الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الأهلية اللازم توافرها / الكتب / التحكيم التجاري الدولي / الاهلية اللازمة لعقد الاتفاق

  • الاسم

    أ.د فوزي محمد سامي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    113

التفاصيل طباعة نسخ

الاهلية اللازمة لعقد الاتفاق

   نقصد هنا بالاهلية هي الاهلية اللازمة للاتفاق على حسم النزاع بالتحكيم، ولا يمكن للشخص ان يجري اتفاقا على ذلك الا اذا كانت له اهلية التصرف في الحقوق المتعلقة بالنزاع المراد حسمها بالتحكيم فقد نصت المادة ٢٥٤ من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم ۸۳ لسنة ١٩٦٩ على ان التحكيم لا يصح الا ممن له اهليــة التصرف في الحق موضوع النزاع ) ولأجل معرفة القواعد القانونية التي تحكم مسائل الاهلية يتم الرجوع الى القانون الشخصي لاطراف الاتفاق والقانون الشخصي يتحدد بموجب الرابطة بين الشخص وبين الدولة التي يخضع ذلك الشخص لقانونها .

   وهذا ما تم تشريعيا بالقانون الصادر في ۱۹ آب ۱۹۸٦ الخاص بالمؤسـسـات المحلية والذي نص على استثناء هذه المؤسسات من نص المادة ٢٠٦٠ من القانون المدني واجاز لها الاتفاق على التحكيم في المعاملات الدولية لكن معظم تشريعات الدول لا تمنع اشخاص القانون العام من اللجوء الى التحكيم لحسم منازعاتها الناشئة عن المعاملات الداخلية او الخارجية.

   كذلك لا يوجد في القانون العراقي ما يمنع الدول او اشخاص القانون العام من وضع شرط التحكيم في العقود او الاتفاق عليه الا انه يمكن القول ان العراق لا يشجع اللجوء الى التحكيم الدولي لفض المنازعات الناشئة عن المعاملات التجارية ولكن في تعميم صدر بكتاب وزارة التخطيط عام ١٩٨٤ الى كافة الوزارات والمؤسسات اقرت فيه الوزارة المذكورة امكانية اللجوء الى التحكيم الدولي والاتفاق على ذلك بشرط ان تحصل تلك المؤسسات على موافقة مجلس التخطيط كما ان المادة (٦٩) من الشروط العامة لمقاولات اعمال الهندسة المدنية التي اصدرتها وزارة التخطيط تنص على امكانية اللجوء الى التحكيم لتسوية النزاع بين رب العمل والمقاول في حالة عدم قبول القرار الذي يتخذه المهندس لحسم النزاع.

   ولا يفوتنا القول بأن هذه الاتفاقية تركت الخيار للدولة المتعاقدة في ان تقرر ما اذا كان  للإدارة او المؤسسات العامة لتلك الدولة اهلية الاتفاق على التحكيم وهذا ما جاء في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك.

   كما عالجت الاتفاقية الاوروبية لعام ١٩٦١ مسألة اهلية الاشخاص المعنوية للقانون العام. واشارت الى ذلك صراحة في الفقرة الأولى من المادة الثانية حيث نصت على أنه يجوز للاشخاص المعنوية التي تعتبر بموجب القانون المطبق عليها من اشخاص القانون العام ان تعقد بشكل صحيح اتفاقات للتحكيم».

   لكن الفقرة الثانية من المادة المذكورة نصت ايضا على حق الدولة في تقييد الجواز الذي اقرته الفقرة الاولى وذلك عند اعلان تلك الدولة انضمامها الى الاتفاقية فالمبدأ العام هو الجواز للدولة ولاشخاص القانون العام الاتفاق على التحكيم الا اذا اعلنت الدولة المنضمة الى الاتفاقية بانها لا تسمح بذلك او انها تقيد نطاق تطبيق المبدأ المذكور على بعض حالات النزاع أو على بعض اشخاص القانون العام التابعين لها او انها لا تسمح بذلك بشكل مطلق.

   كذلك نجد ان اتفاقية واشنطن لفض المنازعات الناشئة عن الاستثمارات بين الدول ومواطني الدول الاخرى لعام ١٩٦٥ قد نصت على التحكيم الذي يعالج نوعاً معيناً من المنازعات التي تثار بين الدول والاشخاص الطبيعيين أو المعنويين لدول اخرى وقد تكون الدولة نفسها او احدى مؤسساتها، طرفا في النزاع من جهة ومن جهة اخرى يكون الطرف الاخر افرادا او شركات أو مؤسسات القانون العام او الخاص وهم اصحاب الاستثمارات من رعايا دول اخرى وهذا ما اكدته ديباجة المقدمة التي وردت في الاتفاقية المذكورة وكذلك ما ورد في الفقرة الثانية من المادة الأولى. 

    كذلك نجد ان الاتفاقية العربية للتحكيم التجاري نصت في مادتها الثانية على انها تطبق على المنازعات التجارية التي تنشأ بين اشخاص طبيعيين ومعنويين ايا كانت جنسيتهم ويربطهم تعامل تجاري مع احدى الدول العربية او احد اشـخـاصـهـا وكذلك الحال بالنسبة للاتفاقية الموحدة للاستثمارات العربية في مادتها التاسعة والعشرين.

