اتفاق التحكيم / عدم جواز التحكيم فيما يتعلق بالنظام العام / الكتب / النظام القانوني الواجب الإعمال على العقود الإدارية الدولية أمام المحكم الدولي / استبعاد القانون الواجب الإعمال لمخالفته النظام العام الدولي
استبعاد القانون الواجب الإعمال لمخالفته النظام العام الدولي
قد يلجأ المحكم الدولي إلى استبعاد القانون الواجب الإعمال على ولم العقد الإداري الدولي لمخالفته النظام العام الدولي، فما هو هذا النظام؟ وما الذي يميزه عن النظام العام الداخلي؟ وما الذي يميز النظام العام الدولي بمفهوم القانون الدولي الخاص عن النظام العام عبر الدولي ؟
فإن الصفة الوطنية للنظام العام الدولي لا تعني اختلاطه بالنظام العام الداخلي، فلكل من النظامين العامين علاقاته التي تحركه والدور العلاقات الخاصة الفني الذي يلعبه فعلاقات النظام العام الدولي هي ذات الطابع الدولي وعلاقات النظام العام الداخلي هي العلاقات الداخلية المجردة .
ثانياً - فكرة النظام العام عبر الدولي
اختلف الفقه حول تسمية النظام العام الذي يجب أن يعتد به في نطاق العلاقات القانونية الدولية، فالبعض يطلق عليه تسمية النظام العام الدولي الحقيقي، والبعض الآخر يشير إليه تحت اسم النظام العام للقانون التجاري الدولي والبعض الثالث يبحثه تحت اسم النظام العام غير الوطني، والبعض الآخر يبحثه تحت اسم النظام العام عبر الدولي.
وبالتالي فإن النظام العام عبر الدولي قد يحظر تصرفات معينة تكون مشروعة في ضوء القانون المختار .
إلا أن جانب من الفقه أنكر وجود النظام العام عبر الدولي، واستندوا في ذلك إلى أن المحكم الدولي غالباً ما يستند إلى ما يمليه عليه ضميره انطلاقا من عدم وجود قانون اختصاص له، ففي هذه الحالة كل القوانين تعد أجنبية بالنسبة للمحكم الدولي وفي ذات المرتبة من حيث إمكانية تطبيقها، ما يعني إلزام المحكم بتطبيق قواعد نظام عام بمفهوم القانون الدولي الخاص، الأمر الذي سيجعله يتصرف كالقاضي في الدولة التي اختار الأطراف قانونها أو المحدد من قبله .
وقالوا أيضاً إنه ليس هناك إجماع حول فكرة النظام العام عبر الدولي ثم إن الأنظمة القانونية الداخلية باستطاعتها أن تقدم نفس الحلول، الأمر الذي يجعل فائدة النظام العام عبر الدولي ووجوده محل شك، ودليلهم على ذلك أن بعض القرارات التحكيمية عمدت إلى إبطال العقود لعلة الرشوة استناداً إلى الأنظمة العامة الداخلية قبل الاستناد إلى النظام العام
الدولي.
أخيراً قالوا بأن فكرة النظام العام عبر الدولي غامضة قالت بها الدول المتقدمة لإهدار مصالح الدول النامية، وأنه لا يمكن القول بوجود نظام عام عبر الدولي إلا عندما تتلاشى الهوة التي تفصل بين دول العالم المتقدم والدول المتخلفة .
وفي معرض الرد على حجج الاتجاه الذي أنكر وجود فكرة النظام العام عبر الدولي اعتبر جانب من الفقه المؤيد لهذه الفكرة إلى أنه لا يمكن الاعتداد بمسألة استناد المحكم إلى ضميره لأن ذلك يعني أن الأطراف المتعاملين في ميدان التجارة الدولية يكونون في حالة من عدم التوقع مع العلم أنهم مهتمين بالحلول المتوقعة، لذلك فإن فكرة النظام العام عبر الدولي تؤمن حالة التوقع.
من جهة أخرى إن اللجوء إلى ضمير المحكم قد تؤثر على فعالية القرار التحكيمي، نظراً لاختلاف المفاهيم القانونية والثقافية التي يعتنقها المحكم عن تلك السائدة في مكان التنفيذ المحتمل للقرار، بينما إذا اعتمدت فكرة النظام العام عبر الدولي فلا مجال لهذا الاختلاف نظراً لأن هذا النظام يسمو على الأنظمة العامة الداخلية.
ثالثاً ـ النظام العام المطروح أمام المحكم الدولي
نخلص مما سبق إلى أن النظام العام المطروح أمام المحكم الدولي ليس نظام عام استبعادي، نظراً لأن هذا النظام ذو طابع وطني بالنظر إلى قانون دولة القاضي.
والمحكم الدولي ليس مرتبطاً ولا تابعاً لدولة معينة يمارس مهامه باسمها، لذلك فإن المحكم لا يشعر أنه حام لقواعد أساسية لأي دولة .
إلا أنه ملزم بمراعاة ثلاثة أنواع من النظام العام :
۱ - النظام العام الدولي الحقيقي، وهو نظام عام عبر الدول والذي يتكون من القواعد المشتركة فيما بينها والتي تلقى قبولاً وتطبيقا عاماًمن هذه الدول.
۲ - النظام العام المانع في الدول المعنية بالعلاقة مباشرة والتي تطلق نوعاً معيناً من القوانين هي القوانين الحتمية التطبيق .
3 - النظام العام في الدول المعنية بالعلاقة المنازع فيها مباشرة، على اعتبار أن هذه الدول تستطيع دائماً أن ترفض تنفيذ القرار التحكيمي على إقليمها، كما أنها تستطيع إبطال هذا القرار عندما يكون مخالفاً لنظامها العام .
الواقع أنه في ظل الحرية الواسعة المعطاة لإرادة الفرقاء، يمكن القول أن للفرقاء استبعاد القواعد التي تبطل العقد من القانون المختار .
فإذا نص العقد على أن كافة المسائل التي لم ينظمها العقد، يحكمها القانون اللبناني، فإن على المحكم الدولي أن يراعي شروط العقد حتى ولو كانت باطلة وفقا للقانون اللبناني .
أما اذا نص على أن العقد يحكمه القانون اللبناني، فإن معنى ذلك تطبيق كافة القواعد القانونية على العقد بما فيها المتعلقة بالنظام العام.
رابعاً - تحكيم
وأبرز هذه الأحكام حكم محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس في حكمها رقم ١٤٣٤ الصادر سنة ١٩٧٥ وتحكيم Sapphire ، وفيما يلي أبرز ما ورد في هذا الحكم: