الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / سلطة الوكيل / الكتب / التحكيم والنظام العام / التمثيل الإتفاقي - الوكالة

  • الاسم

    د. إياد محمد بردان
  • تاريخ النشر

    2004-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    793
  • رقم الصفحة

    41

التفاصيل طباعة نسخ

 

التمثيل الإتفاقي - الوكالة

  الأصل أن يعمد إلى إبرام إتفاق التحكيم الشخص صاحب المصلحة المباشرة فيه، إلا أ أنه يجوز لهذا أن يوكل لشخص آخر سلطة إبرام إتفاق التحكيم باسمه ولحسابه بموجب عقد وكالة يسمح له بذلك. ويشترط القانون يسمح الوكالة بالتحكيم وكالة خاصة. وهذا الإشتراط ورد في المادتين ٣٨١ ا . م . م . والمادة ۷۷۸ م . ع . فالأولى تنص على أنه لا يصح بدون تفويض (وكالة) خاص الإقرار بالحق المدعى به والتنازل عنه والصلح والتحكيم والثانية تنص : أما في أعمال التفرغ والمصالحة والتحكيم فيقتضي وكالة خاصة.

   وخصوصاً أنها يمكن أن تؤدي إلى آثار تصرفية بالحق المتنازع عليه في حال صدور القرار التحكيمي الذي يقضي بذلك. فمثل هذه الخطورة هي التي دفعت المشرع إلى وضع الوكالة بالتحكيم في ذات مرتبة الوكالة بالصلح والإقرار والتفرغ .

  تذهب المادة ٧٦ من قانون المرافعات المصري في نفس الاتجاه حيث تنص على أنه لا يصح بغير تفويض خاص الإقرار بالحق المدعى به ... ولا التحكيم فيه . وكذلك المادة ۷۰۱ مدني مصري.

   هذا ولقد ميزت محكمة إ. بيروت بين الوكالة للتحكيم في العلاقات بين الأطراف وبين الوكالة للتحكيم في إطار الخصومة التحكيمية . معتبرة أن الوكالة الخاصة مشترطة في إطار الخصومة التحكيمية فقط، وهذا يتضح من الحيثيتين التاليتين:

   ولئن نصت الفقرة الثانية من المادة ۷۷۸ .م.ع. على وجوب تأمين وكالة خاصة في أعمال التفرغ والمصالحة والتحكيم. إلا أن هذا الأمر في العلاقات التعاقدية المباشرة ليس إلزامياً إذا ما كانت ظروف الواقع تضفي على الشخص الصفة التمثيلية أو صفة الوكيل عن شخص آخر ولم يتقدم المستفيد من هذا التمثيل أو الوكالة بأي عمل أو إجراء من شأنه تعطيل ما خلقه الممثل أو الوكيل في ذهن العاقد الآخر». وإذا كانت المادة ۳۸۱ أ . مدنية قد فرضت وجود تفويض خاص فإن ذلك للتحكيم والصلح . يصح فقط أمام المحاكم والقضاء التحكيمي والذي هو بمثابة قضاء خاص، وهو إلزامي بالنسبة إليهما إذ لا وكالة [ظاهرة] ولا فضول في المحاكمات على اختلاف أنواعها وذلك خلافاً لعلاقات الأطراف فيما بينهم خارجاً عن الخصومات القضائية والتحكيمية .

   مما تقدم نلاحظ أن المحكمة ميزت بين نوعين من الوكالة : الأولى خاصة بإتفاق التحكيم ولا يشترط فيها الوكالة الخاصة وبين الوكالة الخاصة بالخصومة التحكيمية التي يشترط فيها الوكالة الخاصة لا بل أكثر من ذلك تأخذ المحكمة بواقع الحال الذي يكون من شأنه إيهام الطرف الآخر بوجود وكالة بصدد إبرام الإتفاق التحكيمي، الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن الحكمة من هذا التمييز، خاصة أنه بإمكان أي طرف في المحاكمة التحكيمية شل آثار هكذا إتفاق تحكيم عن طريق الإدلاء بعدم صحة التمثيل في الخصومة بمقتضى أحكام قانون . م . م . ! اشتراط الوكالة الخاصة يعني من جهة أخرى أن الوكالة العامة التي لا تجيز للوكيل سوى القيام بالأعمال الإدارية لا تكفي للجوء هذا الوكيل إلى التحكيم إلا فيما خص الأعمال الداخلة في نطاق إدارته، ويثور التساؤل فيما إذا كان التفويض بالصلح والإقرار من شأنه أن لوحده باللجوء إلى التحكيم؟

   في الواقع اذلك لأن المشرع لحظ الوكالة الخاصة في كل حالة على حدة هذا من ناحية ومن ناحية ثانية تتعزز وجهتنا بوجود بعض القوانين، كالقانون الفرنسي على سبيل المثال، التي تلحظ صراحة أن الوكالة الخاصة بالصلح لا تتضمن سلطة اللجوء إلى التحكيم .

  ويثور تساؤل آخر هنا حول ما إذا كانت الوكالة الخاصة بالتحكيم تشمل التحكيم بالقانون والتحكيم المطلق ( بالصلح ) في آن معا ؟ أم أنه يقتضي توافر وكالة خاصة بكل نوع من هذين التحكيمين ..

توثيق الكاتب

نرى في هذا الصدد تبايناً بين موقفي الفقه والإجتهاد اللبنانيين بخصوص هذه  المسألة.  وبالمقابل يذهب الإجتهاد اللبناني وجهة معاكسة حيث قضت محكمة التمييز اللبنانية سنة ١٩٦٤  أن وكالة السيد .... إلى والدته .... هي وكالة عامة وشاملة ورد فيها التحكيم والصلح والصرف والإسقاط والإبراء والإقرار وهي تعطي الوكيل الحقوق التي يتطلبها التحكيم المطلق ولو لم تشر صراحة إلى التحكيم المطلق، إذ يجب نية المتعاقدين من روح العقود وجميع مندرجاته .

   إذا كانت محكمة التمييز قد استندت إلى نية المتعاقدين وروح العقد للقول بعدم تطلب الوكالة الخاصة للجوء إلى التحكيم المطلق، فإن محكمة استئناف لبنان الجنوبي كانت أكثر تشددا في تعليلها عندما قضت بأنه «إذا كانت المادة ۷۷۸ من قانون الموجبات والعقود قد نصت على أن أحكام التحكيم تقتضي على الدوام وكالة خاصة، فإنها لم تفرق بين التحكيم العادي والتحكيم المطلق وليس فيها ما يفيد أن صلاحية الوكيل صاحب الحق بالتحكيم تقتصر على التحكيم العادي إذا لم تنص وكالته على العكس .

   يتبين من المقارنة بين القرارين أن القرار الاستئنافي تطلب الوكالة الخاصة ولم يكتف بالوكالة العامة كما ذهب القرار التمييزي كما أنه لم يقم أي تمييز بين التحكيم العادي والتحكيم المطلق متى وجدت الوكالة الخاصة .

   هذا وإن محكمة التمييز اللبنانية اشترطت في قرار حديث جداً وجوب توافر الوكالة الخاصة عندما قضت بأن اللجوء إلى المحاكم لا يستلزم كاللجوء إلى التحكيم وكالة خاصة.