الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / صلاحية الحق المتنازع عليه كمحل للتحكيم / الكتب / طرق وأسباب الطعن في حكم التحكيم دراسة قانونية مقارنة / قابلية النزاع للتسوية بطريق التحكيم (محل التحكيم)

  • الاسم

    محمد علي فرح
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    226

التفاصيل طباعة نسخ

قابلية النزاع للتسوية بطريق التحكيم (محل التحكيم)

أولا : قابلية النزاع للتسوية بطريق التحكيم في الفقه الإسلامي:

أوردت الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي

   اختلف الفقهاء فيما يصلح أن يكون محلا للتحكيم فعند الحنفية لا يجوز التحكيم في الحدود الواجبة حقا لله تعالى باتفاق الروايات وحجتهم أن استيفاء عقوبتها مما يستقل به ولي الأمر وأن حكم المحكم ليس بحجة في حق غير الخصوم فكان فيه شبهه والحدود تدرأ بالشبهات وما اختاره السرخسي من جواز التحكيم في حد القذف فضعيف لأن الغالب فيه حق الله تعالى فالأصح في المذهب عدم جواز التحكيم في الحدود كلها في القصاص فقد روى عن أبي حنيفة أنه لا يجوز التحكيم فيه واختاره الخصاف وهو الصحيح في المذهب لأن التحكيم بمنزلة الصلح والإنسان لا يملك دمه حتى يجعله موضوعا للصلح وما روي من جواز القصاص قياسا على غيره من الحقوق فضعيف رواية ودراية لأن القصاص ليس حقا محضا للإنسان وإن كان الغالب فيه حقه وله شبه بالحدود في بعض المسائل .

  لا يصح التحكيم في دم الخطأ لأن العاقلة لم ترض به وحكم المحكم إنما ينفذ على من رضي بحكمه ولا يمكنه الحكم على القاتل وحده بالدية لمخالفته لحكم الشرع الذي لم يوجب الدية على القاتل وحده دون العاقلة إلا في مواضع محددة كما لو أقر بالقتل خطأ فحينئذ يجوز حكمه بالدية .

  وليس للمحكم أن يحكم في اللعان وعلة ذلك أن اللعان يقوم مقام الحد ، أما في غير تلك المواضع المحددة فإن التحكيم جائز ونافذ .

  المذهب المالكي: التحكيم عند المالكية جائز إلا في ثلاثة عشر موضعا هي: الرشد، السفه، الوصية، الحبس (الوقف)، أمر الغائب النسب الولاء، الحد، القصاص، مال اليتيم، الطلاق ،العتق واللعان لان هذه مما يختص بها القضاء .

   استثنى المالكية هذه المسائل من أصل الجواز لاستلزامها إثبات حكم أو نفيه عن غير المتحاكمين أي فيها حقا لغير الخصمين ومن عدا هذين المتحاكمين لم يرض بحكم المحكم فاللعان يتعلق به حق الولد في نفي نسبه من أبيه فقد ينفيه هذا المحكم وليس له ولاية الحكم على هذا الولد وكذلك النسب والولاء يسري إلى غير المحتكمين .

   ومن يسري ذلك إليه لم يرضى بحكم المحكم وكذلك الطلاق والعتق فيهما حق الله تعالى إذ لا يجوز أن تبقى المطلقة البائن في العصمة ولا أن يرد العتيق إلى الرق والله تعالى لم يجعل النظر في هذه الحقوق إلى هذا الرجل المحكم .

  عندهم لو حكم في هذه المسائل بغير الجور نفد حكمه وينهى عن العود لمثله ولو أقام ذلك بنفسه فقتل أو اقتص أو ضرب الحد، أدبه وزجره السلطان ومضى ما كان صوابا من حكمه وصار المحدود بالقذف محدودا والتلاعن ماضياً .

   ومنهم من يرى إذا حكم فيما ليس له من أحكام الأبدان نقض حكمه وينهى عن العود لمثله ، ومنهم من يرى أن حكمه لا ينقض لأن حكم المحكم يرفع الخلاف وأدب لافتيائه على الحاكم ومحل تأديبه أن نفذ حكمه بان قتل أو اقتص .

  الملاحظ أن الخلاف عند المالكية فيما لو حكم في تلك المسائل دون أن ينفذ الحكم فمنهم من يرى في هذه المسألة نقض الحكم ومنهم يرى إمضائه أما في الحكم مع التنفيذ فحكم المحكم يمضى مع تأديبه في رأيي أن المسألة هنا ليست مسألة أمر واقع فكيف يحكم وينفذ المحكم حكمه بأن يقتل ويقطع فيمضى حكمه لو كان صوابا ويؤدب؟ وكيف يحكم فينقض؟ ولماذا من أساسه يسمح للمحكم بالافتئات على ولاية الحاكم ليحكم في مسائل تخرج عن ولايته فهذا الرأي لا يجد مني التأييد لأنه يفتح الباب أمام مفاسد لا حصر لها.

   كما أن هذا الرأي لا يشير إلى الضرورة التي تجعلنا نتبنى مسألة جواز خروج المحكم عن ولاية التحكيم إلى ولاية الحاكم فالمحكم تم توليته من الخصوم فلا يملك أن يجاوز هذه الولاية فالخصوم لا يملكون ولاية التفويض في الحكم لهذه المسائل لأن حق الحكم فيها يعود إلى ولي الأمر (الحاكم) والحال هنا كمن يكون قبل التحكيم في نزاع من أطراف لا يملكون حق طرح النزاع عليه فتوليته ابتدأ معيبة فالرضا والمنح يكون في حدود ما يملكه المانح. 

   المذهب الشافعي: لا يجوز التحكيم عندهم في حدود الله تعالى إذ ليس فيها طالب معين ولأن مناط الحكم هنا رضا مستحقه وهو مفقود فيه ولو حكم خصمان في غير حد الله تعالى جاز مطلقا بشرط أهلية القضاء

   وفي قول لا يجوز وقيل بشرط عدم وجود قاضي بالبلد لوجود الضرورة حينئذ وقيل يختص بالتحكيم في الأموال لأنه أخف دون القصاص والنكاح ونحوهما وليس له حبس ولا ترسيم ولا استيفاء عقوبة آدمي ثبت موجبها عنده وليس له إلا إثبات الحكم فحسب.

 المذهب الحنبلي: اختلفوا فيما يجوز فيه التحكيم فظاهر كلام الأمام أحمد أن التحكيم يجوز في كل ما تحاكم فيه الخصمان قياسا على قاضي الإمام ويشمل ذلك الدماء والحدود والنكاح واللعان وغيرهما حتى مع وجود قاضي لأنه كالقاضي ولا فرق وقال القاضي أبي يعلي بجواز التحكيم في الأموال خاصة أما النكاح والقصاص وحد القذف واللعان فلا يجوز فيها التحكيم لأن لهذه الأحكام مزية على غيرها مما خص الأمام بالنظر فيها .

107