محل التحكيم هو محل النزاع أي ما حصل فيه النزاع بين الطرفين واتفاقهما على احالته لفضه وإنهائه بينهما الى محكم يختارانه برضاهما ليحكم في النزاع الحاصل بينهما وبما ان ولاية المحكم ولاية خاصة مستمدة من طرفي النزاع اللذين اتفقا على تعينه حكما بينهما لذا فقد اختلف فقهاء المسلمين فيما يجوز فيه التحكيم وما لا يجوز .
والرأي عندنا إن ما ذهب إليه فقهاء المسلمين من جواز التحكيم في حقوق العباد دون حقوق الله تعالى هو الرأي الراجح لأن أساس التحكيم هو الرضا وان تولية المحكم متأتية من ولاية الخصمين له بالتحكيم بينهما لفض نزاعهما أي ان ولايته ولاية خاصة أساسها الرضا كما اسلفت وحيث ان الخصم له تولية الحكم في حقه الخاص الذي يستطيع التصرف به دون موافقة المجتمع أي الحقوق الشخصية التي يمكن التنازل عنها فان المحكم بالتالي لا يستطيع تجاوز سلطة من فوضه بانهاء النزاع وعينه محكماً من اجل ذلك اما حقوق الله تعالى فانها حقوق عامة تهم جميع العباد ولا يمكن التنازل عنها او التصرف فيها دون موافقة الامام فان هذه الحقوق هي من اختصاص الامام وحده الذي فوض القضاة المعينين من قبله للحكم فيها.
وعلى هذا الاساس فان اصحاب هذا الراي من فقهاء المسلمين هو الراجح وفيه صلاح للفرد واستقرار للبناء الاجتماعي.