إن توفر الأهلية لإبرام اتفاق الحكيم هو السند القانون الإجراءات التحكم وبدون تلك الأهلية لا يكون اتفاق التحكيم صالحا ؛ لأنه لا يقبله العقل ولا يجيزه القانون.
وهذا ما أكدته جميع التشريعات وقوانين التحكيم العربية والأجنبية وخاصة دول الخليج العربية ومنها:
نص نظام التحكيم السعودي الجديد لعام 1433هـ في المادة (10) أنه: (1- لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن يملك التصرف في حقوقه سواء أكان شخصا طبيعيا أو من يمثله - ام شخصا اعتباريًا 2- لا يجوز للجهات الحكومية الاتفاق على التحكيم إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ما لم يرد نص نظامي خاص يجيز ذلك .
كما نص في المادة (4/203 قانون الإجراءات المدنية الإماراتي لعام 1992م على أنه: (لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع ).
وأكد مشروع القانون الاتحادي الجديد حرصه في ذلك في المادة (1/5) ، فقد نص على أنه: (لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا من الشخص الطبيعي أو من يمثل الشخص الاعتباري والذي يملك التصرف في حقوقه ).
كما نص قانون المرافعات البحريني رقم (9) لعام 1994م في المادة (4/233) فقد نصت على أنه لا يصح التحكيم إلا لمن له أهلية التصرف في حقوقه).
فقد جاء في قانون التحكيم العماني مادة (11) أنه: ( لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك حق التصرف في حقوقه ).
كما نص قانون المرافعات الكويتي في المادة (2/173) على أنه: (لا يصح التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع ).
كما نص قانون المرافعات المدنية القطري في المادة (5/190) على أنه: (لا يصح التحكيم إلا لمن له أهلية التصرف في حقوقه) .
ونلحظ من خلال هذه النصوص السابقة بأن المشرع السعودي والإماراتي قد كان جعل من الشروط الشكلية اللازمة لصحة اتفاق التحكيم هو: أن يتمتع الأطراف بالأهلية الكاملة والتي حدد معيارها النص هو القدرة على التصرف الكامل في الحقوق، وأن تكون له التصرفات القانونية حيالها ويتضح من المادة (10) في نظام سعودي من فقرتيها الأولى والثانية قاعدتين ك
القاعدة الأولى: لا نقصر الأهلية على الشخص الطبيعي فقط بل إنها تمتد إلى وكيله الخاص، الذي يحق له إبرام اتفاق التحكيم كما نصت الفقرة الأولى بقولها أو من يمثله).
القاعدة الثانية: أن الجهة الحكومية لما كانت ذات شخصية قانونية اعتبارية بموجب نص الفقرة الثانية بحيث أعطاها الحق في إجراء ما تشاء من تصرفات قانونية أو نظامية، إلا أن المشرع قد اشترط في ذلك موافقة رئيس مجلس الوزراء فقد جعل من تلك الموافقة بمثابة الاعتراف بالأهلية النظامية للجهات الحكومية ، التي تبرم اتفاق التحكيم ، وفي حال عدم وجود تلك الموافقة فإنه يعتبر ناقص الأهلية والتي ينطوي عليها اتفاق التحكيم بالبطلان.
وكذلك هو الحال بالنسبة لباقي أنظمة التحكيم في الدول العربية والأجنبية ومنها على سبيل المثال:
قانون التحكيم المصري رقم (27) لعام 1994م في المادة (1/53) الفقرة (ب) فقد نصت على أنه : ( إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته ).
كما لا يجيز قانون التحكيم اليمني بموجب نص المادة (53) منه رفع دعوى البطلان إلا في حال أنه : (... إذا كان أحد أطراف اتفاق التحكيم فاقد الأهلية ..... فالجزاء بفقدان الأهلية هنا يعطي الحق للمحكمة بإبطال ذلك الاتفاق لفاقد الأهلية، لأنه مخالف للنظام العام فلها الحق من ذاتها في إبطال ذلك الاتفاق .
