اتفاق التحكيم / عدم جواز التحكيم فيما لا يجوز الصلح فيه / الكتب / النظام القانوني للتحكيم "دراسة مقارنة " / مدى علاقة النظام العام بالقابلية للتحكيم من حيث الموضوع
مدى علاقة النظام العام بالقابلية للتحكيم من حيث الموضوع
لما انتهت إليه منظمة الأمم المتحدة الذى انبثقت عنه اتفاقية نيويورك من تسجيل رفض المؤتمر لإقحام فكرة النظام العام فى خصوصية القابلية للتحكيم بعدم وضع نصوص محددة واضحة تبرز حدود ومضمون فكرة النظام العام بطريقة قاطعة، وتبين ما يجوز وما لا يجوز من مسائل قد تقبل التحكيم أو ترفضه وما انتهى إليه المؤتمر فى هذا الخصوص لمراعاته تباين مواقف الدول إزاء قضاء التحكيم من الأساس، وكذلك تباينها فيما يتعلق بفكرة النظام العام، سواء الداخلي منه أم الدولى بما يعنى وجوب وضع هذا الأمر محلا لاجتهادات فقهية وقضائية بالنسبة لما ستسفر عنه القوانين الداخلية لمختلف الدول المنظمة للاتفاقية لتحديد المسائل التي يمكن أن تطرح على التحكيم.
وهذا ما أشارت إله بوضوح أحكام المادة لخامسة فقرة ٢/أ من الاتفاقية .
وفي هذا الصدد أعدت حكمة استئناف باريس فى حكمها الصادر في ١٩٩٣/٥/١٩ بأن قابلية النزاع للتحكيم لا تستبعد لمجرد أن هناك تنظيمًا متعلقًا بالنظام العام يطبق على الحق محل النزاع، ففى النطاق الدولي يقدر المحكم اختصاصاته فيما يتعلق بقابلية النزاع للتحكيم بالنظر للنظام العام الدولي.
وفي ضوء المادة (۱۱) من القانون المصرى للتحكيم الى أشارت إلى أنه لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز الصلح فى المسائل المتعلقة .. أو بالنظام العام فليس بالضرورة هنا أن تلك المسائل المتعلقة بالنظام العام المصرى تمثل في الوقت ذاته انتهاكًا للنظام العام الدولى كما أن هناك مسائل لا تتعارض مع النظام العام المصرى، إلا أنها تتعارض مع النظام العام الدولي، ولعل الفكرة الرافضة فى كثير من الأحيان للجوء إلى قضاء التحكيم كانت من منطلق عدم الثقة منذ بدء ظهوره فيه خوفا على مصالح المجتمع ولارادة حمايتها تم الأخذ بوسيلة فعالة فى هذا الصدد وهى الاحتماء بفكرة النظام العام وبأفكار أخرى قد تؤدى إلى ذات الغرض، إلا أن فكرة النظام العام كانت هي الفكرة الأقدر فى هذا المجال لتحجيم قضاء التحكيم، إلا أنه سرعان ما تبدلت الأحوال من عدم الثقة إلى الثقة بقضاء التحكيم وإمكانياته بدوره أن يحقق مصالح المجتمع كذلك، وهو ما كانت له أكبر الأثر في تراجع وانحسار فكرة النظام العام.
وفي خاتمة ذلك العرض وفى ضوء الكثير من المتغيرات التي استجدت وبصفة سريعة ومتلاحقة على المجالين الداخلي والدولي في مجال العلاقات التجارية الدولية وما استتبع ذلك من خلق أنشطة تجارية وظهور ما يمكن تسميته العلمية بالسوق والتنوع السلع والخدمات بين الأمم التي يمكن أن تكون ناشئة عن تلك العلاقات، وإزاء كل ذلك ظهرت بوادر الخشية من فكرة العولمة باعتبارها مصدرًا مُهما وخطيرًا يهدد الأمن الاقتصادي في النظام العام، وهو ما يتطلب إيجاد تنظیم عالمى لضمان استقرار المعاملات والشفافية؛ حرصا على احترام حقوق الأفراد ولظهور الشركات المنتجة، التي تخطت حدود الدول كان من الطبيعي أن تنهض فكرة التحكيم التي استدعت عبر تطور مهم فيما يتعلق بالتحكيم التجارى الدولى، خاصة والتحكيم الدولى بصفة عامة إلى تراجع وانحسار فكرة النظام العام الداخلى أمام فكرة النظام العام الدولي.