عدم توافر الأهليـة المتطلبـة في الاتفاق علـى التحكيم:
بداية نرى أن الأهلية هي صلاحية الشخص لوجـوب الحقـوق مـا لـه أو عليه وللتعبير عن إرادته تعبيرا يعتد به في القـانون فيترتب عليـه أثـار قانونية – ويميز القـانـون بـين أهليـة الوجـوب وأهليـة الأداء ، فأهليـة الوجوب هي: صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة لـه أو عليـه فكل إنسان صالح لأن تكون له حقوق وعليه التزامـات وتثبـت لـه هـذه الأهلية من وقت ميلاده بل وقبل ذلك مـن بعـض الوجـوه عنـدمـا يكـون جنيناً إلى وقت موته، وقد تكون بعـد مـوتـه إلـى حـين تـصفية تركتـه وسداد ديون.
أما أهليـة الأداء: فهـي صـلاحية الشخص لاستعمال الحـق وقدرته على التعبير بنفسه عن إرادته تعبيرا منتجـا لآثـاره القانونيـة فـي حقه وهي ما تعرف بأهلية التصرف وهـذه الأخيـرة هـي التـي يتطلبهـا القانون لإبرام اتفاق التحكيم. وبمـا أن اتفـاق التحكيــم قـد يـصدر عن أشخاص طبيعيين أو معنويين مما يثير ضرورة البحـث عـن أهليـة كـل منهما لإبرام هذا النوع من التصرفات والقاعدة فـي الفقـه والقـانـون هـو أن كل شخص كامل الأهلية حرا في التصرف فـي الحـق مـحـل النـزاع يملك الحق في الالتجاء إلى التحكيم، وتتفـق هـذه القاعـدة مـع قـانون التحكيم في مادته الحادية عشر في شقها الثـاني وذلـك بقولهـا بأنـه:" لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعـي أو الاعتبـاري الـذي يملك التصرف في حقوقه" ومن هذا النص يتضح لنـا أن مـن شـروط صحة الاتفاق على التحكيم ضـرورة تـوافر الأهليـة الكاملـة للأطـراف وهي أهلية التصرف إلا إذا كان الاتفاق غير مستوف لشروط صحته وكان حكمه مشوبا بالبطلان ومصيره الإنهـاء وذلـك كنتيجـة لبطلان اتفاق التحكيم وهذا ما أكدتـه نـص المـادة 53 مـن ذات القـانـون فـي فقرتها (ب) من أنه لا تقبل دعـوى بطـلان حكـم التحكـيـم " إلا إذا كـان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامـه فـاقـداً للأهليـة أو ناقصها وفقـا للقانون الذي يحكم أهليته".
والحكمـة مـن تطلب توافر أهلية التصرف عند إبرام شرط التحكيم هو مـا يترتب علـى حـكـم التحكيم من احتمال فقدان أحد الأطراف لحقه كله أو جزء منـه، كمـا أن اللجوء إلى التحكيم يعد تنازلا صريحا مـن الـشخص الطبيعـي عـن اللجوء إلى القضاء العادي متخليا بـذلك عـن الـضمانات التقليديـة التـي يكفلها له كما أن الإجراءات المتبعة في عمليـة التحكــم بمـا فيهـا مـن صعوبات لطـرح الموضـوع مـحـل النـزاع وإبـداء الـدفوع اللازمـة للوصول إلـى الـحـق وأيضا حالـة مـا إذا انتهـي التحكــم بالـتـصـالح والتنازل عن بعض الحقـوق بين الأطـراف تتطلـب الأهليـة الكاملـة للتصرف في الحق محل النزاع.
وفي القانون الفرنسي تنص المـادة ٢٠٥٩ مـن القـانون المـدنـي الفرنسي علـى حـق الأشخاص فـي التحكـيـم بالنسبة للحقـوق التـي يستطيعون التصرف فيهـا، أي ينبغـي أن تكـون لـدى المحـتكم أهليـة التصرف بالنسبة للحق المتفق على التحكيم بصدده.