ومن حيث أن المراد هو أهلية الأداء، فيجب أن يكون لدى كل طرف في اتفاق . التحكيم أهلية التصرف في حقوقه، فكل من يملك التصرف في حقوقه المالية أصلا أو بإذن من المحكمة ، أو بحكم القانون ، يكون أهلاً لإبرام اتفاق التحكيم، ولا يكفي هنا أهلية اللجوء إلى القضاء.
وبما أن قواعد الأهلية من النظام العام هي الضابط، فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها ؛ ولذلك لو أبرم ناقص الأهلية اتفاقا تحكيميا، ثم تعهد للطرف الآخر بعدم مطالبته ببطلان ذلك الاتفاق عند بلوغ سن الرشد فإن ذلك التعهد يكون باطلا ..
كما نصت المادة (11) من القانون التحكيم المصري على أنه : (لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه.....
وأيضا قانون التحكيم اليمني في المادة (6) على أن ( يكون المحتكم أهلا للتصرف في التي الحق موضوع التحكيم على أن لا يقبل التحكيم من الولي أو الوصي إلا لمصلحة أو من المنصوب إلا بإذن المحكمة ).
وكذلك قانون التحكيم الأردني نص في المادة (10) على أنه : (لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه .....
وفي قانون التحكيم السوري رقم (8) لعام 2008م نصت المادة (1/9) منه على أنه: (لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه، وفقا للقانون الذي يحكم بأهليته ).
وكذلك هو الحال بالنسبة لباقي القوانين العربية والأجنبية وعلى سبيل المثال: القانون المدني اليمني في المادة (50) فقد أجاز إبرام اتفاق التحكيم في المعاملات المدنية لمن بلغ سن الرشد خمس عشرة سنة.
وكذلك المادة (6) من قانون التحكيم اليمني حيث نصت على أنه: (يشترط لصحة التحكيم ما بأن أولا: أن يكون الحكم أهلا لتصرف في الحل موضوع التحكيم.....
أهلية التصرف مع بلوغ سن الرشد فلا يكفي أن يكون بالغ سن الرشد دون توافر الأهلية، ولو أن هناك اختلاف في بعض التشريعات في تحديد من الرشد، حيث نصت المادة (50) من القانون المدني اليمني على أن سن الرشد خمس عشرة سنة كاملة إذا بلغها الشخص متمتعا بقواه العقلية، رشيدا في تصرفاته يكون كامل الأهلية لمباشرة الحقوق المدنية والتصرفات فيها ...).
هذا القانون المدني يخص المنازعات المدنية، أما فيما يخص المعاملات التجارية ولأنها أكبر وأكثر عبنا في القوانين وتتطلب أمور كثيرة وواسعة مع آخرين قد نجدهم خبرة طويلة على الساحة التجارية، فالوضع في تحديد سن الرشد كان موفقًا، كما جاء في المادة (23) من القانون التجاري اليمني والتي تنص على أن كل يمني بلغ الثامنة عشر ولم يقم به مانع شرعي أو قانوني يتعلق بشخصه أو بنوع المعاملة التجارية التي يباشرها يكون أهلا للتجارة). بينما هناك قوانين أخرى حددت من الرشد مقارب ما نصت عليه المادة (50) من القانون المدني اليمني، حيث نصت المادة (43) من القانون المدني الأردني على ثماني عشرة سنة .
وهذه النصوص السابقة تبين وتوضح لنا بصريح العبارة أهلية الشخص الطبيعي لإبرام اتفاق التحكيم طالما كان يملك التصرف في حقوقه أي بمعنى أن الشخص يكون أهذا للتصرف في الحق موضوع التحكيم، فمناط الشخص وأساس أهلية التصرف هو الإدراك والتمييز.
أما في ما يخص أهلية الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة لإبرام اتفاق التحكيم : قفي موضوع أهلية الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة أجاز المشرع في ذلك للهيئات والمؤسسات والشركات العامة والخاصة الاعتبارية حل المنازعات عن طريق اللجوء إلى التحكيم .
المادة (88) من القانون المدني اليمني الجديد رقم (14) لعام 2002م، فقد نصت على أن :( الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها متصلا بصفة الإنسان الطبيعية فيكون له ... فقرة -2- أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يقرها القانون ).
