وفقًا لنص المادة ١ ١ من قانون التحكيم... لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح... فلا يصلح محلًا للتحكيم إلا الحق الذي يجوز التصالح عليه طبقًا لأحكام القانون المصري وتتولى المادة ٥٥١ مدني بيان الأحوال التي لا يجوز فيها الصلح بنصها على أنه «لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام. ولكن يجوز الصلح على المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم». وعلة منع التحكيم والصلح في المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية أو بالنظام العام هي رغبة المشرع في بسط ولاية القضاء العام عليها.
ولعدم جواز التحكيم بالنسبة للمسائل المتعلقة بالحالة الشخصية فأنه لا يجوز التحكيم بشأن حالة شخص معين أو أهليته، أو لتحديد من صاحب الولاية أو الوصاية عليه، أو لتحديد نسب شخص معين، أو الفصل في منازعة حول الحق في حضانة طفل، أو الفصل في دعوى تطليق للضرر أو في دعوى خلع، أو الفصل فيما إذا كان الزواج صحيحًا أو باطلًا، لو ما إذا كان قد حدث طلاق لم لا، أو حول حق الزوج في الطلاق، لو حول ما إذا كان الشخص يعتبر مفقودًا أم لا. كما لا يجوز التحكيم حول نسب طفل إلى والده أو حول حق شخص في الإرث. ومع ذلك، فإنه يجوز التحكيم بشأن الحقوق المالية المترتبة على الحالة الشخصية كما هو الحال بالنسبة لتحديد مبلغ نفقة الزوجية أو نفقة المتعة.
وعدم جواز التحكيم بالنسبة للمسائل المتعلقة بالنظام العام يقتضيه ليس فقط نص المادة ۲/ ۱۱ من قانون التحكيم ولكن أيضًا النصوص العامة في القانون المدني. فاتفاق التحكيم شأنه شأن أي عقد يجب - كما قدمنا - أن يكون محله قابلًا للتعامل فيه. ولكي يكون المحل قابلًا للتعامل فيه يجب ألا يخالف النظام العام. ولهذا تنص المادة ١٣٦ مدني على أنه إذا كان محل الالتزام مخالفًا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلًا»، وعلى هذا فاته إذا كان اتفاق التحكيم ينشئ التزامًا على عاتق كل من الطرفين بالالتجاء إلى التحكيم، فإن الالتجاء إلى التحكيم باعتباره محلًا للالتزام يجب ألا ينصب على ما يتعلق بالنظام العام، وإلا كان اتفاق التحكيم باطلًا.
ومن الصعب تعريف ما يتعلق بالنظام العام، وإن كان من المتفق عليه أنه مجموعة القواعد التي تنظم المصالح الأساسية السياسية لو الاقتصادية أو الاجتماعية في المجتمع. ومن هذه قواعد قانون العقوبات إذ هي ترمى إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع، والقواعد التي ينص عليها الدستور والتي تحدد الحقوق والحريات العامة والقواعد التي تحمي المصالح الاقتصادية العامة للدولة، والقواعد التي تحمي مصالح اجتماعية لبعض فئات المجتمع.
كما أن من الصعب وضع تحديد حصري لما لا يجوز التحكيم فيه لتعلقه بالنظام العام. ولكن يمكن إعطاء أهم الأمثلة. فتطبيقًا لهذا الشرط لا يجوز التحكيم حول امتداد عقد إيجار مكان مما يخضع للامتداد القانوني وفقًا لقانون إيجار الأماكن، أو حول تحديد أجرة مكان يخضع للتحديد القانوني للأجرة، أو حول حق العامل في الحد الأدنى للأجرة، كما لا يجوز الاتفاق على عرض مسألة شهر إفلاس تاجر أو ما يتفرع عن شهر الإفلاس من مسائل تتعلق بالتفليسة على هيئة محكمين إذ هذه تتعلق بتنفيذ جماعی.
ولا يصح الاتفاق على التحكيم على دستورية قانون أو على تنازع بين حكمين متناقضين، أو على قانونية لائحة، أو على صحة قرار إداري لو على عدم صلاحية قاض لنظر الدعوى، أو على استحقاق ضريبة أو عدم استحقاقها، أو على أية مسألة تدخل في الاختصاص المانع للقضاء الجنائي سواء ما تعلق بحدوث الفعل المجرم أو تكييفه أو تحديد المسئول عن جريمة معينة، أو على ملكية أو حيازة مال من الأموال العامة إذ هذه لا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم كما لا يجوز بشأنها الصلح أو التحكيم، أو حول ما إذا كان لشخص الحق في الانتخاب، أو الترشيح
لأحد المجالس النيابية. كما أنه لا يصح أن يكون محلًا للتحكيم مجرد إصدار حكم مستعجل بإجراء وقتي وليس الفصل في موضوع المنازعة إذ نظام التحكيم شرع للفصل في المنازعات.
ومن المقرر كذلك أنه لا يجوز التحكيم بشأن المنازعات التي أن عرضت على قضاء الدولة يجب إخطار النيابة العامة للتدخل فيها وجوبًا أو جوازًا، إذ النيابة لا تعمل أمام هيئات التحكيم، والتحكيم بشأنها يحول دون تمكين النيابة من إبداء الرأي بشأنها.
وقد ثار خلاف حول إمكانية التحكيم في نزاع على ورقة تجارية (كمبيالة- سند اذني- شيك). والراجح أنه يمكن الاتفاق على خضوع هذا النزاع للتحكيم. ويتصور هذا في كمبيالة أو سند إذني يتضمن عبارة... والتقاضي بواسطة محكم فرد أو ثلاثة محكمين. كما يمكن تصوره بالنسبة لشيك إذا كان الشيك قد تم إصداره تنفيذًا لالتزام وارد بعقد يتضمن شرط تحكيم بالنسبة لكل ما ينشأ من العقد أو متعلقًا أو مرتبطًا به من منازعات أو بالنسبة لما يثور من منازعات حول تنفيذ العقد... إذ عندئذ يمتد شرط التحكيم استضاف القاهرة دارة ۹۹ تجاري علبة ٢٠٠٣/٥/٢٨ في المدعوين ١ و ٧٢ له ۱۱۹ تحكيم لي ما يثور من نزاع حول الشيك الذي هو أداة تنفيذ الالتزام الوارد بالعقد.
وعلى العكس، إذا لم تتعلق المنازعة المتعلقة بالشركة بالنظام العام فإنه يجوز التحكيم بشأنها. ولهذا حكم بأنه يجوز التحكيم في مسألة فصل الشريك من الشركة.
ويلاحظ أنه إذا كان محل النزاع حقًا ماليًا، ولكن يفترض للفصل فيه الفصل في مسألة الاولية مما لا يجوز فيه التحكيم مما سلف بيان أمثلة منها، فإن الحق المالي المبني على هذه المسألة يصلح لأن يكون محلًا للتحكيم، إلا إذا كانت المسألة الأولية مما يخرج عن نطاق ولاية قضاء الدولة كما هو الحال بالنسبة لأعمال السيادة. فإن كانت المسألة الأولية لا تخرج عن نطاق هذه الولاية، فإن التحكيم يصح بشأن الحق المالي، ولكن يجب على هيئة التحكيم أن توقف الفصل في إجراءات التحكيم حتى يتم الفصل في المسألة الأولية بحكم نهائي من قضاء الدولة، وفقًا للمادة ٤٦ من قانون التحكيم. ومن هذا التحكيم حول التعويض الناشئ عن جريمة جنائية، لو التعويض المبني على ثبوت أو عدم ثبوت علاقة تتعلق بالأحوال الشخصية.