وكذا نص المادة 103 من قانون المرافعـات الفرنسي السابق والتي تنص على ذلك الشرط، أمـا فـي القـانون النموذجي فلـم ينـص صراحة على ضرورة توافر الأهلية الكاملة لأطراف النزاع عنـد إبـرام العقد وإنما يمكن أن نستخلصها ضـمنـا مـن نـص المـادة 1/53/ب مـن ذات القانون في فقرتها الثانية بشأن جواز الطعن فـي أحكـام التحكيم إذا كان أحد طرفي التحكيم مصابا بأحـد عـوارض الأهليـة أو أن الاتفـاق غير صحيح بموجب القانون الذي أخضع الطرفان الاتفاق له.
وتطبيقا لهذا الحكم في مجال العلاقات الدوليـة فإنـه إذا لـم يتفـق المتعاقدون على القانون الواجب التطبيق بالنسبة للتحكــم وجـب عندئذ تطبيق القواعد العامة في القانون الدولي الخـاص وهـي وجـوب تطبيـق قانون الدولة التي ينتمي إليها جنسية كـل طـرف علـى حـدة وهـو مـا نصت عليه المادة 11 مـن القـانـون الـمـدنـي واتفـق معهـا القـانون الفرنسي في ذلك فعكس القانون الإنجليزي والأمريكـي اللـذيـن لـم يأخـذا بقانون الجنسية في التعرف على مدى كمال أهليـة أطـراف التحكيــم بـل أخذوا بمعيار قانون الموطن أي الموطن المعتـاد للأطـراف، فهنـا تـثـور المشكلة في اختلاف القواعد القانونية من بلد إلى آخـر، إذ أنـه فـي حالـة الأمر على القاضي الإنجليزي فإن حكمـه سـوف يكـون مختلفـا تماما عن القاضي المصري مثلا أو الفرنسي، وهنـا تـأتي أهميـة توحيـد القواعد القانونية بشأن الأهلية حتى لا تتناقض الأحكـام عـلـى المـسـتوى الدولي. وتـأتي بالضرورة توحيـد الأحكـام الخاصـة بالأهليـة علـ المستوى الدولي خاصة بعـد أن نصت اتفاقيـة نيويورك فـي صـدر مادتها الخامسة على رفض الاعتراف بحكـم التحكيــم أو تنفيـذه إذا أقـام المطلوب ضده الدليل على أن أحـد أطـراف اتفـاق التحكيـم كـان وفقـا للقانون الذي ينطبق عليه في إحدى صور عـدم الأهليـة. وهنـا اعتقـد أن الاتفاقية لم تحدد أيا من المعيارين السابقين ( الجنـسية أم المـوطن) بـل ذكرت فقط عبارة – للقانون الذي ينطبق عليهم- وقد أدت هـذه المـادة لزيادة المشكلة في التناقض في الأحكام من دولة إلـى أخـرى والتـي قد تساعد على خلق جو من عدم الطمأنينة لـدى المحتكمــن وكـذلك الحـال بالنسبة لهيئات التحكيم التي قد تصطدم مـع هـذه المشكلة لعـدم وجـود قواعد موحدة.
ونخلص من كل ما تقدم إلى أن كل التشريعات قد اتفقـت علـى ضرورة توافر الأهلية اللازمة لإبرام اتفاق التحكـيـم وهـذه الأهليـة هي أهلية التصرف في الحقوق إلا أن تحديد القانون المطبـق ببحـث تـوافر هذه الأهلية يختلف من دولـة إلـى أخـرى فـمـنـهم مـن يأخـذ بالقـانون الشخصي بقانون الجنسية ومثالهـا مـصر وفرنسا، ومـنـهم مـن يأخـذ بقانون الموطن ومثالها القانون الإنجليزي، الأمـر الـذي يحتـاج إلـى توحيد هذه القواعد لأهميتها البالغة في نطاق التحكيم الدولي.
وقد تتحدد هنا ملامح التمسك بإنهاء اتفاق التحكـيــم فـي حالـة مـا ظهرت حالة من حالات عـدم تـوافر الأهليـة المتطلبـة فـي الاتفـاق التحكيمية والمؤدي بدوره إلى بطلان اتفاق التحكيم وإعمال إنهائه.
