الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / عدم جواز التحكيم فيما يتعلق بالنظام العام / الكتب / قضاء التحكيم / تعلق اتفاق التحكيم بالنظام العام

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    مؤسسة دار الكتب
  • عدد الصفحات

    1156
  • رقم الصفحة

    177

التفاصيل طباعة نسخ

تعلق اتفاق التحكيم بالنظام العام

     لا شك أن إثارة مسألة تحديد الطبيعة القانونية لنظام ما - كما أسلفنا - من الأهمية بمكان بحيث يمكن تحديد الخصائص التى لهذا النظام، والاحكام التي يمكن أن يخضع لها.

     والحقيقة أن تحديد الطبيعة القانونية لاتفاق التحكيم جد هامة، فالعديد من الآثار المترتبة على عملية التحكيم، لا يمكن التكهن بها، أو تحديدها إلا في ضوء التحديد المسبق للطبيعة القانونية لاتفاق التحكيم أو عملية التحكيم كاملة.

     وليس هناك من شك يمكن أن يساورنا حول الطبيعة العقدية لاتفاق التحكيم فاتفاق التحكيم أو مشارطة التحكيم عقد مستقل تماماً، وهو اتفاق رضائی ملزم للجانبين، يخضع لما تخضع له سائر العقود من أحكام.

    فإذا ما امتنع أحد الأطراف عن المثول أمام هيئة التحكيم، كما نص الاتفاق، فإن للطرف الآخر أن يلجأ إلى القضاء لطلب التنفيذ العيني لالتزام الطرف الآخر.

    ويتمتع اتفاق التحكيم بخصوصية فى هذا الشأن فالتنفيذ بمقابل، أو التنفيذ بطريق التعويض غير متصور بالنسبة لعقد الاتفاق على التحكيم.

     ولما كان اتفاق التحكيم اتفاق رضائي فإن للجانبيين كامل الحرية في صياغة بنوده، وهو ما سيكون له تأثير كبير فيما يلى ذلك من مراحل تحكيمية وبخاصة مرحلة خصومة التحكيم .

      وبناء عليه فإن أثر اتفاق التحكيم في خصومة يتمثل في الموضوعات التي يتعين عرضها على الحكمين، وسلطات المحكمين نحو الفصل في النزاع ، وأدلة الاثبات التي اتفق الطرفان على قبولها امام هيئة التحكيم، ومدى حجية هذه الادلة، وتوقيت بدء اجراءات التحكيم ونهايتها والمدة اللازمة لصدور الحكم، ومكان التحكيم ولغته ...إلخ .

    ويترتب على تلك الطبيعة الاتفاقية المحضة لهذه المرحلة من مراحل التحكيم، أنه كما للأطراف حرية إبرام هذا الاتفاق فإن لهم مجتمعون - أيضا - حرية تقرير انهاؤه في أي وقت يشاءون ، وقبل صدور الحكم التحكيمي .

   كما يترتب علي تلك الطبيعة الاتفاقية المحضة - أيضا - أن هذا الاتفاق يتعلق بمصلحة الخصوم ، وليس بالمصلحة العامة ، أو الاجتماعية المتمثلة في إنزال العدالة .

    ولما كان هذا الاتفاق يرتب للخصوم مصالح خاصة ، فإنه يجوز لأي منهما - والحال كذلك - أن يتنازل عن تلك المصلحة المقررة لأجله، وهو ما تقرره أغلب التشريعات .

   من ذلك اعتبار سكوت المدعي عليه - رغم وجود اتفاق التحكيم - عن إبداء اعتراضه علي المثول أمام المحكمة ، قبولا للمثول أمامها وتنازلا عن اتفاق التحكيم الذي أبرمه.

       أن إتفاق التحكيم لا يعد من طوائف العقود الإدارية وهي التي تبرمها الإدارة العامة بقصد تسيير مرفق عام، ولها طبيعة خاصة وآثار خاصة وتعلق اتفاق التحكيم بمنازعة إدارية لا يجعله عقداً إدارياً. وعلى ذلك يحتفظ اتفاق التحكيم باستقلاله عن العقد الأصلى مصدر النزاع.

     واتفاق التحكيم هو عقد مسمى له قواعده الموضوعية الخاصة بالإضافة للقواعد العامة فى القانون المدنى وصعوبة إضفاء التجارية أو الإدارية على عقد التحكيم ترجع إلى أن محله هو في الحقيقة عبارة عن عمل إجرائي بحت، وليس حقا موضوعيا، وإنما هو حق آخر متميز عن الحقوق الموضوعية، ووضع لحماية هذه الأخيرة، هو الحق في التقاضي.

     أى أن محل اتفاق التحكيم هو حق التقاضي، ولا يتضمن التصرف في هذا الحق، وإنما يتضمن تعديلاً في كيفية ممارسته عند نشوء النزاع على الحق الموضوعي.

