الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / عدم جواز التحكيم فيما يتعلق بالنظام العام / الكتب / أثر النظام العام في الحد من اللجوء إلى التحكيم / عدم جواز التحكيم

  • الاسم

    د. ماهر محمد حامد
  • تاريخ النشر

    2012-10-10
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    191
  • رقم الصفحة

    36

التفاصيل طباعة نسخ

فالمحكم عبارة عن شخص يثق فيه الأطراف، فعهدوا إلية وبالفصل في خصومتهم، وقد يتم تعيين هذا المحكم من قبل المحكمة في أحوال معينة .

وتجدر الإشارة إلى أنه يجب أن تتوافر في المحكم عدة شروط، كي يكون تحكيمه صحيحا، وقد اختلفت التشريعات العربية بين بعضها البعض فيما يتعلق ببعض هذه الشروط، خاصة فيما يتعلق بشرط الجنسية، ومدى كون المحكم مسلما، ومدى تولى المرأة التحكيم، ومدی اشتراط ألا يكون المحكم جاهلا للقانون.

لم يمنع القانون اليمني رقم ۲۲ لسنة ۱۹۹۲ أن يكون المحكم أجنبية، فلم يشترط أن يكون من جنسية معينة، وهو بذلك يتفق مع ما ذهب إليه المشرع المصري في المادة (16).

ولكن ما ذهب إليه نظام التحكيم السعودي من ضرورة أن يكون المحكم مسلما  ، يدعونا إلى التفكير مرة أخرى حول شرط الجنسية في القانون المصري أو في القانون اليمني، فإذا كان المشرع المصري قد أجاز للأجنبي أن يكون محكما، وكذلك المشرع اليمني، فإن السؤال الذي يمكن إثارته في هذا الصدد، يتعلق بمدى اشتراط أن يكون هذا الأجنبي مسلما من عدمه، وأعتقد أن المشرع المصري لم يشترط أن يكون المحكم مسلما أما من ناحية المشرع اليمني، فقد ذهب رأي إلى أن الجنسية اليمنية ليست شرطا أساسيا في المحكم، لكن يجب أن تتوافر فيه شرط العدالة والمعرفة بأمور القضاء، ولا يمكن توافر شرط العدالة إلا إذا كان المحكم مسلم وتجدر الإشارة إلى أن ما ذهب إليه نظام التحكيم السعودي يتفق مع ما ذهب إليه الفقه الإسلامي، حيث يشترط أن يكون المحكم مسلما ، لأن مهمته الأساسية هي تطبيق الشريعة الإسلامية ، ولا يجوز تحكيم الكافر ليتولى الفصل في المنازعات بين المسلمين ، خاصة وأن الكافر لا تصح شهادته على المسلم ، ومن ثم، فإن الإسلام شرط في صحة تولية المحكم، ودون ذلك، فإن حكمه لا يكون صحيحا ، خاصة وأن غير المسلم لا يعرف الأحكام الشرعية، وبالتالي يكون حكمه بغير ما أنزل الله .

وبالتالي لا يشترط في هذه الحالة، أن يكون المحكم مسلما، خاصة وأن أحكام الشريعة الإسلامية لا تكون في هذا الفرض هي الواجبة التطبيق.

وهذا هو ما أكده الحنفية، حيث يجوز تحكيم غير المسلم في نزاع بين غير المسلمين، وذلك لأنه يكون من أهل الشهادة في هذه الحالة، وكل من تقبل شهادته في أمر، جاز تحكيمه فيه .

وقد رأى البعض الآخر خلاف ذلك، لأن الشهادة أدنى مرتبة من ولاية الحكم، فمن جاز شهادته في أمر يعتبر قد جاز في الأدنى ولا يصلح للأعلى ولكن العكس صحيح، ومن ثم فمن جاز ولايته في الحكم، جاز شهادته .

وجدير بالذكر، أنه إذا كان جمهور الفقهاء قد اشترطوا الإسلام في المحكم على أساس أن أحكام الشريعة الإسلامية، هي التي تكون واجبة التطبيق، فإن ذلك يعني إمكانية أن يكون المحكم من غير المسلمين، إذا كان الواجب التطبيق على النزاع أحكام أخرى غير الشريعة الإسلامية، وهذا هو ما أكده المشرع المصري على عكس اتجاه المشرع السعودي، حيث اشترط الأخير وجود أن يكون المحكم مسلما انما الأول فلم يشترط ذلك.

واعتقد من جانبي أن ذلك يمكن أن يكون مقبولا ، لأنه إذا كان هناك تخوف من ممارسة القاضي العامل لمهمة التحكيم، لإن ذلك قد يؤثر على القضايا المعروض عليه في المحاكم، مما قد يضر بحقوق المواطنين المتخاصمين، فإنه لا مبرر لذلك بعد إحالته للتقاعد، بل أری أيضا أن السماح له بالمهام التحكيمية سيثرى عملية التحكيم، ويطمئن المتحاكمين، حيث قد جمعوا بين ضمان سرعة الفصل في النزاع، وبين الضمانات التي قد يوفرها لهم هذا القاضي المقاعد من خلال خبرته كعمله في القضاء من قبل.