حالات عدم توافر الأهلية المتطلبة في الاتفاق على التحكيم
أولاً اتفاق عديم الأولية على التحكيم:
(أ) الطفل دون السابعة من عمره: المعروف أن الأهلية مناطها التمييز . والشخص لا يفقد أهليته إلا إذا لم تتوافر فيه أسباب التمييز ، هذا ويقدر سن التمييز في مصر بسبع سنوات، فمن لم يبلغ السابعة من عمره، يعتبر فاقدا للتميز عديماً للأهلية، وقد نصت المادة ٢/٤٥ من القانون المدنى المصرى أن كل من لم يبلغ السابعة يعتبر فاقداص للتمييز"، ويستتبع ذلك، أن جميع التصرفات القانونية الصادرة من الصغير قبل سن السابعة تعتبر باطلة بطلانا مطلقاً، وعلى هذا نصت المادة ۱۱۰ من القانون المدني على أنه " ليس للصغير غير المميز حق ال تصرف في ماله، وتكون جميع تصرفاته باطلة وهذا البطلان المطلق لا تصحه الإجازه، ويجوز لكل ذى مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ، ومن هذا يتضح لنا أن كل اتفاق يبرمه الصبى غير المميز بشأن التحكيم يكون باطلاً بطلانا مطلقاً، ويستتبع ذلك مباشرة الصبى غير المميز لاتفاق التحكيم الذي انتقل إليه بحكم كونه خلقا عاماً أو خاصاً وذلك لعدم توافر أهلية التصرف المنصوص عليها فى قانون التحكيم وانعدام التمييز المنصوص عل بها في ف القانون المدنى.
(ب) المجنون والمعتوه أو المعاق ذهنياً :
وقد سوى القانون بين المعتوه والمجنون والصبي غير المميز عديم الأهلية فلا تصح كافة تصرفاتهم وتعد بالتالى باطلة بطلاناص مطلقا، ويترتب على ذلك أن أي اتفاق حول التحكيم يكون ماله البطلان المطلق باعتبارهم عديمي الأهلية وهو ما أكدته نص المادة ٤٥ من القانون المدنى "بقولها لا يكون أهلاً لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر فى السن أو عته أو جنون"، وهو أيضاً ما أكدته محكمتنا العليا في حكم قديم لها إذ تقول فيه:
والمجنون والمعتوه يجب الحجر عليهما، وتنص على ذلك المادة ١١٤ من القانون المدنى إذ تقول -١- يقع باطلاً تصرف المجنون والمعتوه إذ صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجر -۲- أما إذا صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر، فلا يكون باطلا إلا إذا كانت حالة الجنون والعته شائعة وقت التعاقد، أو كان الطرف الآخر على بينة منها"، وهنا يجب التفرقة بين أمرين أولهما أنه إذا اتفق المجنون أو المعتوه على شرط أو مشارطة التحكيم بعد قرار الحجر عليه فهنا يكون الاتفاق بطلاً بطلانا مطلقاً ، فالفرض أن الطرف الآخر كان يعلم حالة الجنون أو العته، وهذا العلم مفترض من تسجيل قرار الحجر، أو تسجيل طلب الحجر. والفرض الثانى أن قرار الحجر لم يصدر وأن المجنون أو المعتوه قد أبرم اتفاق التحكيم قبل أن تصيبه تلك الآفة أو لم تكن حالته شائعة وقت إبرام الاتفاق ولم يعلم بها الطرف الأخر من الاتفاق أو لم يكن باستطاعته العلم بها لو بذل جهداً معقولاً، وهنا فقط يكون الاتفاق الصادر من المجنون أو المعتوه صحيحاً ويصبح نافذا في حقه، حماية للغير حسن النية.
ثانيا: القاصر (الصبي المميز ناقص الأهلية):
الصبي المميز هو من بلغ بسن السابعة من عمره ولم يبلغ الواحدة والعشرون، وهو يعد فى تلك الفترة حسب القانون ناقص الأهلية وتنص المادة ۱۱۱ من القانون المدنى على أنه " إذا كان الصبى مميز كانت تصرفاته المالية صحيحة متى كانت نافعة نفعاً محضاً، وباطلة متى كانت ضارة ضرراً محضاً - أما التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر، فتكون قابلة للإبطال لمصلحة لقاصر، ويزول حق التمسك بالإبطال إذا أجاز القاصر التصرف بعد بلوغه سن الرشد، أو إذا أصدرت الإجازة من وليه أو من المحكمة بحسب الأحوال وفقاً للقانون"، كما تنص المادة ۱۱۲ من ذات القانون أنه إذا بلغ الصبي المميز الثامنة من عمره وأذن له فى تسلم أمواله لإدارتها أو تسلمها بحكم القانون، كانت أعمال الصادرة منه صحيحة في الحدود التي رسمها القانون".
