اتفاق التحكيم / عدم جواز التحكيم فيما يتعلق بالنظام العام / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / عدم جواز التحكيم في المسائل التي تتعلق بالنظام العام
عدم جواز التحكيم في المسائل التي تتعلق بالنظام العام
يقصد بالنظام العام - أداء التنظيمات الأساسية التي لا غنى عنها لأفراد المجتمع للدور المنوط بها بشكل يحقق الهدف من وجودها. فالنظـام العـام يقتضى أداء المرافق العامة ومنهـا السلطة القضائية لدورها في المجتمع بشكل طيب يحقق الغرض من وجودها.
وكذلك من مسائل النظام العام المسائل التي تتعلق بأسس التنظيم السياسي والاقتصادي (ومن أمثلتها الضرائب وأملاك الدولة) والتنظيم الاجتماعي والاخلاقي للدولة. ومن المعروف تماما أن كل نظم المجتمع تتأثر بتطور المجتمع ذاته. لذلك فان فكرة النظـام العـام تتطور بالتالي فبعض المسائل الاقتصادية تعد في وقت ما من النظام العام، ولكنها لا تعد كذلك في وقت آخر كقوانين التسعير الجبري والتحكيم في مثل مسائل النقد جائز بشرط ألا يخالف قواعد النقد المتعلقة بالنظـام العـام. لذلـك لا يجوز التحكيـم فـي هـذه الأمـور فـي وقـت مـا ولكنـه يـجـوز فـي وقت آخر.
وتتولى محاكم الدولة – كقاعدة تحديد متى تعتبر المسألة متعلقة أو غير متعلقة بالنظام العام لتفصل فيها.
ونرى أن فكرة النظام العام تلعب دوراً هاماً في مجال التحكيم. فهي تؤثر على سبب اتفاق التحكيم فيبطل الاتفاق، اذا كان سببه غير مشروع أو مخالف للنظام العام. وكذلك تؤثر فكرة النظام العام على محل اتفاق التحكيم ومظهر هذا التأثير هـو الحـد مـن ارادة الأطراف عنـد ابـرام الاتفاق. فيترتب على ذلك التمسك ببطلان الاتفاق فوراً دون انتظار لصدور حكم المحكـم ثـم رفع دعوى أصلية ببطلانه. ويمكن التمسك ببطلان الاتفاق عن طريق ابداء دفع أمام محاكم الدولة اذا أثار أحد الخصوم عدم قبولها فيتمسك الآخر بقبولها بطلان اتفاق التحكيم لوروده على مسألة تتعلق بالنظام العام.
وكذلك لا تقتصر فكرة النظام العام على سبب ومحل اتفاق التحكيم لأنه لا يجوز أن يصدر حكم محكمين يخالف النظام العام والا كان باطلاً. فمثلا اذا صدر حكم محكمين يقرر فوائد تخالف النظام العام في الدولة فيكون هذا الحكم باطلا ولو كان اتفاق التحكيم صحيحاً.
(جـ) المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم لتعلقها بطبيعتها بالنظام العام
توجد بعض المسائل التي تتعلق بطبيعتها بالحالة الشخصية للفرد وبالنظـام العـام بحيث لا حاجة للبحث عما اذا كان هناك نص معين يتعلق بالنظام العام قد خولف أم لا، فهي مـن النظـام العام لأنها تستهدف حماية المصالح العليا للمجتمع. ومثال ذلك:
1- الحالة الشخصية:
لا يجوز التحكيم في مسائل الحالة وهي المركز القانوني الذي يحدد وضع الفرد بالنسبة للدولة والمجتمع فلا يجوز التحكيم في مسائل الجنسية كالاقرار بها أو نفيها أو كون الانسان ذكـرا أو أنثى أو حياً أو ميتاً أو مقدار عمـره وكونه متزوجاً أو مطلقا ولا يجوز التحكيم علـى وجـود صحة أو بطلان شروط عقد زواج أو طلاق أو تفريق جسماني أو بنوة طفل أو على حق المواطن في الانتخاب فكل هذه المسائل مستبعدة تماماً من نطاق التحكيم، ولكن يجوز التحكيـم علـى كـون الشخص تاجرا أم لا توصلا لتطبيق نص خاص يتعلـق بالتجـار. فاذا عرض على المحكـم أثنـاء نظره لنزاع يختص به مسألة تتعلق بالحالة تعين عليه وقف الفصل في الخصومة لحين البـت فيهـا بمعرفة قاضي الدولة. ولكن اذا ترتب على الحالة حقوق مالية جاز التحكيم بشأنها فيجوز التحكيم في مسألة مالية مترتبة على الجنسية مثلا كتعويض عن تصرف إداري خاطىء من جانب جهة الإدارة في مجال الجنسية.
2- الأهلية ومسائل الأحوال الشخصية
لا يجوز التحكيم في مسائل الأحوال الشخصية البحتة ومنها مسألة النسب والزواج والطلاق والأهلية أو في قسمة أموال التركة. ولكن يجوز التحكيم في الحقوق المالية التي تترتب على الحالة الشخصية لأنها قابلة للصلح، فيجوز للمطلقة التحكيم على مقدار نفقة العدة ومؤخر الصداق وتلحق الأهلية بمسائل الأحوال الشخصية لأن الأهليـة مـن النظـام العـام فليس لأحد النزول عن أهليته أو التعديل في أحكامها (المادة 48 مدنى مصرى) وقد يفسر منع التحكيم في مسائل الأحوال الشخصية أن الاختصاص بهذه المسائل محدد بمحكمة معينة وهي محكمة الأحوال الشخصية.