الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / سلطة ممثل الشخص الاعتباري / الكتب / قضاء التحكيم /  أهلية الأشخاص الاعتبارية العامة في الاتفاق على التحكيم

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    مؤسسة دار الكتب
  • عدد الصفحات

    1156
  • رقم الصفحة

    265

التفاصيل طباعة نسخ

 أهلية الأشخاص الاعتبارية العامة في الاتفاق على التحكيم

أهلية الأشخاص الاعتبارية في إبرام اتفاق التحكيم

   يقصد بالأشخاص الاعتبارية العامة، الدولة وكافة مؤسساتها، وهيئاتها وقطاعاتها، وجهاتها العامة، وكل مؤسسة ذات نفع عام تعمل علـى تحقيق المصلحة العامة.

    إذن فقد أعطى قانون التحكيم المصرى رقم (۲۷) لسنة ١٩٩٤، الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة حرية إبرام اتفاق التحكيم، بل وأجاز اللجوء إلـــى التحكيم وبنص صريح فى مجال العقود الإدارية، ولم يقيد هذه الحرية بشأن العقود الإدارية، إلا بالحصول على موافقة الوزير المختص، أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، ولكن نظراً لأهمية هذه العقود وخطورة آثارها على الدولة، فقد منع المشرع التفويض بإعطاء الموافقة على إبرام اتفاق التحكيم.

ثانياً: أهلية الأشخاص الاعتبارية الخاصة في الاتفاق على التحكيم

     تتمتع الأشخاص الاعتبارية الخاصة بذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية لأعضائها، ومن ثم فهى تتمتع بالحقوق وتتحمل بالالتزامات. كما أنها تتمتع بالشخصية المعنوية الكاملة التى تمكنها من مباشرة أعمالها لتحقيق الأهداف المرجوة منها.

    فالأشخاص الاعتبارية الخاصة تتمتع بأهلية إبرام اتفاق التحكيم، ولكن يشترط لذلك أن تكون قد اكتملت لها مقومات وجودها القانوني، لحظة الاتفاق على التحكيم. وهذا لا يتحقق إلا باكتمال الشخصية المعنوية لهذه الأشخاص. وتكتمل الشخصية المعنوية للأشخاص الاعتبارية الخاصة باستيفاء إجراءات الشهر القانونية، أما إذا لم تكتمل هذه الإجراءات، فإن هذه الشخصية تكون موجودة بين الشركاء فقط، ولكن لا يجوز الاحتجاج بها في مواجهة الغير.

    وقد اعترف المشرع المصرى للشخص الاعتبارى الخاص بأهلية الاتفاق على التحكيم بصريح نص المادة (۱۱) من قانون التحكيم المصرى، والذي ينص على أنه: "لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الدى يملك التصرف في حقوقه".

    فإن اتفاق التحكيم إذا كان خاضعاً لقانون يختلف عن قانون العقد الأصلي - كان يبرم العقد الأصلي في انجلترا ويبرم اتفاق التحكيم في فرنسا - فإنه للتأكد من وجود التراضى على اللجوء اللتحكيم وصحة هذا التراضى وخلوه من عيوب الإرادة كالغلط ولاتدليس والإكراه يرجع إلى قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا، فإن اختلف موطنا" فإنه يرجع إلى قانون الدولة التي أبرم اتفاق التحكيم فيها.

   ويتعين التحقق من اكتساب واستيفاء الشروط التى يستلزمها القانون للإقرار بالشخصية الاعتبارية، فيلزم مثلا بالنسبة للشركات التجارية كالتضامن والتوصية البسيطة استيفاء اجراءات الشهر المنصوص عليها في تقنين التجارة أما شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة فيلزم قيدها في السجل التجاري.

   وعلى هذا فإن ولاية التحكيم مردها إلى الإرادة التى يفصح عنها اتفاق التحكيم ومن ثم فإن لجان فحص المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعى لا تعد من قبيل هيئات التحكيم التي تصدر قرارات تحوز حجية الأمر المقضى إذ أن كل ما تفعله هو محاولة الوصول لتسويات ودية .