ومن هاتين المادتين يتضح لنا ونحن بصدد بحث أهلية الاتفاق على التحكيم بالنسبة للقاصر أن نفرق بين أمرين:
١ - القاصر غير المأذون له بالتجارة أو الإدارة: أجاز المشرع خروجاً عن القاعدة العامة للقاصر الذى لم يبلغ ، سن الرشد أهلية القيام ببعض التصرفات في الحدود التي رسمها القانون، فتنص المادة ٦١ من قانون الولاية على المال رقم ۱۱۹ لسنة ١٩٥٢ من أنه للقاصر أهلية التصرف فيما يسلم له أو يوضع تحت تصرفه عادة من مال لأغراض نفقته، ويصح التزامه المتعلق بهذه الأغراض فى حدود هذا المال فقط.
ومن أشكال التصرف في هذا المال إبرام الصبي المميز عقد بيع أو إيجار يتضمن أحد بنوده اتفاق على شرط التحكيم، فيصبح هذا الاتفاق صحيحاً ومنتجاً لأثاره وفقا للقانون وبحكم هذه المادة، أما في غيـر تلك الأحوال المنصوص عليها فى المواد السابقة من قانون الولاية على المال، فإن القواعد العامة المنصوص عليها فى القانون المدنى بشأن تصرفات الصبي المميز والتي بيناها في صدر هذا الموضوع هــي التي تطبق، مع الوضع فى الاعتبار دائما نص المادة ١١ من قانون التحكــيم المصرى بقولها " بأنه لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي ... الذي يملك التصرف في حقوقه".
القاصر المأذون له بالإدارة والتجارة تنص المادة ٥٤ من قانون الولاية على المال من المال من أنه للولى أن يأذن للقاصر الذى بلغ الثامنة عشرة في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها ..."، كما نصت المادة ٥٥ أيضاص من ذات القانون " أنه يجوز للمحكمة بعد سماع أقوال الوصي أن تأذن للقاصر الذي الثامنة عشرة في تسلم أمواله كلها أو بعض منها لإدارتها..."، وهنا أعطى المشرع للصبي المميز الذى بلغ الثامنة عشرة من عمره الحق والحرية الكاملة في إدارة أمواله وذلك بعد أن يأذن له وليه بذلك، فإذا كان مشمولا بالوصاية، فإن الإذن يصدر من المحكمة بعد سماع أقوال الوصى.
أن الإذن للقاصر بالتجارة يعطيه أهلية التصرف في كل المسائل التي تتعلق بهذه التجارة في حدود الإذن الممنوح له من المحكمة، وهنا يكتسب أهلية التصرف الكاملة التي يتطلبها قانون التحكيم المصري .
ثالثاً: السفيه وذو الغفلة
السفه : هو حالة تصيب الشخص، وتدفع به إلى إنفاق المال بلا طائل ولو كان ذلك على وجوه الخير، شأنه شأن ناقص الأهلية، فتقع تصرفاته قابلة للإبطال لمصلحته إذا كانت تدور بين النفع والضرر، وتقع صحيحة إذا كانت نافعة نفعاً محضاً، وتقع باطلة بطلانا مطلقاً إذا كانت ضارة ضرراً محضاً وينطبق هذا الحكم بنص المادة ١٥٥ من القانون المدنى، وذلك بعد تسجيل قرار الحجر أو تسجيل طلب الحجر.
إذا ما تم الاتفاق على التحكيم بعد قرار الحجر فيعد هذا الاتفاق باطلاً لأن السفيه وذى الغفلة لا يملكون حرية التصرف في حقوقهم وبالتالي لا يتمتعون بالأهلية الواجب توافرها وفقاً لنص ال مادة 11 من قانون التحكيم المصرى، أما إذا كان الاتفاق قبل قرار الحجر فتنطبق عليه ذات أحكام السفيه آنفة البيان.