الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / صلاحية الحق المتنازع عليه كمحل للتحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / خصومة التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية / مشروعية محل اتفاق التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية

  • الاسم

    أمل بنت سعيد بنت سالم سعيد
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة القاهرة
  • عدد الصفحات

    457
  • رقم الصفحة

    92

التفاصيل طباعة نسخ

مشروعية محل اتفاق التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية

    تأتي أهمية تحديد المسائل المتعلقة بالقابلية للتحكيم من عدمه نظراً للنتائج المترتبة على عدم التقيد بها ، فالمحكم عند بحثه لمسألة عدم القابلية بناء على الدفع المقدم من أحد الأطراف تأسيساً على مبدأ الاختصاص بالاختصاص عليه أن يضع في اعتباره قانون البلد المراد تنفيذ الحكم فيها حتى لا يكون حكمه معرضاً للبطلان، فإذا كان حكمه فاصلاً في مسألة تتعلق بالنظام العام في هذه الدولة فإنه يجب عليه أن يفصل ببطلان اتفاق التحكيم وإنهاء الخصومة لتعلقها بمحل غير قابل للتحكيم فيه. ومن جهة أخرى فإن القاضي سواء أكان التحكيم داخلياً أو دولياً إذا استشعر أن هذا الاتفاق أو الحكم مخالف للنظام العام أو القواعد الآمرة داخل بلده، فإنه يجوز له أن يرفض تنفيذ هذا الحكم لأن القانون الواجب التطبيق في هذه الحالة هو قانون بلد القاضي، حيث من غير الممكن للقانون واجب التطبيق على موضوع النزاع أو اختلاف مكان التحكيم الذي يجري في الخارج أو وجود جنسيات مختلفة للأطراف أو المحكمين أو وجود ما يسمى بالنظام العام الدولي أن يطمس الهوية القومية للدولة المراد تنفيذ الحكم فيها وبصفة خاصة الدول النامية.

   

   وفي جميع الأحوال، ليست جميع المنازعات يمكن التحكيم فيها بل أن هناك منازعات لا يجوز أن تكون محلاً للاتفاق على التحكيم بشأنها، وتختلف التشريعات في تحديد ما يجوز وما لا يجوز التحكيم فيه من منازعات بين التشدد والتساهل والتوسط في هذا التحديد. فقد نصت معظم القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية على أنه لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح. حيث نصت المادة (2/5/ب) من اتفاقية نيويورك على أنه يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها: (أ) أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم (ب) أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد". كما نصت المادة (34) من القانون النموذجي من حق المحكمة التي تنظر دعوى البطلان أن تحكم من تلقاء نفسها بإلغاء قرار التحكيم إذا وجدت أن موضوع النزاع لا يقبل التسوية بالتحكيم وفقا لقانون هذه الدولة أو إذا كان يتعارض مع السياسة العامة للدولة".

  وقد سارت القوانين الوطنية على نهج اتفاقية نيويورك والقانون النموذجي فنصت المادة (11) من قانون التحكيم العماني على أنه "ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح . وفي فرنسا الحال مختلف فلم يعدد المشرع الفرنسي المسائل المتعلقة بالزواج و النفقة والمواريث والهبات والوصايا من ضمن مدلول الأحوال الشخصية بل يعتبرها من قواعد الالتزامات المنصوص عليها في القانون المدني الفرنسي، وعلى العكس اعتبر القواعد المتعلقة بالأهلية من القواعد المتعلقة بالأحوال الشخصية وبالتالي لا يجوز الإخفاق على مخالفتها.

ولذلك فإن النظام العام فكرة نسبية تختلف من نظام لآخر، كما تختلف في المجتمع الواحد في فترة زمنية أخرى ومن مكان لمكان آخر داخل المجتمع، كما أن النظام الداخلي يختلف عن النظام العام الدولي، إذ بينما يهتم النظام العام الداخلي بحماية المصالح العليا للمجتمع اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو خلقية، فإن وظيفة النظام العام الدولي يتعلق بالتجارة الدولية تشمل حماية التضامن الدولي الذي يتطلب من الدولة أن تسهم في تنشيط العلاقات الخاصة بينها وبين الدول الأخرى، ومن ثم إذا كان النظام العام الداخلي يقتضي إقصاء القانون الأجنبي الواجب التطبيق حماية المصلحة المجتمع، فإن حماية التضامن الدولي قد تتطلب تطبيق القانون الأجنبي إذا كانت قاعدته تتطلب حماية النظام العام الدولي لأنها تتفق ومصلحة التجارة الدولية. ولهذا فقد يبطل الاتفاق على التحكيم إذا كان وطنياً ويكون هو نفسه صحيحاً إذا كان تجارياً دولياً .

   فالنظام العام فكرة نسبية معيارية تختلف باختلاف الزمان والمكان، فهي تختلف من دولة إلى أخرى وتختلف أيضا في نفس الدولة باختلاف الزمان، فالنظام العام في الدول الإسلامية والعربية يختلف عن النظام العام في الدول غير الإسلامية، والنظام العام في نطاق الدول الأنجلو أمريكية يختلف عن دول الشرائع اللاتينية والجرمانية وغيرها من النظم .

  ويلاحظ أنه ليس كل مخالفة لقاعدة آمرة في التشريع تعتبر مخالفة للنظام العام، فمجرد مخالفة قاعدة آمرة لا يجعل النزاع غير قابل للتحكيم . والجدير بالذكر أنه من الصعوبة بمكان تحديد ما لا يجوز التحكيم فيه لتعلقه بالنظام العام ، ولذلك حاول الفقه من جانبه جاهداً أن يقطع العروة الوثقى بين النظام العام وقابلية النزاع للتحكم، بهدف إجازة عرض النزاع على التحكيم رغم تعلقه بالنظام العام، مادامت هذه الأحكام لا تشكل خرقاً للنظام العام .

   ونرى أن المسائل التي تقبل التحكيم فيها مرتبطة بالنظام العام، فضلاً عن أن عدم القابلية للتحكيم ترجع إلى المسألة بالنظام العام الذي يرجع لطبيعة النزاع.