    وما دام التحكيم من العقود التى يجب أن يتوافر فيها الرضا على نحو ما ذكرنا فيبقى التساؤل قائماً حول مدى تصور وجود عيوب الإرادة عند الاتفاق على التحكيم .

    لا يمكن أن يتمسك بالغلط في القانون الواقع فى صفة جوهرية في شرط التحكيم فمثلاً لو أبرم أحد المتعاقدين اتفاق التحكيم على اعتقاد منه أن حكم المحكــم مجرد توصية غير ملزمة فإنه لا يمكن أن يطلب ابطال شرط التحكيم في القانون لكون حكم التحكيم ملزم الأطراف التحكيم. أيضاً لا يمكن إبطال شرط التحكيم بسبب الخطأ في القانون الواقع في شخص المتعاقد فمثلاً- وكما سنرى لاحقاً- إذا أبرم شخص اتفاق تحكيم مع مجموعة شركات - كأن يكون داخلاً في عقد مع كونسورتيوم - فلا يقبل منه طلب إبطال اتفاق التحكيم لمجرد أن اتفاق التحكيم لا يعتبر شركة أو أكثر - من الشركات التي دخلت فى الكونسورتيوم - من أطراف اتفاق التحكيم.

    وعلى هذا فإننا نرى أنه مادام الغلط في القانون كعيب من عيوب الرضا لا يمكن أن يتمسك به كسبب لإبطال شرط التحكيم، فإنه لا يتصور أن يكون الغلط - بنوعيه سواء في الواقع أو في القانون - أساساً عيب يعيب الرضا عند الاتفاق على التحكيم إذ أن الغلط فى الواقع - والذى يشمل الغلط في صفة جوهرية في الشئ أو الغلط فى شخص المتعاقد أو الغلط فى القيمة أو الغلط في الباعث - لا يتصور في الاتفاق على التحكيم إلا نادراً كما أن الغلط فـى القانون لا يمكن التمسك به ومن ثم فإن نوعى الغلط لا يتصورا عند الاتفاق على التحكـيم ومن أمثلة الغلط فى الواقع الذى من الممكن أن يبطل شرط التحكيم حالة ما إذا أصــاب شخص شخصاً آخر واتفق الطرفان على اللجوء للتحكيم لتقدير مستحقات المصاب فهنا من الممكن أن يقع المضرور عند الاتفاق على التحكيم في غلط في جسامة الإصابة فيرضى باللجوء إلى التحكيم على اعتقاد أن الإصابة يسيرة على حين أنه يتبين فيما بعد أن الإصابة جسيمة على نحو خلف عاهة مستديمة إذ أن المضرور لو كان يعلم أن الإصابة على هذا النحو لما اتفق على التحكيم بشأن التعويض عنها.

     والإكراه كعيب من عيوب الإرادة هو أيضاً متصور عند الاتفاق على التحكيم كأن يكره شخصاً أخر على اللجوء إلى التحكيم دون القضاء خوفاً من إفشاء أسرار الصفقة التي يتم التحكيم عنها لكون أحد المتعاقدين من الموظفين العموميين الممتنع عليهم ممارسة التجارة. فإذا أكره الشخص علي اللجوء في التحكيم بأي وسيلة إكراه كان اتفاق التحكيم باطلاً وفقاً لقواعد القانون المدني في هذا الشأن.

