يشترط لصحة العقد أن تتوافر لدى طرفيه الأهليـة القانونيـة اللازم لإبرامه ، الأمر الذي يستلزم بيان مفهوم الأهلية في اللغة والشرع والقانون .
أولا: الأهلية في اللغة : يقال الأهلية للأمر بمعنى الصلاحية له ، ويقتـرن لفظ الأهلية بكلمة الأداء، فتكون أهلية أداء ، أو بكلمة الوجوب لتصبح أهليـة وجوب ، والأداء بمعنى التأدية ، يقال تأدى بمعنى أنجز ، ويقال : تأدى الـدين بمعنى انقضاء الدين ... وتأدى له الأمر بمعنى تيسر له الأمر .
والوجوب في اللغة : يقال وجب الشئ أي لزم وثبت ، ويقال أوجب أو جعلـه لازماً . ... واستوجب الشئ أي استحقه .
ثانيا: الأهلية شرعاً : هي قدرة المكلف على فهم دليل التكليف ، ويقسمها الفقه الإسلامي إلى :
أهلية وجوب : وهي صلاحية الإنسان لأن تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات ، واختص الله بها الإنسان سواء كان ذكراً أو أنثى ، وسواء كان طفـلا عـديم التمييز أم بالغاً رشيداً أم سفيها ، عاقلاً أم مجنوناً ، صحيحاً أم مريـضاً ، فكـل إنسان أيا كان له أهلية وجوب ، ولا يوجد إنسان عديم أهلية الوجوب ، لأن أهلية الوجوب إنسانية تلازم الإنسان منذ تمام ولادته حياً .
أهلية أداء شرعاً : وهي صلاحية المكلف لأن تعتبر أقواله وأفعالـه شـرعية بحيث إذا صدر منه أي تصرف كان معتبراً شرعاً ، وترتب عليه أحكامه ، وإذا صلى أو صام أو حج أو فعل أي واجب كان معتبراً شرعياً ، فأهلية الأداء هـي . المسؤولية وأساسها في الإنسان المتميز بالفعل .
أهلية وجوب ، أي أهلية التمتع بالحق وأن يتحمل بالالتزام .
أهلية أداء ، أي أن يكون الإنسان وهو أهل لأن يكون من حملة الحقوق المدنية ، أن تكون له قدرة على الانتفاع بحقوقه ونقلها للغير سواء كان طبيعياً أو معنوياً .
فأهلية الأداء مفادها صلاحية الشخص لصدور التصرف القـانوني منـه على وجه يعتد به قانونا ، ومما سبق نجد أن الأهلية السليمة والتي تنتج إرادة سليمة تكون أساساً في إبرام العقد بطريقة سليمة وصحيحة بعيدة عن عيوب الإرادة وأسباب فقد الأهلية ، أما لو اعترى الإرادة عيب من عيوب الإرادة كـالغلط والتـدليس والإكراه والاستغلال فإن الالتزام أو العقد لا يكون صحيحاً ، أيضاً لو طرا سبب من أسباب فقد الأهلية فإن العقد أو التصرف لا يكون صحيحاً .
والشخص الطبيعي كامل الأهلية ، هو كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه ، يكون كامل الأهلية . وحددت المادة (2/44) مدنی مصرى سن الرشد " وسن الرشد إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة .
والشخص الاعتبارى لم يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منهـا ملازمـاً لصفة الإنسان الطبيعية ، وذلك في الحدود التي قررها القانون عملاً بأحكام المادة 53 من القانون المدنى المصرى .
والملاحظ أن القانون المدني المصري الحالي فقد نص في المادة 92 منه على أنه " إذا مات من صدر منه التعبير عن إرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره ، فإن ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم مـن وجه إليه ، هذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة المعاملة " ومعنى هذا النص أن المشرع لم يضفى التعبير عن الإرادة طابعاً شخصياً بحيث لا ينفـصل عن صاحبه فجعل له وجوداً متميزاً ومستقلاً عنه . وهو ترجيح مـن القـانون المدني ، في هذه الخصومة ، لمذهب الإرادة الظاهرة ، لأن معنى حكم المـادة ۹۲ مدني أن يبقى التعبير قائماً فلا يسقط بموت صاحبه أو فقد أهليته ، ويستكمل أثره بوصوله إلى علم من وجه إليه ، فانعقاد العقد عندنا يصادف قبـولاً مـن الطرف الآخر . وهو مذهب أدعى إلى استقرار المعاملات والروابط القانونية .
وبالرجوع لمعظم القواعد العامة نرى أنها ترجح مصلحة القاصـر بالحماية . حيث يملك القاصر إبطال العقود التي أبرمها بعد أن يبلغ سن الرشـد إذا تعاقد وكان عند تعاقده غير مميز أو كان مميزاً وغير بالغ وكانت هذه العقود تلحق به ضرراً محضاً أي قاطعاً وجازماً ، أما إذا كانـت دائـرة بـين النفـع والضرر فإن إجازتها من عدمها موقوف على إرادة الوصي أو القاصـر بعـد بلوغه ، أما إذا كانت نافعة فهي صحيحة ونافذة والأمر من حيث اكتمال الأهلية من عدمه مربوط بقانون جنسية المتعاقد الذي يحدد اكتمالها .