يتعين توافر الأهلية أيضا لدى أطراف النزاع، والأهلية المقصودة هي أهلية التصرف، فلا يكفي لصحة الاتفاق على التحكيم رضا الطرفين، وإنما يتعين توافر أهلية الاتفاق على التحكيم بمعنى أن يكون لهما أهلية التصرف.
"لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك حق التصرف في حقوقه، ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح".
فأهلية التصرف تثبت للشخص الطبيعي بحسب الأصل لمن بلغ سن الرشد ولم كن محجوراً عليه لجنون أوعته أو سفه أو غفلة.
أما القاصر وإن كان الفقه يسلم بأن له ومن في حكمه المأذون له بالإدارة أو الاتجار، التقاضي بشأن كافة التصرفات القانونية الداخلة في إطار الإدارة أو الاتجار المأذون فيه، سواء أكانت هذه التصرفات داخلة في مفهوم أعمال الإدارة أم كانت داخلة في مفهوم أعمال التصرف. إلا أنه لا يسلم بأهليته للاتفاق على التحكيم بشأن هذه التصرفات ومرجع ذلك في تقديره إلى أن المشرع يتطلب أهلية خاصة للاتفاق على التحكيم هي أهلية التصرف)، والمرجع في بيان مدى أهلية أطراف التحكيم إلى قانونهم الشخصي.
"الشخص الذي لا يملك أهلية التصرف في حقوقه كالقاصر أو المحجور عليه لا يستطيع إبرام عقود اتفاق تحكيم إلا عن طريق الوصي أو القيم بعد الحصول على إذن بذلك من المحكمة. والبطلان الناشئ عن نقص الأهلية هو بطلان نسبي (غير متعلق بالنظام العام) مقرر المصلحة القاصر أو المحجور عليه .
أما الأشخاص الاعتبارية كالشركات المدنية والتجارية العامة والخاصة والهيئات والمؤسسات العامة، فيتعين التحقق من اكتساب واستيفاء الشروط التي يستلزمها القانون للإقرار بالشخصية الاعتبارية .
لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام، ولكن يجوز الصلح على المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم"
وكذلك نجد أن المشرع لم يجز الاتفاق بالتحكيم في المسائل التي تتصل بالنظام العام. وسوف أتكلم عن هذا الموضوع عند الحديث عن مخالفة التحكيم للنظام العام وذلك منعا للتكرار.
وعليه فإنه من الواجب على الشخص الذي يبرم اتفاق التحكيم أن يكون كامل الأهلية وله سلطة إبرام الاتفاق، ويتمتع بالصلاحية الكاملة لإبرام هذا الاتفاق، فإذا كان وكيلاً عن الأصيل أو ممثلاً له، يتعين أن تكون له سلطة إبرام الاتفاق نيابة عن الأصيل وإلا كان الاتفاق باطلاً.
حيث إن الوكالة للخصومة التي يحصلون عليها لا تسمح لهم بالتحكيم مع الخصم الآخر دون اتفاق خاص من جانب موكلهم .
أما في فرنسا، فقد أثار هذا الشريف صعوبة في التطبيق، حيث أورد القانون المدني الفرنسي حظراً على أن تكون الدولة أو المؤسسات أو الهيئات العامة طرفاً في : التحكيم (المادة 2060 من القانون المدني)، غير أنه صدر تعديل لاحق بموجب القانون (279) لسنة 1986 حيث استجاب لما نسانی به الفضاء الفرنسي من جعل منع الدولة والمؤسسات العامة أن تكون طرفاً في تحكيم يقتصر على التحكيم الداخلي دون التحكيم الدولي.
وفي ظل نظام التحكيم السعودي ولائحته التنفيذية فإن الاتفاق على التحكيم لا يصح إلا لمن له أهلية التصرف، فلا يصح التحكيم إلا لمن له حق التصرف في حقوقه وعلى ذلك فإن القاصر أو المحجور عليه ليس أهلا للتحكيم حيث نصت المادة (2) من النظام على أنه : "لا يقبل التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح، ولا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف".
كما ورد في المادة الثامنة من اللائحة أنه "في المنازعات التي تكون جهة حكومية طرفاً فيها مع آخرين ورأت اللجوء إلى التحكيم، يجب على هذه الجهة إعداد مذكرة بشأن التحكيم في هذا النزاع مبينا فيها موضوعه، ومبررات التحكيم، وأسماء الخصوم لرفعها لرئيس مجلس الوزراء للنظر في الموافقة على التحكيم.