حالات عديم توافر الأهلية اللازمة في الاتفاق على التحكيم
أولا – اتفاق عدم الأهلية على التحكيم :
أ- الطفـل دون السابعة مـن عمـره، فـالمعروف أن الأهليـة مناطها التمييز والشخص لا يفقد أهليتـه إلا إذا لـم تـتـوافر فيـه أسـباب التمييز، هذا ويقدر سن التمييز في مصر بسبع سنوات فـإن لـم يبلـغ السابعة من عمره يعتبر فاقدا للتميز عديما للأهليـة . وقـد نـصـت المـادة ٢/٤٥ من القانون المدني أن :" كل من لـم يبلـغ السابعة يعتبـر فـاقـدا للتمييز" ، ويستتبع ذلك أن جميع التصرفات القانونية الصادرة قبـل سـن السابعة تعتبر باطلـة بطلانـا مطلقا وعلـى هـذا فقـد نـصـت المـادة 110 ق مدني على أنه :" ليس للصغير غير المميـز حـق الـتـصـرف فـي ماله وتكون جميع تصرفاته باطلـة" وهـذا الـبطـلان المطلـق لا تـصـح الإجازة وفيه يجوز لكل ذي مصلحة بـأن يتمـسـك بـالبطلان للمحكمـة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
ومن هذا يتضح لنا أن كل اتفـاق يبرمـه الـصبي غيـر المميـز بشأن التحكيم يكون باطلا بطلانا مطلقـا ويستتبع ذلـك مباشـرة الـصبي غير المميز لاتفاق التحكيم الذي انتقل إليـه الـحـكـم كـونـه خلفـا عـامـا أو خاصا وذلك لعدم توافر أهلية التصرف المنصوص عليهـا فـي قـانون التحكيم وانعدام التمييز المنصوص عليه في القانون المدني.
ب- المجنون والمعتوه ( المعاق ذهنيا)
مفهوم الجنون: هو حالة مرضية تصيب الشخص فتفقـده القدرة على التمييز ويصبح كما الصبي غير المميز. .
- وقد سوى القـانون بين المجنـون والمعتـوه والـصـبـي غيـر المميز وعديم الأهلية فلا تصح كافـة تـصرفاتهم وتعـد بالتـالي باطلـة بطلانا يترتب عليه أن أي اتفـاق حـول التحكيــم يـكـون مـآلـه الـبطـلان الأهلية وهو مـا أكـده نــص المـادة 45 مـن المـدنـي باعتبارهم عديمي بقولها " لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنيـة مـن كـان فـاقـداً للأهليـة لصغر في السن أو عتـه أو جنـون" وهـو أيـضـا مـا أكدتـه محكمـة الاستئناف العليا في حكم قديم لها وتقول فيه:
التحكـيـم هـو مـشارطة بين المتعاقدين، أي الاتفـاق علـى التزامات متبادلة بالقول على حكـم المحكمـين وبطـلان المـشاركة لعـدم الأهلية هو بحكم المادتين ۱۳۱، ١۳۲ من القانون المـدني بطـلان نسبي إلا عديم الأهلية فـلا يـجـوز لـذي الأهليـة التمـسـك بـه.
أما إذا صدر التصرف قبـل تـسجيل قـرار الحجـر فـلا يـكـون باطلا إلا إذا كانت حالة الجنـون والعتـه شـائعة وقـت العقـد أو كـان الطرف الآخر على بينة منها.
وهنا يجب التفرقة بين أمرين: أولهمـا أنـه إذا اتفـق المجنـون والمعتوه على شرط أو مشارطة التحكيم بعد قرار الحجـر عليـه، فهنـا يكون الاتفاق باطلا بطلانا مطلقا فالفرض أن الطرف الآخـر كـان يـعلـم حالة الجنون أو العته وهذا العلم مفترض مـن تـسجيل قـرار الحجـر أو تسجيل طلب الحجر.