   وقبل الانتهاء من هذا الموضوع فلا بد لنا من الاشارة الى ان معظم الدول النامية التي لا زالت تتمسك بالحصانة القضائية للدولة ومؤسساتها العامة ولا تريد ان تخضع لقضاء دولة اخرى او تحكيم اجنبي كما تتمسك ايضا بالحصانة التنفيذية بالنسبة لاموالها وممتلكاتها فالحكم الصادر خارج تلك الدولة (اي الصادر في دولة اجنبية) لا يجوز تنفيذه على اموال الدولة او اموال مؤسساتها . 

   وعلى هذا الاساس فان التحكيم شأنه في ذلك شأن القضاء الاجنبي الذي يمس سيادة الدولة، وهذا ما جاء في قرار لديوان التدوين القانوني العراقي عام ١٩٧٨.

    ونذكر في هذا الصدد ان هناك رأيين في الفقه والقضاء في الوقت الحاضر بالنسبة لسريان حكم التحكيم على الدولة ومؤسساتها العامة عندما تتفق على اللجوء الى التحكيم ولا يجوز لها بعد ذلك التدخل في اتفاق التحكيم او عدم تنفيذ الحكم الخاص بالتحكيم وهما ان الدولة او احدى مؤسساتها عندما تتفق على حل منازعاتها بالتحكيم مع طرف آخر سواء اكان فردا او مؤسسة فإنها تتنازل عن سيادتها بالنسبة للموضوع الذي جرى الاتفاق بشأنه وبالتالي عليها ان تخضع لقرار التحكيم وعدم الوقوف امام تنفيذه بحجة التمسك بالحصانة، وهذا هو الرأي الأول، أما الرأي الثاني فيقول إن الدولة عندما تتفق على ان يتم حل النزاع بالتحكيم، فإنها لا تتنازل عن سيادتها، وانما توافق بارادتها على الخضوع الى القضاء الاجنبي، أي لقرار التحكيم الذي يصدر بحقها، وعليها ان تلتزم بتنفيذه ولا يجوز لها التخلي عن ذلك بحجة المحافظة على سيادتها، والتمسك بالحصانة القضائية او الحصانة التنفيذية، وهذا ما جاء في قرار محكمة النقض الفرنسية الذي اصدرته في ۱۸ تشرين الثاني ١٩٨٦ حيث جاء فيه ان شرط التحكيم الموضوع في العقد يجعل الدول الاجنبية تخضع لقضاء المحكمين وتكون قد قبلت بأن حكمهم قابل للتنفيذ.

   وهذا هو الرأي السائد الان حيث ان الفقه منذ القرن التاسع عشر بدأ يفرق بين نوعين من اعمال الدولة وهي:

أ- الأعمال الخاصة بالسيادة والمتعلقة بمجالات القانون العام. 

ب- الأعمال الاخرى التي تتعلق بالنشاط الخاص كممارسة الاعمال التجارية.

 وعليه فإن الاعمال التي تدخل ضمن نشاطات القانون الخاص لا تشملها الحصانات الدبلوماسية، وقد ظهر هذا الاتجاه بالاخص بعد قيام بعض الدول بتنظيم اقـتـصـادهـا علـى اساس الاقتصاد الموجـه وقـيـام الدولة ومؤسـسـاتهـا بمزاولة العمل التجاري. وعلى هذا الاساس تطبق احكام الحــصــانـات القـضــائيـة والتنفيذية بالنسبة لاعمال السيادة فقط. وفي هذا الاتجاه صدرت تشريعات عديدة فرقت بين هذين النوعين من النشاط منها التشريع الامريكي لعام ١٩٧٦ والانكليزي لعام ۱۹۷۸ وقانون سنغافورة لعام ۱۹۷۹ والباكستاني لعام ١٩٨١ والكندي لعام ١٩٨٢.

   وهكذا فقد تم هجر نظرية الحصانة المطلقة للدول، واصبحت الحصانة نسبية بالنسبة لنوعية العمل الذي تمارسه الدولة او احدى مؤسساتها وهذا ما اقرته ايضا لجنة القانون الدولي التابعة للامم المتحدة عند اعدادها لمشروع اتفاقية خاصة بحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية حيث جاء في نص المادة (١٢) من المشروع المذكور ما يأتي:

   «اذا ابرمت دولة ما عقدا تجاريا مع شخص اجنبي طبيعي او اعتباري وكانت الخلافات المتعلقة بالعقد التجاري تقع بمقتضى قواعد القانون الدولي الخاص الواجبة التطبيق في نطاق ولاية محكمة دولة اخرى تعتبر الدولة قد وافقت على ممارسة تلك الولاية في اية دعوى تنشأ عن ذلك العقد التجاري، ولا يجوز لها بالتالي الاحتجاج بالحصانة من الولاية في تلك الدعوى ) .