الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / عدم جواز التحكيم فيما يتعلق بالنظام العام / الكتب / قضاء التحكيم / المسائل المتعلقة بالنظام العام الداخلى

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    مؤسسة دار الكتب
  • عدد الصفحات

    1156
  • رقم الصفحة

    440

التفاصيل طباعة نسخ

المسائل المتعلقة بالنظام العام الداخلى

      يقصد بالنظام العام في دولة ما، مجموعة الأصول والقيم العليا التي تشكل كيانها المعنوى، وترسم صورة الحياة الإنسانية المثلى فيها وحركاتها نحو تحقيق أهدافها، سياسية كانت أو اجتماعية، اقتصادية كانت أو خلقية، وهي تفرض نفسها على مختلف أنواع العلاقات القانونية فى الدولة، وجوداً وأثراً، وهي دائماً ما تكون في صورة قواعد قانونية آمرة تحكم هذه العلاقات وتبطل كافة التصرفات، عقدية كانت أو غير كذلك، إذا ما خالفت هذه القواعد، ويكون البطلان المطلق هو مآلها، ويحق لكل ذى مصلحة أن يطلب إيطال هذا التصرف، بل ويحق للقاضي أن يتصدى لهذا البطلان من تلقاء نفسه دون حاجة لطلب الخصوم ذلك.

   لا يشترط أن ينص المشرع في نهاية كل قاعدة آمرة على عدم جواز مخالفتها، بل يستطيع القاضـ أن يعمل فكرة بتأثره بالتوجهات المحيطة به فى النظام القانونى الذى يطبقه، حتى يستطيع أن يستخلص عما إذا كانت القاعدة المعروضة عليه أمرة من عدمه، وعما إذا كانت متعلقة بالنظام العام من عدمه.

     فإذا كان اتفاق التحكيم يحمل بين طياته محلاً لنزاعات تتعلق بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، فإن هذا الاتفاق يحمل بين جوانبه عوامل إيطاله، ويصبح اتفاق الأطراف غير قابل للتنفيذ لأن الاتفاق يعد في هذه الحالة باطلاً بطلاناً مطلقاً. أما إذا استمر المحكم في مباشرته لخصومة التحكيم دون أن يلتفت لهذا البطلان، أو للدفع المقدم من أحد طبقاً لمبدأ الاختصاص بالاختصاص، فإن هذا الحكم أيضاً يعد غير قابل للتنفيذ لوقوعه على مسألة تتعلق بالنظام العام وتقول محكمة النقض في حكم لها في هذا الشأن أن مناط استبعاد أحكام القانون الأجنبى الواجب التطبيق على موضوع اتفاق التحكيم، هو أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام في مصر متعارضة الأسس الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بما لا يكفي معه أن تتعارض مع نص قانونى أمر وبالرغم من ذلك فإذا كانت هناك إمكانية للفصل بين ما هو باطل وما هو صحيح فى أجزاء حكم التحكيم وفقا للمادة ٥٣ من قانون التحكيم والتى بيناها أنفا)، فإن البطلان يسرى فقط على الجزء المتعلق بالقاعدة الآمرة أو المتعلق بالنظام العام، أما إذا كانت أجزاء الحكم لا يمكن الفصل فيما بينها، نتيجة للارتباط الوثيق أو نتيجة لتساند الأجزاء بعضها لبعض، فإن هذا الحكم يعد باطلاً في مجموعة، ولا يمكن تنفيذه لاحتوائه على موضوعات تتعلق بعدم القابلية للتحكيم.

 

     وفي قانون التحكيم المصرى نصت المادة ۱۱ على أنه .... لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح وهنا ربط المشرع المصرى بين هذه القاعدة والنظام العام، إذ أن اتفاق التحكيم قد يكون اتفاقا بالصلح، والصلح هنا يقتضى النزول عن جزء من الحق ولهذا فإن الاتفاق على الصلح هو اتفاق  بالنزول والتصرف فى جزء من الحق، ولهذا كان من المنطقى ألا يجوز الصلح إلا حيث يكون للأطراف حرية الاتفاق وتلك الحرية لا تتوافر إذا ما وجدت قاعدة أمرة متعلقة بالنظام العام.

    هذا فضلا عن كون القاعدة الأمرة التى يرى المشرع أنها تتعلق بالنظام العام، هي قاعدة تعنى بالدرجة الأولى المصلحة العامة فهي لا تهم الأفراد بقدر ما تهم المشرع نفسه في رعايته لمصالح العامة للمجتمع، وفي هذه الحالـة يـأبـي المشرع أن يتفق الأطراف على ما يخالف تلك القواعد

1- تعتبر من القواعد المتعلقة بالنظام العام القواعد المتعلقة بالحريات العامة كحرية الرأى والحرية الشخصية وكذلك قواعد قانون العقوبات.

 2 - كما تعتبر القواعد المتعلقة بالاختصاص القضائي فيما عدا الاختصاص المحلى من النظام العام، وكل اتفاق على خلاف تلك القواعد يكون باطلاً لكونه يهدر المصلحة العامة التي استهدفها المشرع بتوزيع العمل علـ جهات القضاء وعلى طبقات المحاكم داخل الجهة القضائية الواحدة.

 3- القوانين التى تنظم النقد والعملة، وهذه القوانين تتعلق بالأسس الاقتصادية للمجتمع.

4- وتعتبر قواعد الأهلية من القواعد الأمرة المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز أن يعطى شخص أهلية غير متوفرة فيه، كما لا يجوز الحرمان من أهلي موجودة، أو الانتقاص منها.