وكذلك الحال في أغلب القوانين الأخرى ومنها على سبيل المثال :
المادة (11) من قانون التحكيم المدني المصري، على أنه : لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه..... )
القضاء في الإمارات العربية المتحدة وخاصة محاكم دبي، فقد حسمت محكمة التمييز في دبي تلك المسألة بقولها : (نصوص المواد 203) من قانون الإجراءات المدنية المعدلة 235 من قانون الشركات التجارية تدل مجتمعة على أن الاتفاق على التحكيم لا يكون صحيحًا إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع وأن مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة هو صاحب السلطة الكاملة في إدارتها، وله أهلية التصرف في الحقوق المتعلقة بنشاطها بما في ذلك الاتفاق على التحكيم في العقود المبرمة بينها وبين الغير، ما لم يحدد عقد تأسيس الشركة سلطته بحرمانه من إجراء تصرفات معينة أو منعـه صراحة من الاتفاق على التحكيم . وفي حكم آخر تقول المحكمة نفسها: (إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة وعلى ما تفيده المادة (237) من قانون الشركات التجارية السلطة الكاملة في إدارتها وهي تشمل أهليته في الاتفاق على التحكيم - ولا يغير من ذلك ما تقضي به المادة (2/58) من قانون الإجراءات المدنية من أنه : (لا يصح بغير تفويض خاص الإقرار بالحق المدعى به أو التنازل عنه أو الصلح أو التحكيم .... إذ أن حكم هذا النص ينصرف فحسب إلى الوكيل بالخصومة أمام المحكمة ولا يتعدى إلى سلطة مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة في إدارتها وأهليته في الاتفاق على التحكيم ) .
الشق الثاني من شهر إفلاسه
فلا يجوز للمفلس إبرام أي اتفاق لأنه لا يملك حق التصرف في أمواله عند شهره بالتفليس لأنها أو بعض منها قد تكون مملوكة لآخرين فهي حينئذ ليست أمواله إلا ما كان خارج هذه الأموال بعيدا عن أموال الإفلاس فله الحق في إبرام اتفاق بشأنها لأنها ليست من أموال التفليس وهذا ما نصت عليه المادة (1/685) من المعاملات التجارية لدولة الإمارات العربية المتحدة ، القانون الاتحادي رقم (18) لعام 1993م ، حيث نصت على أنه: (يمنع المفلس بمجرد صدور حكم إشهار الإفلاس من إدارة أموال والتصرف فيها و التصرفات التي يجريها في يوم صدور حكم الإفلاس حاصلة بعد صدوره ).
كما نصت المادة (592) من القانون التجاري اليمني رقم (32) لعام 1991م والتي جاء بما أنه بمجرد صدور حكم شهر الإفلاس تغل يد المفلس عن التصرف في أمواله وعن إدارتها ).
ونجد من خلال هذه النصوص أن المشرع لم يفصل أو يحدد حالات أو يشير إليها مثل الأموال غير الواقعة في موضوع التفليس وهذا يعطي الحق فيما كان خارج التقليس أن له الحق في إبرام الاتفاق به .
فمن الناحية الأولى أن كل ما سبق وأجراه المفلس من تصرفات وعقود يظل ساريا وصحيحًا في حق الدائنين. وذلك في حال لم ينص القانون على مخالفته. وهو ما أشارت إليه المادة (697) من القانون نفسه حيث نصت على أن كل ما أجراه المفلس من تصرفات غير ما تقدم ذكره في المادة السابقة خلال الفترة المشار إليها يجوز الحكم بعدم نفاذه في مواجهة جماعة الدائنين إذا كان التصرف ضارًا بهم، وكان المتصرف إليه يعلم وقت وقوعه بتوقف المفلس عن الدفع ).
ومن الناحية الثانية أن تلك النصوص لم تشير إلى عدم أو منع نفاذ ما قد تم إبرامه سابقا في حق الدائنين وهذا ما يؤكد على أن كل ما سبق من عقود لا تزال قائمة صحيحة في النفاذ .
المادة (913) من القانون المدني اليمني على أن: (الوكالة الخاصة لابد فيها من النص في كل عمل ليس من أعمال الإدارة وبوجه خاص البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والخصومة .