التشريع والقضاء المقارن في أهلية الأشخاص الاعتبارية في الاتفاق علي التحكيم

   القانون الفرنسي ، القاعدة العامة فيه هي تحريم إيرام علي الدولة وأشخاص القانون العام لاتفاق التحكيم ، وهذا المبدأ لم يؤخذ علي أطلاقه فالمشرع الفرنسي أجاز الخروج عنه والسماح لأشخاص القانون العام إبرام اتفاق التحكيم في العقود التي تبرمها مع المشروعات الأجنبية شريطة أن يصدر لها تصريح أو إذن صريح من المشرع يجيز لها ذلك - كما حدث في قضية Eurodisneyland عام ١٩٨٦ والتي أكد فيها مجلس الدولة الفرنسي أنه مع وجود هذا الاستثناء الخارج عن الأصل إلا أنه لم يتنحي عن مبدأه وأكد علي أن أشخاص القانون العام لا تستطيع أن تطرح القواعد التي تنظم القضاء الداخلي ، وتلجاء إلى الفصل في المنازعات بواسطة محكمين في علاقات تتم في إطار النظام الداخلي وأضـاف أيضا أن المبادي السالف ذكرها لايجوز الخروج عنها إلا بواسطة نصوص تشريعية او اتفاقيات دولية أو علاقة من علاقات القانون الخاص ذات الصبغة الدولية مثل العلاقات الدولية التجارية البحرية .

- أما دول أمريكا الجنوبية فقد حظرت التحكيم مع الأشخاص الأجنبية الخاصة ، مصداقاً لعدم تمتع الشخص الأجنبي لميزة لا يتمتع به الشخص العادي.

أما في القانون الكويتي ، فقد نصت المادة ۱۷۳ من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم ۳۸ لسنة ۱۹۸۰ علي جواز اتفاق الدولة وأشخاص القانون العام علي التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين سواء أكان اتفاق التحكيم في صورة شرط أو مشارطه، وتطبيقا لهذا فقد تضمنت كافة عقود الامتياز البترولية الكويتية لشرط التحكيم ، ومن أمثلة تلك العقود والاتفاقيات الاتفاقية الموفعة بتاريخ ٢٣ ديسمبر لسنة ١٩٣٤ بين الشيخ أحمد الجابر الصباح وبين شركة نفط الكويت (koc) والاتفاقية الموقعة مع الشركة اليابانية بتاريخ ٥ يوليو سنة ١٩٥٨ (edc) بشأن أمتياز النفط ، وتطبيقا لهذه الاتفاقيات لجأت شركة الأمينويل ألي التحكيم الدولي عندما نشأ النزاع بينها وبين دولة الكويت بسبب صدور بالقانون رقم ١٢٤ لسنة ۱۹۷۷ بتاريخ ۱۹ سبتمبر سنة ١٩٧٧ بأنهاء امتياز الشركة قبل مدة هذا الامتياز .

   وقد حذا حذو القانون الكويتي القانون العماني والذي نص في مادته الأولي من القانون رقم ٤٧ لسنة ٩٧ علي ذات المادة الأولي من القانون المصري و التي تتفق مع نصوص القانون النموذجي وأجاز للأشخاص الاعتبارية العامة إبـرام اتفاق التحكيم سواء في الداخل أو الخارج أيا كانت العلاقة وسواء أكانت متعلقة بعقود إدارية ام غير كذلك

- ومن كل ما تقدم يتضح لنا أن الدولة مهما أوتيت من وسائل الأكتفاء الذاتي فإنها لن تستطيع أن تقف أمام المتغيرات الدولية التي تدفعها دفعا لفتح أبوابها أمام كل الدول للاستفادة من خبراتهم في كافة المجالات وخاصة في مجال التحكيم التجاري الدولي والذي بعد بحق صمام الأمان لكل من يتعامل من الأشخاص الأجنبية مع الحكومات أو من يمثلها من الأشخاص الاعتبارية العامة أما بالنسبة للدول التي تعارض الاتفاق علي التحكيم بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة فهي تقف موضع الحائر و لن يستطيع ان تصمد كثيراً امام الانفتاح الاقتصادي الدولي ونظام العولمة الجديد.

الأشخاص الاعتبارية الخاصة

   تتمتع الأشخاص الاعتبارية الخاصة بكافة مقومات الشخصية المعنوية الكاملة، لكي تتمع تتمكن من مباشرة عملها لتحقيق الغرض من إنشائها، وهى فى سبيل ذلك تتكون لها الذمة المالية المستقلة عن أعضائها مما يمكنها من أن تكتسب الحقوق وتتحمل بالتزامات، وعادة ما تهدف تلك الأشخاص من عملها هذا تحقيق أكبر قدر من الربحية مما يعود عليها وعلى أعضائها بالنفع والزيادة في الافقى والرأسي.

