الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / عدم جواز التحكيم فيما لا يجوز الصلح فيه / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر النظام العام عل اتفاق التحكيم ( دراسة مقارنة ) /  موقف المشرع من مسألة قابلية وعدم قابلية المحل للتحكيم

  • الاسم

    مناحي خالد محمد الهاجري
  • تاريخ النشر

    2012-01-01
  • عدد الصفحات

    639
  • رقم الصفحة

    166

التفاصيل طباعة نسخ

 موقف المشرع من مسألة قابلية وعدم قابلية المحل للتحكيم

موقف المشرع من مسألة محل للتحكيم

   تعرض المشرع المصري من خلال قـانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 من خلال نص المادة 11 منه لمسألة القابلية للتحكيم وذلك بالنص على أنه " ........ لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح .

   ويطابق النص المصرى سالف الذكر ، نص المشرع القطري في قانون التحكيم رقم 13 لسنة 1990 من خلال نص المادة 190 منه والتي تنص على أنه : " يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ولا يصح التحكيم إلا لمن له أهلية التصرف في حقوقه " .

   وعلى ضوء ما تقدم نستطيع أن نقرر وكما ذهب البعض إلى أن الأصل هو جواز التحكيم والاستثناء هو عدم القابلية للتحكيم في قانون التحكيم المصرى الجديد ، وذلك حيث أن المشرع في المادة 11 من هذا القانون أشار إلى المسائل التي لا يجوز بشأنها التحكيم ، أما ما عدا ذلك فيجوز بشأنه التحكيم ، ولا يقـدح من ذلك ما تواترت عليه أحكام محكمة النقض المـصرية واتفق عليـه الفقـه المصرى من أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخـروج على طرق التقاضي العادية ، وذلك لما في التمسك بهـذا المفهـوم الاستثنائي للتحكيم من آثار تؤدى إلى اعتبار عدم القابلية للتحكيم هي الأصل ومـن جـواز التحكيم الاستثناء على هذا الأصل مع كل ما قد يترتب على هذا التفسير من آثار تهدد نظام التحكيم ذاته .

   والقاعدة العامة في القانون المصرى هي خضوع مسألة تكييف القابليـة للتحكيم للقانون المصرى كلما كانت هذه المسألة محل بحث من المحاكم المصرية ، حيث تنص المادة العاشرة من القانون المدنى المصرى علـى أن " القـانون المصرى هو المرجع في تكييف العلاقات في قضية تتنـازع فيهـا القـوانين ، لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها " .

   والواقع أن الوقوف على تكييف مسألة القابلية للتحكيم ، يعد من الأمور الهامـة لبيان وضع اتفاق التحكيم والأثر المترتب على هذا التكييف ، حيـث أن النظـ لعدم القابلية من زاوية الأثر المترتب عليه، من الممكن أن يـؤدي إلـى نـتـائج مختلفة ، فعدم قابلية النزاع للتحكيم في عدد من الأنظمة القانونية المقارنة يعتبر سبباً لبطلان اتفاق التحكيم ، ومن زاوية أخرى فإن عدم القابلية إذا ما تقـرر أو قضي به من شأنه على وجه التأكيد أن يجرد اتفاق التحكيم مـن أثـره الـسـالب للاختصاص القضائي لمحاكم الدولة وكذلك فعدم القابلية للتحكيم يمكن أن يكـون أيضاً سبباً لبطلان حكم التحكيم ، وإذا كان هذا الحكم أجنبياً فعدم القابلية للتحكيم يمكن أن تكون سبباً لرفض تنفيذ هذا الحكم في الدولة المطلوب التنفيذ بها .

   والملاحظ أن المشرع المصرى أخذ في تكييف مسألة القابليـة للتحكــم باعتبارها شرطاً من شروط صحة اتفاق التحكيم ، ودليل ذلك نص المادة 11 من القانون رقم 27 لسنة 1991 والذي تضمن حظر التحكيم في المسائل التـي لا يجوز فيها الصلح .

   ومما لا شك فيه أن القاضى المصرى يتقيد بالتكييف الذي تبناه واعتنقـه قانون التحكيم الجديد لمسألة القابلية للتحكيم وذلك باعتباره مخاطباً بأحكام هـذا القانون وملزماً بتطبيق أحكامه .

   وتجدر الإشارة إلى أن تقيد القاضي المصري بهذا التكييف يقوم في سائر الفروض التي يمكن أن تثار فيها مسألة القابلية للتحكيم أمام هذا القاضي ، فيتقيد القاضي المصري بهذا التكييف إذا ما أثيرت مسألة القابلية للتحكيم بصدد تحكــم يجري في مصر أو بصدد تحكيم يجرى في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام قانون التحكيم المصرى الجديد . ولا يختلف الأمر سواء كانت الـدعوى المرفوعة أمام القاضي المصري هي دعوى مبتدأة بطلب إبطال اتفاق التحكــم تأسيساً على عدم قابلية النزاع للفصل فيه بطريق التحكيم ، أو كانـت دعـوى مرفوعة لهذا القاضي في منازعة يوجد بشأنها اتفاق تحكيم فيدفع فيهـا بـبطلان اتفاق التحكيم تأسيساً على عدم قابلية هذه المنازعة للتحكيم ، ومن ثم يطلب مـن المحكمة الوطنية الفصل في موضوع النزاع ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى تأسيساً على ( المادة 13 من قانون التحكيم الجديد ) ، وهو الدفع الذي كان مـن الواجب الاستجابة إليه لو كان اتفاق التحكيم صحيحاً .

   ويمكن القول بأن قانون التحكيم يأخذ بقاعدة فورية التطبيق ، بمقتضاها تخضع التحكيمات التي يسري عليها هذا القانون وهي تلك التي تجرى في مصر أو تجري في الخارج واتفق الأطراف على إخضاعها لأحكام القانون المذكور ، لقواعد القانون المصري وحده والتي تنظم مسألة قابلية النزاع للتحكيم من عدمه - ، وذلك دون أية مزاحمة من قانون آخر .

   أما التحكيمات التي لا يسرى عليها قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 وهي التي تجرى في الخارج ولا يتفق فيها على تطبيق هـذا القـانون ، فهي تخرج بحسب الأصل من مجال تطبيق القانون المصرى . ومع ذلك فأحكام التحكيم التي تصدر في هذه التحكيمات باعتبارها بالنسبة لمصر أحكاماً أجنبيـة فإنها في حالة استقبالها في مصر ، أي في حالة طلـب تنفيـذها فيهـا ، يلـزم بمقتضى حكم كل من ( المادة 299 ) مرافعات وهي التي تنص على أن أحكـام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي يجب أن تكون صادرة في مسألة يجوز التحكيم فيها طبقاً للقانون المصرى ، ( المادة 2/5 ) من اتفاقية نيويورك 1958 ، وهي التي تنص على إمكانية رفض الدولة المستقبلة لتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي إذا ما تبين أن النزاع الذي صدر فيه هذا الحكم لا يجوز تسويته عن طريـق التحكــم وفقاً لقانون هذه الدولة المستقبلة ، فيلزم أن تكون صادرة في مسألة يجوز فيهـا التحكيم وفقاً لقانون التحكيم المصرى ، أي أن مسألة قابلية النزاع للتحكــم فـي هذه الحالة تعتبر شرطاً لإمكان تنفيذ حكم التحكيم الأجنبـي ويخضع للقـانون المصرى وحده وتلك أيضاً قاعدة واجبة التطبيق بصورة ضرورية أو مباشـرة مما لا يقبل معها التزاحم بين القانون المصرى وأي قانون آخر .