والفرض الثاني أن قـرار الحجـر لـم يـصدر وأن المجنـون أو المعتوه قد أبرم اتفاق التحكيم قبل أن تصيبه تلك الآفة أو لـم تـكـن حـالتـه شائعة وقت إبرام اتفاق على التحكــم ولـم يـعلـم الطرف الآخـر مـن الاتفاق أو لم يكن باستطاعته العلم بها ولو بذل جهـدا مـعقـولا وهنـا فقـط يكون الاتفاق الصادر من المجنـون أو المعتـوه صـحيحاً ويصبح نـافـذا في حقه حماية للغير حسن النية.
ثانيا: القاصر ( الصبي المميز ناقص الأهلية)
1- مفهوم الصبي المميز هو من بلغ السابعة مـن عمـره ولـم يبلغ الواحدة والعشرين وهو يعد بذلك حسب القانون ناقص الأهلية.
وتنص المـادة ١١١ مـن ق.المـدني " إذا كـان الـصـبي مميـزاً كانت تصرفاته المالية صحيحة متى كانـت نافعـة نفعـا مـحـضا وباطلـة متى كانت ضارة ضررا محـضـا أمـا الـتـصرفات الماليـة الـدائرة بـين النفع والضرر فتكون قابلـة للإبطال لمصلحة القاصـر وبـزول حـق التمسك بالإبطال إذا أجاز القاصر التصرف بعـد بلوغـه سـن الرشـد أو إذا أصدرت الإجازة من وليـه أو مـن المحكمـة بحسب الأمـور وفقـا للقانون، كما تنص المادة ١١٢ مـن ذات القـانون أنه إذا بلـغ الـصـبي المميز الثامنة من عمره وأذن له فـي تـسلم أموالـه لإدارتهـا أو تسلمها بحكم القانون كانت أعماله الصادرة منـه صـحيحة فـي الحـدود التـ رسمها القانون".
كما نصت المادة ٦٢ مـن ذات القـانـون أنـه يـجـوز للقاصـر أن عقد العمل الفردي وفقا لأحكام القانون. وللمحكمة بنـاء علـى طـلـب أو ذوي الشأن إنهاء العقد رعايـة لمصلحة القاصـر أو مستقبله لمصلحة أخرى ظاهرة" ثم عقبها المـشرع بالمـادة 63 والتـي تـنـص على " يكون القاصر الذي بلـغ السادسة عشر أهـلا للتصرف فيمـا يكتسبه من عمله من أجر أو غيره .
ويتضح لنا أن المشرع قد اعترف بأهليـة التـصرف الكاملـة للصبي المميز في الأموال المسلمة إليه بـأغراض نفقتـه فـإذا مـا كـان اتفاق التحكيم يتعلق بشأن التصرف في هذه الأمـوال وفـي حـدود نفقتـه دون أن يتعداها فهنا يمكننا القول بصحة اتفـاق التحكيــم باعتبــار الـصبي المميز كامل الأهلية في هذا الشأن وأهـلا للتـصـرف فـي الحـدود التـي رسمها القانون،وكذلك الحال أيضا بشأن إبـرام الـصبي المميـز عقـلا العمل الفردي فإذا كانت أحد بنـود هـذا العقـد تتضمن الاتفـاق علـى التحكيم في الحدود دون استغلال أو غـبـن للـصبي المميـز، فـإن هـذا الاتفاق يعد صحيحا ونافذا فـي مواجهـة أطرافـه وكـذلك الحـال أيـضـا بالنسبة للصبي المميز الذي بلغ السادسة عشر وهـو يعمـل فـإن مـا يكسبه من عمله من أجر أو غيره يجـوز لـه التـصرف فيـه مطلقـا أو مقيدا وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 63 سـالفة البيـان، ومـن أشـكـال التصرف في المال إبرام الصبي المميز عقد بيع أو إيجـار يتضمن أحـد بنوده اتفاقاً على شرط التحكيم فيصبح هـذا الاتفـاق صحيحاً ومنتجـاً لآثاره وفقا للقانون.
2- القاصر المأذون لـه بـالإرادة والتجـارة: تنص المـادة 54 من قانون الولاية على المال على أن " الـولي أن يـأذن للقاصـر الـذي بلغ الثامنة عشر في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتهـا كمـا نـصت المادة 55 من ذات القانون أنه " يجوز للمحكمـة بـعـد سـمـاع أقـوال أن تأذن للقاصر الذي بلغ الثامنة عشر في تسلم أموالـه كلهـا أو بعض منها لإدارتها .
