اتفاق التحكيم / الأهلية اللازم توافرها / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر النظام العام عل اتفاق التحكيم ( دراسة مقارنة ) / الأهلية اللازمة لإبرام العقود طبقاً للقواعد العامة
الأهلية اللازمة لإبرام العقود طبقاً للقواعد العامة
تعتمد صحة التراضي بالإضافة إلى انتفاء العيوب ، على توافر الأهليـة اللازمة لإبرام العقد . وتختلف الأهلية المطلوبة بحسب طبيعـة العمـل ومـدى خطورته ، الأمر الذي يؤثر بالتالي في مصير العقد وما إذا كان باطلاً بطلانـاً مطلقاً أم بطلاناً نسبياً ، وأحكام الأهلية متعلقة بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على حرمان شخص من أهلية موجودة أو التعديل في نطاقهـا ، وكـذلك لا يجـوز التعامل على أساس وجودها رغم عدم توافرها قانوناً . وفي هذا تـنـص المـادة 48 من القانون المدنى المصرى على أنه : "ليس لأحد النزول عـن أهليتـه أو التعديل في أحكامها" .
والأهلية التي تعنينا هي أهلية الأداء التي تعكس قدرة الشخص علـى مباشرة الأعمال القانونية ، التصرفات ، بحيث تنتج آثارها القانونية في مواجهته ، حقاً أو التزاماً . وبالتالي لا تعنينا أهلية الوجوب التي تفيد وجوب الحق لـه أو الالتزام عليه دون أن يكون قادراً – في وضع معين - على التعامل بشأن تلـك الحقوق والالتزامات.
ومناط أهلية الأداء هو التمييز الذي يفترض تـوافره بحسب المرحلـة العمرية ، فتنعدم الأهلية بانعدام التمييز والأمر كذلك من لحظة الميلاد حتى بلوغ سن التمييز ، أي سبع سنوات ، وتعتبر الأهلية ناقصة اعتباراً من سن السابعة وحتى بلوغ سن الواحدة والعشرين حيث يفترض بحسب الأصل اكتمال التمييـز اعتباراً من هذا السن وبالتالي اكتمال الأهلية ، هذا ما لم يلحقها عـارض يـؤثر فيها ، ويعدم ، أو ينتقص في حالة توافره الإرادة وما تسعى إليه .
والعوارض أو الموانع هي ظروف تطرأ على الشخص ، فتـؤثر علـى أهلية الأداء لديه . والعارض ، مرض قد يصيب الشخص في عقله فيعدم لديـه أهلية الأداء . وهذا هو (الجنون أو العته). وقد يصيبه في تقديره وتدبيره فينتقص من أهلية الأداء دون أن يعدمها . وهذا هو (السفه أو الغفلة) .
أما المانع ، فقد يكون ظرفاً مرضياً يصيب الشخص في جسمه ، فيعوقه عن التعبير عن إرادته ، أو يجعله في حاجة إلى مساعدة الغير في إدارة أمواله . وهذا يتمثل في ( العاهة المزدوجة ، أو العجز الجسماني الشديد ) . وقد يكـون ظرفاً مادياً . يحول بين الشخص وإدارة أمواله . وهذا هو غياب الشخص عـن موطنه . وقد يكون ظرفاً فرضه القانون لحرمان الشخص مـن إدارة أموالـه . وهذا هو الحكم بعقوبة جناية .
والأصل أن يفترض في الشخص كمال الأهلية متى سعى للتعاقد . وفي هذا تنص المادة (109) من القانون المدنى المصرى على أن : " كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون "
كذلك نصت المادة (109) من القانون المدني القطري رقم 22 لسنة 2004 على أنه: " كل شخص أهل للتعاقد ما لم يقرر القانون عدم أهليتـه أو ينقص منها " .
وهذا الأصل هو الذي يجب اعتماده عند تقييم التصرفات ، والاستثناء هو عدم اكتمالها بما يؤثر في وجود العقد أو بقائه . وبالتالي على من يسعى إلـى إبطال العقد أو إلى التمسك ببطلانه ، عبء إثبات ادعائه .
وفي هذا تنص المادة (44) من القانون المدني المصري على أن :
(1) كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامـل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية
وفي هذا تنص المادة (113) من القانون المدنى المصرى موضحة أثر هذه الحالات على الإرادة على أنه : " المجنون والمعتوه وذا الغفلة والسفه تحجر عليه المحكمة ، وترفع الحجر عنهم وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في القانون .
وفي نفس السياق ، نصت المادة (118) من القانون المدنى القطـري رقم 22 لسنة 2004 في فقرتها الأولى على أنه : " المجنـون والمعتـوه وذو الغفلة تحجر عليهم المحكمة ، وترفع الحجر عنهم وفقاً للقواعد والإجراءات التي يقررها القانون " .
وتنص المادة (114) من القانون المدني المصري ، في شأن عـارض الجنون والعته ، على أنه :
" (1) يقع باطلاً تصرف المجنون والمعتوه إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجر ".
