الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / سلطة الوكيل / الكتب / التحكيم في المعاملات المصرفية / سلطة الوكيل

  • الاسم

    د. محمد صالح علي العوادي
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    527
  • رقم الصفحة

    150

التفاصيل طباعة نسخ

سلطة الوكيل

   محكمة النقض المصرية قد اشترطت في المظهر وجود خطأ مـن الموكل، فقالت يشترط لاعتبار الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل أن يكون المظهر الخارجي، الذي أحدثه هذا الأخير خاطئا، وأن يكون الغير الذي تعامل مع الوكيل قد انخدع بمظهر الوكالة الخارجي، دون أن يرتكب خطأ أو تقصيراً في استطلاع الحقيقة، ولما كان تعيين المدير وفقا لنظام الشركة المشهر والذي صار صاحبه حجة على الكافة، لا يترتب عليه خلق مظهر خارجي خاطئ من شأنه أن يخدع المتعامل معه، وكان المدين الذي أتفق معه على إبرائه من جزء من الدين المستحق في ذمته، لا يعتبر حسن النية لأنه كان يعلم أن هذا التصرف لا يملكه مجلس الإدارة، بغير ترخيص من الجمعية العمومية للمساهمين، ولا يملك توكيل غيره في إجرائه، ومن ثم فإن موافقة المدير على هذا الإجراء لا تكون حجة على الشركة، لانعدام نيابته عنها في الحقيقة والظاهر.

  وقد أكدت هذا الاتجاه في حكم آخر لها بقولها وإن كان الأصل أن تصرفات الوكيل التي يعقدها خارج حدود الوكالة لا تكون نافذة في حق الأصيل إلا بإجازته وعلى الغير الذي يتعاقد مع الوكيل أن يتحرى صفته وحدود وكالته ويتثبت من انصراف أثر تعاقده إلى الأصيل، فإذا قصر في ذلك تحمل تبعة تقصيره، إلا أنه إذا أسهم الأصيل بخطئه سلباً أو إيجاباً في خلق مظهر خارجي من شأنه أن يوهم الغير حسن النية - ويجعله معذوراً في اعتقاده باتساع الوكالة لهذا التصرف فإن من حق الغير في هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يتمسك بانصراف أثر التصرف إلى الأصيل على أساس الوكالة الظاهرة متى كان هذا الغير قد سلك في تعامله سلوكاً مألوفاً لا يشوبه خطأ غير مغتفر.

   فمن خلال هذه الأحكام نجد أن القضاء المصري قد أشترط على الغير تحري الدقة في الطرف المتعامل معه، والتأكد من الصلاحيات الممنوحة لـه مـا لـم فإنه يتحمل نتائج هذا التقصير ، إلا إذا قام المدير أو من قام بالتوقيع بإيهام الغير بامتلاكه هذه السلطات، بحيث يجعل الغير يعتقد أن من وقع معه مخول بإبرام اتفاق التحكيم .

   حيث نص على ذلك في م ٥٥ من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة رقم ١٥٩ لسنة ۱۹۸۱ بقولها يعتبر" ملزماً للشركة أي عمل أو تصرف يصدر من الجمعية العامة أو مجلس الإدارة أو إحدى لجانه أو من ينوب عنه من أعضائه في الإدارة أثناء ممارسته لأعمال الإدارة على الوجه المعتاد ويكون لغير حسن النية أن يحتج بذلك في مواجهة الشركة ولو كان التصرف صادراً بالتجاوز لسلطة مصدره أو لم تتبع بشأنه الإجراءات المقررة قانوناً وفى جميع الأحوال لا يجوز للشركة أن تدفع مسئوليتها عن أية أعمال أو أوجه نشاط تمارسها بالفعل لأن نظام الشركة لم يصرح لها بالقيام بمثل تلك الأعمال أو أوجه النشاط .

  إلا أن معيار حسن النية لدى الغير قد قيده المشرع حيث نصت م٥٨" لا يعتبر حسن النية في حكم المواد السابقة من يعلم بالفعل أو كان في مقدوره أن يعلم بحسب موقعه بالشركة أو علاقته بها بأوجه النقص أو العيب في التصرف المراد التمسك به في مواجهة الشركة ." وبالتالي فمتى ما ثبت علم الغير، أو كان باستطاعته معرفة أن الشخص الذي أبرم اتفاق التحكيم لا يملك سلطة الإبرام بحكم علاقته بالبنك أو موقعه، فهنا ينتفي حسن النية لدى الغير ويكون الاتفاق باطلاً، لأنه أبرم من قبل شخص لا يملك السلطة التي تخوله إبرام مثل هذا الاتفاق.

  حيث نص على ذلك في الجزء الأخير من م٥٨ والتي نصت على " ولا يعتبر الشخص عالماً بمحتويات أية وثيقة أو عقد بمجرد نشرها أو شهرها بإحدى الوسائل المنصوص عليها في هذا القانون."

  فإننا نرى أن رئيس مجلس الإدارة أو المدير العام للبنك الذي منحه مجلس الإدارة والجمعية العمومية للبنك سلطة الإدارة وإبرام الاتفاقيات، يجوز له أن يبرم اتفاق التحكيم، حيث أن مثل هذا الاتفاق تقتضيه طبيعة العمل في المجال التجاري، فالتحكيم هو الوسيلة الأكثر رواجاً في فض المنازعات في مجال التجارة الدولية، ومن غير المنطقي في التعامل المعتاد أن يطلب الطرف الآخر منه تفويضاً خاصاً لإبرام اتفاق التحكيم، لأن الواقع أثبت لنا أن اتفاق التحكيم صار من مستلزمات الإدارة. إلا إذا وجد نص في عقد التأسيس أو في نظام ولوائح البنك يستوجب الحصول على إذن مجلس الإدارة أو تفويض رسمي من الجمعية العمومية، ومع ذلك فنحن نتفق مع الاتجاه الذي ذهب إليه المشرع بحماية الغير حسن النية الذي تعامل مع الجانب الظاهر والمعتاد، ومن ثم فهو غير مطالب بالتنقيب عن صلاحيات هذا أو ذاك طالما جرى التعامل على أن إبرام مثل هذا الاتفاق يدخل في صلاحيات الموظف الذي تعامل معه.