اتفاق التحكيم / مفهوم النظام العام وعلاقته بعدم القابلية للتحكيم / الكتب / تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة / مفهوم النظام العام في دولة الإمارات العربية المتحدة
اعتبر المشرع الإماراتي الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية ، كالزواج والميراث والنسب ، والأحكام المتعلقة بنظم الحكم ، وحرية التجارة ، وتداول الثروات ، وقواعد الملكية الفردية ، وغيرها من القواعد والأسس التي يقوم عليها المجتمع بما لا يخالف الأحكام القطعية والمبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية ، اعتبرها كلها مسائل تتعلق بنظام العام ، وذلك وفقاً للمادة الثالثة من قانون المعاملات المدنية الإماراتي .
والملاحظ من هذه المادة بأن المشرع الإماراتي لم يعرف النظام العام تعريفاً جامعاً مانعاً ، إنما أرد فقط حالات على سبيل لمثال لا الحصر ، والتي تعتبر من النظام العام ، الأمر الذي يدفعنا للبحث عن تعريف لفكرة النظام العام عند الفقه ، إذ يرى بعض الفقهاء أن القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام هي القواعد التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية ، أو اجتماعية، أو اقتصادية، تتعلق بنظام المجتمع الأعلى، وتعلو على مصلحة الأفراد .
ومن خلال إبحارنا في بحر النظام العام ، وجدنا هذا النظام يتم الدفع به في دولة الإمارات العربية المتحدة في عدة مجالات ، الأمر الذي سنبنيه فيما يلي :
1 - يتم الدفع بالنظام العام في مجال علاقات القانون الداخلي ، وذلك من قبل أحد الأطراف المعينة ، أو النيابة العامة ، أو القاضي من تلقاء نفسه في أي مرحله من مراحل الدعوى ، ويمكن الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض – التمييز في الإمارات – ويمكن للمحكمة هنا أن تتصدى لفكرة النظام العام من تلقاء نفسها .
2 - يتم الدفع بالنظام العام على علاقات القانون الدولى الخاص ، وذلك وفقاً للمادة (27) من قانون المعاملات المدنية والواردة بخصوص تنازع القوانين من حيث المكان ، والتي تنص على "لا يجوز تطبيق قانون أجنبي عينته النصوص السابقة إذا كانت هذه تخالف الشريعة الإسلامية أو النظام العام أو الآداب في دولة الإمارات العربية المتحدة ".
3 – يتم الدفع بالنظام العام أيضاً على علاقات القانون الدولي الخاص في مجال تنفيذ الأحكام الأجنبية ، وذلك وفقاً لنص المادة (235/2/أ) " لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن ... الحكم أو الأمر لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها ".
ويتعارض حكم التحكيم مع النظام العام من حيث النزاع الذي قضى به ، أو من حيث الإجراءات التي اتبعت في إصداره ، وسوف نعرض بعض منها ، كون البحث لا يسع لعرض كل المسائل التي تتعلق بالنظام العام ، كونها فكرة مرنة عصية التحديد ، ومن أهم هذه الأمثلة :
من حيث النزاع الذي قضى به :
وفقاً للمادة الثالثة من قانون المعاملات المدنية الإماراتي ،سردت بعض المسائل التي تتعلق بالنظام العام تلك الأحكام التي تتعلق بنظام الحكم، وعلى أثره وجب على المحكمة التي تنظر دعوى الأمر بالتنفيذ رفض منح الأمر بالتنفيذ لأحكام التحكيم الأجنبية التي تنصب على نزاع محله مساءلة تتعلق بنظام الحكم ، كأن تتعلق ببطلان أو صحة إعمال إحدى السلطات الثلاثة للدولة التشريعية أو القضائية أو التنفيذية ، هذا لا يعني بأن تكون هذه السلطات في منأي عن الرقابة ، إذ تمارس هذه السلطات رقابة داخلية متبادلة بينها .