(2) أما إذا صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها ".
وفي نفس المعنى نصت المادة (119) من القانون المدني القطري رقم 22 لسنة 2004 على أنه : " 1- يقع باطلاً تصرف المجنون والمعتوه ، الذي تقرر توقيع الحجر عليه ، متى صدر التصرف بعد قيد طلب الحجر . 2- أما إذا صدر التصرف قبل قيد طلب الحجر فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنـون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها " .
وتطبيقاً لهذا النص وتفصيلاً للـدور الحمـائـي فـي إطـار المبادلات الإلكترونية ، فإن كافة تصرفات المحجور عليه لعارض الجنون أو العتـه ( أو لانعدام التمييز بسبب السن ) ، تقع باطلة بطلانا مطلقاً لانعدام رضائه ، في حين لا يلحق البطلان تصرف المجنون أو المعتوه متى أبرم قبل تسجيل قرار الحجر إلا إذا كانت حالة الشخص شائعة أو استغلها الطرف الآخر صاحب الموقع لعلمه بها ، ، سعياً إلى التعاقد .
وفي ضوء ما تقدم يمكننا تحديد أسباب فقد الاهلية كمـا حـددها القانون المصري – وسايره في ذلك القانون القطري – فنجدها كالتالي :
1- صغر السن ، وفيه مرحلتان : أولاهما من الميلاد إلى سن التمييز ( وهي 7 سنوات ) ليس للصغير فيها حق إبرام أي تصرف من التصرفات القانونيـة ، سواء أكان تصرفاً ضاراً أم نافعاً أم متردداً بين النفع والضرر والثانية من سـن التمييز إلى سن الرشد ( وهي 21 سنة ) وفيها يكـون للصغير حـق إيـرام التصرفات النافعة نفعاً محضاً ، وإن كانت هذه الأخيرة قابلة للتصحيح بإجـازة صاحب الولاية على ماله ( الولي أو الوصي ) مع مراعاة الأحوال الخاصة التي يمنحه القانون فيها أهلية إبرام بعض التصرفات .
2 - الجنون والعته ، وفقدان الأهلية بسببها كفقدان الأهلية في حال الصغير غير المميز.
3- السفه والغفلة ، ويشبه فاقد الاهلية بسببهما بالصغير المميز ، وإن كان لـه أن يتم بعض تصرفات بشروط معينـة ( كالوقف بإذن المحكمة ) .
4- الإصابة ببعض العاهات التي تجعل التعبير عن الإرادة متعذراً على المصاب بها ، إذا تقرر تعيين مساعد قضائي له ، إذ يعتبره غير قادر على الانفراد فـي إبرام التصرفات التي تتقرر له المساعدة القضائية في إبرامهـا ، بـل يـلـزم أن يشترك معه في ذلك مساعده . والعجز الجسماني الشديد يجيز تعيـين مـساعد قضائي ، ولذا يؤدى إلى فقدان الأهلية كالإصابة بالعاهات .
5- الحكم بعقوبة جناية : فطبقاً للمادة 25 من قانون العقوبات يحرم من حكـم عليه بعقوبة جناية من إدارة أمواله مدة اعتقاله . وله أن يختار قيماً تصدق عليه المحكمة المدنية التي يقع في دائرتها محل إقامته ، وإلا عينت المحكمة له قيماً . ويلاحظ أن القيم مختص فقط بالقيام بأعمال الإدارة . .
أما التصرفات فليس للقيم أن يتولاها بل يقوم بها المحكوم عليـه نـفـسـه بشرط أن يحصل على إذن سابق من المحكمة وإلا كان التصرف باطلاً بطلانـاً مطلقاً .
وهذا المانع يعتبر من ناحية عقوبة تبعية توقع على المحكوم عليه بعقوبة جناية كما أنه يواجه اعتبارات الواقع ذلك أن المحكوم عليه وهو في السجن لا يكون في إمكانه أن يدير أعماله إدارة تكفل فعـلاً المحافظـة علـى أموالـه . وحرمانه من إدارة أمواله من شأنه حرمانه من استعمال أمواله في سبيل الهرب من السجن .
6 - الغيبة : فالغائب قانوناً كما توضح المادة 74 من القانون المصرى للولايـة على المال هو الشخص الذي يتغيب أكثر من سنة وأن يوجـد فـي حالـة مـن الأحوال الآتية :
1- من كان مفقوداً لا تعرف حياته من مماته
2- إذا لم يكن له محل إقامة أو موطن معلوم .
3- إذا كان له محل إقامة أو موطن معلوم في الخارج واستحال عليه أن يتولى شئونه بنفسه أو أن يشرف على من ينيبه في إدارتها .
فالغائب شخص كامل الأهلية ولكن الضرورة اقتضت إقامة وكيل عنـه بعد أن طالت غيبته إلى أكثر من سنة لكي يتولى ذلك الوكيل إدارة شئونه .