستوى الدولي ، ومالها من أثر على صحة الإنسان وأمنه في العام بأسره ، وفي مكافحة غسل الأموال غيرالمشروعة ، وكذلك في التصدي للفساد الذي يتمثل في الرشوة والعمولات غير المشروعة .

_ مصادر النظام العام الدولي بمعناه الحقيقي :-

تتمثل في الأعراف والعادات الدولية ، والمبادئ العامة عبر الدولية ، وتوصيات المنظمات المهنية ومدونات السلوك والاتفاقيات الدولية ، إذ تبرز التوصيات والمونات من المصادر المهمة للنظام العام الدولي بمعناه الحقيقي ، نظراً لإحاطتهما بالقبول والتوافق بهما .

فاعلية النظام العام الدولي بمعناه الحقيقي أمام المحكم :

فاعلية النظام العام الدولي بمعناه الحقيقي أمام قاضي التنفيذ الوطني : 

وفي حال التعارض بين النظامين، يرى هذا الاتجاه على قاضي التنفيذ الوطني المفاضلة ، بين النظام العام وفقاً للمفهوم السائد في القانون الوطني لقاضي التنفيذ ، وبين النظام العام الدولي بمعناه الحقيقي ، إذ تتركز هذه المفاضلة بين المحمية في كلا النوعين من النظام العام ، وعليه إذا كان النظام العام في القانون الوطني لقاضي التنفيذ يحمي مصلحة خاصة بهذه الدولة ، إذ يمكن هنا تسمية هذه المصلحة بالفردية ، عكس النظام العام الدولي بمعناه الحقيقي ، إذ إنه يؤمن ويحمي مصالح المجتمع الدولي المشتركة بين جميع دول هذا المجتمع .

ضوابط يجب مراعتها من قبل قاضي التنفيذ الإماراتي عند تفحصه شرط النظام العام :

حيث هناك تخوف يسود أواسط المتعاملين على المستوى الدولي ، ولاسيما المتعاملين في مجال التجارة الدولية ، ولاسيما الذين يتخذون من التحكيم وسيلة لفض منازعاتهم ، إذ يسود التخوف من مرونة للنظام العام الذي يمكن أن يكون وسيلة أمكن استخدامها من قبل القاضي الذي ينظر في دعوى الأمر بالتنفيذ للحيلولة ، دون منح حكم التحكيم الأجنبي الأمر بالتنفيذ ، مستغلاً مرونة فكرة النظام العام ، وكما أوضحناه بأن مشرع دائرة النظام العام هو قاضي التنفيذ ، الأمر الذي يمنحه سلطات واسعة قد تصل إلى عرقلة تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي .

تسعى الاتفاقيات الدولية المنظمة لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية بنوع من السلاسة ، وذلك من خلال سعيها للتقريب بين التشريعات الداخلية للدول في مجال تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ، ولاسيما من خلال الانضمام إليها ، من مثل اتفاقية نيويورك .

إذ وجب هنا على قاضي التنفيذ الإماراتي عدم التوسع بالدفع بالنظام العام في حال تعارض حكم التحكيم الأجنبي المراد تنفيذه في دولة الإمارات ، وذلك من أجل اعتبارات التعايش المشترك للنظم القانونية على المستوى الدولي بين الدول المختلفة . حيث إن الهدف من الدفع بالنظام العام هو إقامة نوع من التنسيق بين النظم القانونية المختلفة ، وليس بيان التعارض بين هذه النظم ، الهدف من الدفع بالنظام العام الدولي هو حصار الأنظمة القانونية التي تتمرد على التطور وتعصي مقوماته .

وأن يكون على دراية بأن علاقات القانون الدولي الخاص لها خصوصيتها في علاقتها بين الأفراد وحركة التجارة عبر الحدود ، فإن مقتضيات النظام العام هنا تنكمش وتضيق عنها في مجال علاقات القانون الداخلي .

ويجب على القاضي الذي ينظر دعوى الأمر بالتنفيذ أن يدفع بالنظام العام كسبب في رفض تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ، وذلك في حالة الانتهاك الصارخ للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة ، فيجب حصر إعماله ، لرفض الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي في أضيق نطاق . وينبني على ذلك قبول فكرة الأثر المخفف للنظام العام في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية .

_ موقف اتفاقية نيويورك :-

أوردت اتفاقية نيويورك نصاً مماثلاً لما هو وارد في قانون الإجراءات المدنية الإماراتي ، واعتبرت هذه الحالة من الحالات التي يثيرها ويثبتها القاضي الذي ينظر دعوى الامر بالتنفيذ من تلقاء نفسه .

117