    وتتنوع الأشخاص الاعتبارية الخاصة من حيث طريقة تكوينها والهدف المرجو منها، فهي إما أن تكون مدنية الغرض تجارية الشكل كأشكال الشركات المختلفة المبينه بقانون التجارة ۱۷ لسنة ۱۹۹۹ وقد تكون مدنية بحسب الأصل كالجمعيات المدنية والنقابات، وإما أن تكون تجارية الغرض بحسب الأصل والشكل كشركات التضامن والتوصية البسيطة وشركات المساهمة والشركات ذات المسئولية المحدودة )، إذ أن الشركات التجارية هى دائماً محور التجارة الخارجية، هذه الأخيرة تقوم على كثير من التعاقدات الدولية والداخلية، وهذه التعاقدات تتضمن في معظمها اتفاقا على التحكيم.

1- الاهلية

   فإذا ما توافرت الأهلية الكاملة للشخص الاعتباري العام على النحو سالف البيان فهنا يحق للشركة أن تبرم اتفاق التحكيم مع أي طرف سواء كان أجنبيا أو وطنيا وسواء كانت العلاقة تعاقدية أم غير كذلك وعلى هذا تنص المادة الأولى من قانون التحكيم المصرى على أنه تسرى أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أنه لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه.

    أن الأشخاص الاعتبارية الخاصة تستطيع بما لها من أهلية كاملة ومكنة التصرف فى حقوقها أن تبرم اتفاقات التحكيم طوال فترة حياتها القانونية في العقود التي تبرمها مع الغير حتى تنتهي حياة هذه الأشخاص أما بالاندماج أو التصفية .

سلطة إبرام اتفاق التحكيم :

   وفي مجال شركات التضامن فالمعروف أن مسئولية الشركاء تكون تضامنية فإذا ما ابرم الشريك اى تصرف مع الغير بموجب عقد الشركة فان هذا التصرف يلزم الشركة وبقية الشركاء المتضامنين فيحق للغير ان يرجع على الشريك المتصرف أو الشركاء جميعهم المتضامنين لتطبيق الالتزام الواقع على الشركة نتيجة لهذا التصرف .

    ان هذه الشركات في مجموعها تصبح كالشركاء المتضامنين في شركة التضامن واذا وجد شرط تحكيم متعلق بالشركة الكبرى أستفاد منه كافة الشركات المنضمة لهذا الجمع أما اذا كان اتفاق احد الشركات على التحكيم بشان عقد يتعلق باعمالها فقط مع الغير دون ان تكون ممثلة لهذه الشركة الكبرى ودون أن يكون هذا العقد متعلقا بها هنا لا ينسحب أثر هذا الاتفاق لبقية الشركاء ولا تلتزم به ايضا الشركة الكبرى لأنه بناءا على علاقة منفصلة تماما عن الغرض من الشركة الام وما تضضمنه من شركات .

3- أثر اتفاق التحكيم الذي يبرمه الشخص الاعتباري الخاص على الغير

   الأصل وفقا للقاعدة العامة فى نسبية اثر العقود ان ای اتفاق بین طرفین لا يلتزم به الغير الذى لم يوقع او يتفق على العقد المبرم بينهم فلا يحتج اذا باتفاق التحكيم او بحكم التحكيم على حسب الأحوال في مواجهة الغير الذي لم يتدخل في الاتفاق أو في خصومة التحكيم .

    ومن كل ما تقدم يتضح لنا أهمية تحديد الطرف وأهليته في أتفاق التحكيم باعتباره العنصر المهم والاساسى الذى يقوم عليه اتفاق التحكيم والعملية التحكمية ككل سواء على الصعيد الدولي أو المحلى .