الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / وجوب أن يكون محل التحكيم حقاً مالياً / الكتب / التحكيم والنظام العام / عدم القابلية للتصرف الطابع غير المالي لموضوع النزاع

  • الاسم

    د. إياد محمد بردان
  • تاريخ النشر

    2004-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    793
  • رقم الصفحة

    300

التفاصيل طباعة نسخ

عدم القابلية للتصرف الطابع غير المالي لموضوع النزاع

الأول : منع التحكيم في مادة الأحوال الشخصية والحقوق الشخصية

  تشمل مسائل الأحوال الشخصية التي لا يمكن اللجوء إلى التحكيم بشأنها، المسائل المتعلقة بتحديد حالة الشخص القانونية إزاء الدولة والمجتمع، فجميع المسائل المتعلقة بعمر الشخص أو أهليته أو تحديد جنسه وجنسيته وكذلك المسائل المتعلقة بتحديد وضعه العائلي كالزواج والطلاق والخطبة وفسخها وكذلك مسائل البنوة كالتبني والإقرار بالنسب ... إلخ. لا يجوز إخضاعها للتحكيم.

  وبالنسبة للحقوق الشخصية، فإن ما لا يجوز فيه التحكيم،هو الحقوق الشخصية التي لا تعد مالاً بين الناس حسب منطوق المادة ۱۰۳۷ م. ع. معطوفة على المادة ۱۹۲ منه والتي تنص على أنه لا يجوز المصالحة على الأمور المختصة بالأحوال الشخصية أو بالنظام العام ولا على الحقوق الشخصية التي لا تعد مالاً بین الناس وإنما تجوز على مصلحة مالية ناشئة عن أمر يتعلق بالأحوال الشخصية أو عن إحدى الجرائم. ومن الأمثلة على هذه الحقوق الحق بالسلامة الجسدية والحق في السرية وبشكل عام الحقوق المتعلقة بالحريات الشخصية .

  وتلحق بمسائل الأحوال والحقوق الشخصية مسألتا الحق بالنفقة والحقوق الإرثية، ذلك أنه بموجب المادة ۱۰۳۹ م .ع . لا تجوز المصالحة على حق الطعام ولكنها تجوز على كيفية أداء الطعام أو كيفية إيفاء الأقساط المستحقة. 

  وبشأن الحقوق الإرثية، فإنه من غير الجائز اللجوء إلى التحكيم بشأنها متى كانت غير مستحقة استناداً إلى نص المادتين 188و 1040 م.ع. الواجبتي التطبيق في إطار التحكيم واللتين تلحظان عدم جواز التنازل عن إرث غير مستحق وعدم جواز المصالحة إلا على الحقوق الإرثية المكتسبة . والتحكيم الذي يكون مستبعداً بصدد المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية والحقوق اللصيقة بالشخصية الإنسانية، فإنه لا يكون كذلك بصدد المنازعات المتعلقة بمصالح مالية ناشئة عن هذه الحقوق وفقاً لمنطوق المادة ١٠٣٧ المذكورة آنفاً، فالمنازعات المالية التي تثور بعد صدور الحكم بالتطليق أو بإقراره أو بالانفصال الجسماني والمنازعات المتعلقة بالتعويض عن المساس بالسلامة الجسدية أو عن الضرر المترتب على المساس بأحد الحقوق الشخصية والذي يعد حقاً مالياً يمكن التصرف به، يمكن اللجوء إلى التحكيم بصدد المنازعات المتعلقة بها استناداً إلى المادتين ٧٦٢ و ٧٦٥ أ . م . م . اللتين تحيلان بشأن هذه المسائل إلى المادة ۱۰۳۷ م .ع .

الفرع الثاني : التحكيم في منازعات الملكية الأدبية والفنية ـ الحق المعنوي للمؤلف

  وإن إصدار القانون رقم ٩٩/٧٥ جاء لحماية إنتاجات العقل البشري مهما كانت طبيعتها أو آلية التعبير عنها حسـ منطوق المادة الثانية منه، وكون هذا الإنتاج قد يخرج للعلن أو قد لا يخرج، فإنه تثور في بعض الحالات المنازعات بشأن هذا الإنتاج، فهل يمكن اللجوء إلى التحكيم بشأن هذه المنازعات؟

الفقرة الأولى : التحكيم في المنازعات المتعلقة بالحقوق المادية

  تعني الحقوق المادية للمؤلف إعطاء صاحب كل إنتاج ذهني حق استثمار واستغلال هذا الإنتاج ابتغاء لمنفعة أو ربح مالي وذلك خلال مدة معينة ينقضي هذا الحق بمضيها .