أما فيما يتعلق بالقاصر المـأذون لـه فـتـنص المـادة 57 من القانون " لا يجـوز للقاصــر سـواء كـان مـشمولاً بالولايـة أو بالوصاية أن يتاجر إلا إذا بلغ الثامنـة عـشـرة مـن عمـره وأذنـت لـه المحكمة بذلك إذنا مطلقا أو مقيـدا"، وهنـا أجـاز المشرع متـى أذنـت المحكمة للقاصر بالتجارة سواء أكان الإذن إذنـا مطلقـا أو مقيـداً بحـسـب الأحوال يصبح أهلا للقيام بجميع الأعمال التجاريـة التـي أذن بمباشـرتها وله القيام بالأعمال الأخـرى اللازمة لمباشـرة تجارتـه فلـه أن يبيـع ويشتري ويقرض ويقترض ويقاضـي ويتقاضـى وايضا يتفـق علـى اللجوء للتحكيم سواء أكان التحكيم بقانون أو بالصلح. ويسرى التقـادم في مواجهته ويحرم من قواعد الغبن المقررة لمصلحة القاصر.
ثالثا: السفيه ذو الغفلة:
1- مفهوم السفه: هو حالة تصيب الشخص وتدفع بـه إلـى إنفاق المال بلا طائل ولو كان ذلـك علـى وجـوه الخيـر، شـأنه شـان ناقص الأهلية، فتقع تصرفاته قابلة للإبطال لمصلحته إذا كانـت تـدور بين النفع والضرر وتقع صحيحة إذا كانـت نافعـة نفعـا محـضاً.
أن الطرف الآخـر فـضـلا عـن علمـه بحالة السفه بالمتعاقد فإنه يجب توافر أيـضـا نيـة الاستغلال والتواطـؤ بجانب العلم حتى تنطبق عليه أحكام مثل هذه المادة .
2- مفهوم الغفلـة: هو سهولة تـردى صـاحبها فـي الغـبن لسلامة النية وطيبة القلب المفرطة وكثـرا مـا لا يـهتـدي ذو الغفلـة إلـى التصرف الصحيح وحكمه في القانون ذات حكـم الـسفيه المبـين وقد أكد ذلك الحكم محكمة النقض المصري في أحكامها المتواترة"
ومما سبق يتضح لنا جليا أنه إذا مـا تـم الاتفـاق علـى التحكـيـم بعد قرار الحجر وتسجيله والعلم بذلك لذي المتعاقدين فيعـد هـذا الاتفـاق على التحكيم باطلا بطلانا نسبيا، ومقـررا لمصلحة السفيه وذي الغفلـة ومن لا يملكون حرية التعبيـر والـتـصـرف فـي حقـوقهم، وبالتالي لا يتمتعون بالأهلية الواجب توافرهـا وفقا لنص المادة 11 مـن قـانـون التحكيم . أما إذا كان الاتفاق قبل قرار الحجر فتنطبـق عليـه ذات أحكـام السفيه.
الجزاء المترتب على عدم توافر شرط الأهليـة المنصوص عليـه في قانون التحكيم
نصت المادة 1/53 بند (ب) مـن قـانون التحكـيـم علـى أنـه لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحـوال الآتيـة ومـن بينهـا " إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقـد الأهليـة أو ناقصها وفقـا للقانون الذي يحكم أهليته" فـإذا مـا صـدر حكـم التحكــم وكـان أحـد الخصوم غير كامل الأهلية، كان لهذا الخـصم أن يرفـع دعـوى أصلية ببطلان حكم التحكيم" وذلك لأنه بنى علـى اتفـاق تحكـيـم بـاطـل مرتبـا أثرا إجرائيا لإنهاء اتفاق التحكيم بين خصوم المنازعـة التحكيميـة. وهنـا يعود الأطراف إلى قضاء الدولة بعـد أن ضـاع الوقت والجهـد والمـال لحين صدور حكم التحكيم.