الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / صلاحية الحق المتنازع عليه كمحل للتحكيم / الكتب / التحكيم في القوانين العربية / نزاعات غير قابلة للتحكيم 

  • الاسم

    د. حمزة أحمد حداد
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    528
  • رقم الصفحة

    161

التفاصيل طباعة نسخ

نزاعات غير قابلة للتحكيم 

    والأصل أن كل حق مالي جائز التصرف فيه، يكون قابلاً للتحكيم أيضاً. إلا أن بعض القوانين، أفردت نصوصاً خاصة لبعض هذه الحقوق أحالت فيها لاختصاص القضاء الوطني حصراً بشأن المنازعات حولها .

    كما نصت المادة (3) من ذات القانون بأنه لا يجوز مزاولة أعمال الوكالة التجارية في الدولة إلا لمن يكون اسمه مقيداً في سجل الوكلاء التجاريين المعد لهذا الغرض بوزارة الاقتصاد والتجارة، ولا يعتد بأي وكالة تجارية غير مقيدة بهذا السجل، كما لا تسمع الدعوى بشأنها". وتطبيقاً لذلك استقر الاجتهاد القضائي في دولة الإمارات، على أن القانون أناط بمحاكم الدولة الفصل في كافة المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقد الوكالة التجارية بين الوكيل والموكل، وإبطال كل اتفاق يخالف ذلك، متى كانت الوكالة مقيدة بسجل الوكلاء التجاريين. وفي هذه الحالة، إذا تم الاتفاق على إحالة النزاع بين الوكيل والموكل إلى التحكيم فإنه لا يعتد بهذا الاتفاق، وينعقد الاختصاص لمحاكم الدولة بنظر النزاع .

   وهذا يعني أن الاختصاص القضائي ،الحصري خاص بالنزاع بين الوكيل والموكل بشأن تنفيذ الوكالة التجارية. وعلى ذلك، فإن النزاع المالي بين الموكل أو الوكيل ووزارة الاقتصاد حول تسجيل الوكالة التجارية، مثل مطالبة الوزارة بالتعويض عن الخطأ في تسجيل الوكالة، يمكن الاتفاق على التحكيم بشأنه. كما أن ذلك خاص بعقود الوكالة التجارية. وبناءً عليه، لو تم تكييف العقد على أنه عقد آخر غير الوكالة التجارية، فلا تسري قاعدة الاختصاص الحصري للقضاء على النزاع بين طرفي العقد. 

   ومثال ذلك عقد الترخيص التجاري (Franchising). فهذا النوع من العقود، يتضمن مزيجاً من العلاقات القانونية المختلفة. فموضوعه أو محله الأساس إبتداءً، هو استثمار اسم تجاري أو علامة تجارية ذات شهرة، مقابل ما يدفعه المستثمر لصاحب ذلك الاسم أو تلك العلامة التجارية، بالإضافة إلى شروط أخرى ينص عليها عقد الترخيص. كأن يكون موضوع الاستثمار، اسم أحد الفنادق العالمية، حيث تعطي الشركة الأجنبية صاحبة حق استثمار ذلك الاسم (أ مثلاً)، ترخيصاً للشركة الإماراتية (ب) ، تسمح لها فيه استثمار الاسم في الإمارات، مقابل مبلغ مقطوع تدفعه (ب) لـ (أ) عند إبرام العقد، بالإضافة لمبلغ سنوي، غالباً ما يكون نسبة من إيرادات الشركة (ب) نتيجة استثمارها الاسم في الإمارات .

   وهذا العقد، يفرض على كل من (أ) و (ب) التزامات متبادلة كثيرة، مثل الدعاية والإعلان والمشاركة ومساحة الفندق ومرافقه والرقابة والإدارة وتدريب موظفي (ب). كل ذلك يخرج العقد من نطاق الوكالات التجارية لعقد أوسع وأكثر شمولاً، مما يقودنا إلى القول بعدم خضوع النزاع بشأنه بين (أ) و (ب) للحكم القانوني الخاص بالاختصاص الحصري للقضاء الوطني، ويجوز بالتالي إحالة النزاع للتحكيم .

    ومن جانب آخر، نرى بأن حكمة النص والغاية منه، هما حماية الوكيل المحلي، وعدم إجباره مسبقاً على الخضوع لتسوية النزاع خارج حدود الدولة. وعلى ذلك إذا كان التحكيم محلياً، وكان مكان التحكيم في ذات الدولة، ويخضع النزاع للقانون الوطني، فإننا لا نرى مبرراً معقولاً لعدم قبول الاتفاق على التحكيم في هذه الحالة. ويمكن القول كذلك، أن بطلان اتفاق التحكيم بين الموكل والوكيل، هو بطلان نسبي وضع لصالح الوكيل، الذي يجوز له التمسك به ولا يجوز ذلك للموكل. كما يجوز له بالمقابل التنازل عنه صراحة أو ضمناً ، مثل لجوء المواطن الوكيل نفسه للتحكيم الأجنبي متجاهلاً القضاء الوطني، أو أن يرفع الموكل دعوى تحكيمية ضد الوكيل في الخارج، فيدافع الوكيل عن نفسه في موضوع النزاع، دون التمسك بتلك القاعدة. وأبعد من ذلك نرى الاعتداد باتفاق التحكيم بين الموكل والوكيل الذي يبرم بعد وقوع النزاع بينهما. إذ في هذه الحالة، تنتفي الحكمة من النص الذي وضع حماية للوكيل، حيث افترض المشرع مسبقاً، بأن الوكيل وافق على شرط التحكيم مكرهاً، عند قبوله عقد الوكالة المتضمن فيه الشرط .