أن كل نزاع ذا طابع مالي يكون قابلا للتحكيم ونجد أن بعض التشريعات الوطنية قصرت مجال إعمال هذا المعيار على التحكيم الدولي ومنها ما جعله يمتد ليشمل التحكيم الداخلي والدولي معا فالمشرع السويسري على سبيل المثال ينص على أن كل قضية ذات طابع مالي يمكن أن تكون موضوع تحكيم فهذا الشرط استبعد المنازعات ذات الطبيعة غير المالية في إطار التحكيم الدولي لأن المشرع السويسري يتبنى في التحكيم الداخلي معيار القابلية في التصرف ومعيار الاختصاص الحصري للمحاكم ، وذات المعايير يتبناها المشرع الموريتاني.
المشرع الألماني من التشريعات التي أخذت معيار الطابع المالي للنزاع في التحكيم الداخلي والدولي فقد نص على أن كل نزاع ذو طبيعة مالية يمكن أن يكون موضوع اتفاق تحكيم وأن اتفاق التحكيم الذي يتناول نزاعات ذات طبيعة غير مالية ينتج آثاره عندما يكون الأطراف يملكون حرية التصرف بالتصالح عن موضوع النزاع فالمشرع الألماني ومن خلال هذه المادة أخذ بمعيار الطابع المالي للنزاع كمعيار أساسي وبمعيار حرية التصرف بالحقوق (التصالح) كمعيار احتياطي .
المادة المذكورة تتعلق بتكييف التحكيم فهي تحدد الحالات التي يكون فيها التحكيم تجاريا أو غير تجاري وليس المنازعات القابلة للتحكيم فالمادة تتعلق بتحديد التحكيم التجاري الذي يتخذ الطابع الاقتصادي ولا علاقة لها بتحديد الطابع المالي للنزاع الخاضع للتحكيم، كما أن صياغة المادة لا تدل على ذلك لأن المشرع المصري أن كان يريد تبني معيار الطابع المالي للنزاع لجاءت صياغة النص بطريقة مختلفة عما هي عليه الآن كأن ينص مثلا على أنه يجوز التحكيم في المنازعات الناشئة عن علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي أو يتبنى نصا كنص المادة (177) من القانون الدولي الخاص الفيدرالي السويسري أو المادة (1030) من قانون المرافعات المدنية الألماني.