    ومن جهة أخرى فإن الاتفاق على التحكيم هو عقد ملزم للجانبيين، فكلا منهما يلتزم بعدم طرح النزاع محل الاتفاق على التحكيم على القضاء وبطرحه على هيئة التحكيم.

    ويتميز اتفاق التحكيم أنه يتشئ التزاماً واحداً يقع على عاتق كل من طرفيه على سبيل التبادل، بحيث يكون حقه هو عين التزامه.

   وايضا فإن التحكيم بالقانون يخرج بمضمونه عن عقود المعارضة وعقود التبرع، لأنه لا يرد على حق موضوعى صالح للمعارضة أو للتبرع، بل على عمل إجرائي هو كيفية ممارسة حق التقاضي.

     أما اتفاق التحكيم بالصلح الذى يتضمن موافقة كل من الطرفين على إسقاط جزء من إدعاءاته مقابل إسقاطه خصمة لجزء من إدعاءاته، فإن في ذلك معنى المعارضة.

    ومن جهة ثالثة وفى مجال التمييز بين عقود التصرف وعقود الإدارة يجب التمييز بين التحكيم بالقانون والتحكيم بالصلح .

1- في التحكيم بالقانون لا يعتبر من عقود التصرف لأنه لا يرد على حق موضوعى فهو لا يعتبر من الأعمال النافعة نفعاً محضا ولا الدائرة بين النفع والضرر، أو الضارة محضا . كما أنه لا يتضمن معنى إدارة الحق لأنه لا يمس هذا الحق الذي يرد عليه وهو حق التقاضي .

2- أما التحكيم بالصلح فهو بتضمن إسقاط لجزء من الادعاءات إلى جانب تعديل كيفية ممارسة حق التقاضي .

     ويتضمن التحكيم بالصلح معنى التصرف الدائر بين النفع والضرر، كما يتضمن التصرف فى الحق الموضوعى محل النزاع.

     وصور الاتفاق على التحكيم تنحصر في إثنين هما: اتفاق التحكيم أو مشارطة التحكيم وهو عقد من عقود القانون الخاص يواجه نزاعا قائماً بين الأطراف ويتفقون على حسمه عن طريق التحكيم وشرط التحكيم وهو يواجه نزاعاً محتملاً لم ينشأ بعد وقد لا ينشأ على الإطلاق وهو عبارة عن وعد بالاتفاق على التحكيم فيما إذا نشأ النزاع. ونعالج هاتين الصورتين بالتفصيل اللازم فيما يلى ثم نعالج آثار الاتفاق على التحكيم ونبدأ الدراسة بشرط التحكيم.

شرط التحكيم .

     نصت المادة العاشرة من قانون التحكيم المصرى على شرط التحكيم وهو يواحه منازعات إحتمالية مستقبلية غير قائمة فعلا ويمكن أن تنشأ في المستقبل بين الأطراف وقد لا تنشأ على الإطلاق. وقد استمد شرط التحكيم اسمه من أنه يأخذ في العمل صورة شرط ، من شروط العقد الأصلي توقع الاحتمالية قيام نزاع بشأن تفنيذه أو تفسيره.

    هذا ويعتبر شرط التحكيم غير متعلق بالنظام العام فإذا اتفق طرفان علي ع اللجوء إلى التحكيم كوسيلة لفض المنازعة التي قد تنشأ عن عقد معين بينها ، فإذا أخل أحد الطرفين بهذا الاتفاق عرض النزاع على القضاء فلا يمكن للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها لوجود شرط التحكيم إذ يجب أن يتمسك الطرف الآخر بوجود شرط التحكيم وفي هذا قضت محكمة النقض بأن تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلي التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلا، فإن اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء ، إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة علي حدة علي اتفاق الطرفين ، وهذه الطبيعة الاتفاقية التي يتسم بها شرط التحكيم، وتتخذ قوامها لوجوده تجعله غیر متعلق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بأعماله من تلقاء نفسها ، وإنما يتعين التمسك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمنا ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع ، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبل نظـ الموضوع نزولا ضمنيا عن التمسك به ، فإذا كان ما صدر عن الخصم صاحب المصلحة في التمسك به ، قبل إبدائه من طلب الحكم في الدعوى دون تمسكه بشرط التحكيم وطلب التأجيل للصلح والاتفاق علي وقف الدعوى لإتمامه يفيد تسليمه بقيام النزاع أمام محكمة مختصة ، ومواجهته موضوع الدعوى ، فإنه بذلك يكون بذلك قد تنازل ضمنا عن الدفع المشار إليه مما يسقط حقه فيه".

 

(طعن رقم ١٩٤ لسنة ٣٧ ق. لسنة1984/4/10)