وإذا كانت هناك استثناءات على المسائل التي تقبل التحكيم والمنطقة بالنظام العام إلا أنه يلاحظ أن المسائل المتعلقة بالنظام العام تتسع مادامت المعاملة وطنية بينما بالنسبة للمعاملات المتعلقة بالتجارة الدولية فإن نطاق المسائل غير القابلة للتحكيم ينكمش ويضيق .
ويعني مصطلح عدم القابلية للتحكيم بالنسبة إلى مسألة ما أن المحكم لا يستطيع أن يصدر حكما بصددها ، كما أنه وفقا للقانون الواجب التطبيق فإن الأطراف لا يستطيعون استبعاد قضاء الدولة الطبيعي من التصدي لهذه المسألة .
ويهدف المشرع من عدم جواز التحكيم في المنازعات المتعلقة بالنظام العام ، أن تخضع لرقابة وإشراف القضاء العادي .
وتنص المادة 3 من قانون التحكيم على أن يكون التحكيم تجاریا في حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادی، عقدية كانت أو غير عقدية ، ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية وعقود التشييد والخبرة الهندسية أو الفنية ومنح التراخيص الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا والإستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط ، وشق الطـرق والأنفاق واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامة المفاعلات
النووية»
وواضح من هذا النص أن المشرع المصري قد نقل هذه الأمثلة عن الأمثلة التي أشار إليها القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى فى هامش المادة
1/1. كما توسع المشرع المصري في تحديد لفظ التجارية بقوله أن التحكيم يكون تجاريا إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادی . كما بد عن المفهوم الضيق لهذا اللفظ والوارد في القانون التجاري .
ولكن يبدو أن هذا النص محل نظر ، ذلك لأنه كان الأجدر بالمشرع المصري ، أن يكتفي بمعيار المصلحة الاقتصادية ، ولا يعدد الحالات التي يمكن أن تخضع للتحكيم ، لأن التعداد من عمل الفقه ، وليس من عمل المشرع . وكنا نتمنى أن يقتفي القانون المصرى أثر قانون الإجراءات المدنية الألماني في هذا الصدد ، الذي ينص في المادة 1030على الاكتفاء بتعلق المنازعة بمصلحة اقتصادية لكي تخضع للتحكيم ولا يعطي أمثلة، فالمشرع يأمر ولا يصف .