ويميز الفقه بین ثلاث صور رئيسة لاستغلال صاحب المنتج لحقوقه المادية على مصنفه، وهذه الصور هي : ١ - نشر المصنف أو المؤلف (حق النشر) .

۲- نقل المصنف أو المؤلف إلى الجمهور (حق الأداء .

3 ـ حق التتبع، وهذا في بعض التشريعات التي تمنح المؤلف الحق بالحصول على نسبة من ثمن بيع النسخ الأصلية من المصنف في كل مرة يتغير فيها مالك هذه النسخ.

  فإنه بالعودة إلى معايير القابلية للتحكيم، يكون بالإمكان اللجوء إلى التحكيم بصدد النزاعات المتعلقة بالحقوق المالية أو المادية العائدة للمؤلف . وفي لبنان لا شيء يمنع أن تكون قابلة لإجراء الصلح بشأنها انطلاقاً من طابعها المالي وإمكانية التصرف بها سواء في إطار التحكيم الداخلي أم الدولي .

 في الواقع جميع عناصر إخضاعه للتحكيم متوافرة. أما في العلاقات القانونية الدولية فإنه بالإمكان اللجوء إلى التحكيم فيها بواسطة البنود التحكيمية، كون هذه العلاقات تستفيد من القواعد المادية المقررة في ميدان التحكيم الدولي، والتي تمنح البنود التحكيمية في العلاقات الخاصة الدولية فعالية خاصة .

الفقرة الثانية : التحكيم في المنازعات المتعلقة بالحقوق المعنوية للمؤلف

  يقصد بالحق الأدبي أو المعنوي للمؤلف، مجموعة من الحقوق الفرعية تستهدف حماية شخصية المؤلف كمبدع ومبتكر للمصنف، والتي تمنحه امتيازات أو سلطات تمكنه من حماية شخصيته التي عبر عنها إنتاجه الفكري.

  هذا وإن الحق المعنوي للمؤلف بمظاهره كافة يبقى ملتصقاً بشخص المؤلف وكونه كذلك يكون غير قابل للتنازل عنه أو التصرف فيه، ما يعني أنه غير قابل للتحكيم طبقاً لمعايير القابلية للتحكيم الواجبة التطبيق هنا . وهذا ما يأخذ به الفقه الفرنسي الحديث، الذي رأى في المادة ٢٠٥٩ مدني، عائقاً أمام اللجوء إلى التحكيم في مادة الحق المعنوي للمؤلف .

  فانطلاقاً من الطابع غير المالي للحق المعنوي العائد للمؤلف ومن عدم إمكانية التنازل أو التصرف بهذا الحق، فقد تكرس فقهاً واجتهاداً حظر اللجوء إلى التحكيم في هذه المنازعات، وذلك بالرغم من التوسع الكبير الحاصل في ميدان الصناعة الفكرية الثقافية والذي يميل إلى طرح التساؤل حول جعل الإنتاجات والإبداعات الفكرية والثقافية تدخل ضمن مفاهيم اقتصادية مادية سلعية خاضعة لقوانين السوق والمنافسة، انطلاقاً من التطورات الحاصلة في الآونة الأخيرة التي أبرزت تعديلات قوية وعميقة أدَّت فيما أدت إليه إلى تغيير حقيقي في فلسفة حق المؤلف، الأمر الذي يطرح التساؤل حول جدوى إبعاد التحكيم عن ميدان الحقوق المعنوية للمؤلف التي شهدت مثل هذه التطورات؟

  فالطابع المادي للحق أو للشيء المتنازع عليه هو الذي يجعل ثمة إمكانية للجوء إلى التحكيم استناداً إلى مكنة التصرف به .

  وأخيراً بخصوص دعوى التقليد في مادة الملكية الفنية والأدبية، فإنه ينبغي التمييز بين الدعوى الجزائية التي تتوجه لمعاقبة فعل التقليد ، وبين الدعوى المدنية التي تستهدف التعويض على المتضرر من هذا الفعل.

   فبخصوص الدعوى الأولى، فإنه من الصعوبة بمكان اللجوء إلى التحكيم بشأنها، كون المحكم لا يملك سلطة فرض عقوبات جزائية، أما بخصوص الدعوى المدنية المنازعة على التعويض) فإن للمتضرر الخيار بين اللجوء إلى القضاء العادي أو إلى القضاء التحكيمي للفصل فيها .