الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / أهلية التصرف في الحق المتنازع عليه / الكتب / التحكيم في القوانين العربية / الأهلية

  • الاسم

    د. حمزة أحمد حداد
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    528
  • رقم الصفحة

    72

التفاصيل طباعة نسخ

الأهلية

    تقضي المادة (4/203) من القانون الإماراتي والمادة (4/173) من القانون الكويتي، بأنه لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع والمادة (3/233) من القانون البحريني، بأنه لا يصح التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في حقوقه؛ وهي مماثلة للمادة (507) من القانون السوري، والمادة (254) من القانون العراقي، والمادة (4/190) من القانون القطري، والمادة (1/740) من القانون الليبي. وتقضي المادة (2) من نظام التحكيم السعودي، بأنه لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف. ولا يوجد لهذه النصوص مقابل في القانون اللبناني، مما يعني تطبيق القواعد العامة.

    وكما نرى، يفترض في قوانين البحرين وسوريا والعراق وقطر وليبيا ، التي تشترط أهلية التصرف في الحقوق، أنها تقصد التصرف بالحق موضوع النزاع تماماً كما هو الحال في القانون الإماراتي والقانون الكويتي، وهو ما نراه أيضاً بالنسبة للقانون السعودي، بصرف النظر عن أهلية الشخص بالنسبة للحقوق الأخرى. فالشخص الواحد، قد يكون أهلاً للتصرف بحق معين، ولا يكون كذلك بالنسبة لحق آخر. ومثال ذلك، أن الدولة كشخص معنوي عام، ليس لها أهلية التصرف بالأموال العامة مثل الطرقات والحدائق، وليس لها الاتفاق على إحالة المنازعات بشأنها للتحكيم  . ولكن القانون أجاز للدولة إبرام عقود في إطار القانون الخاص، مثل المقاولة والبيع والإجارة، والتصرف في حقوقها الناجمة عن مثل هذه العقود في حدود ما ينص عليه القانون. وبالتالي، يجوز لها إحالة المنازعات الناجمة عنها للتحكيم، أيضاً وفق الشروط المنصوص عليها قانوناً.

 

    تتفق القوانين العربية محل البحث، عموماً على أنه يسري على أهلية الشخص، كقاعدة عامة، قانون الدولة التي ينتمي إليها الشخص بجنسيته . ويطبق هذا المبدأ على كافة تصرفات الشخص، بما فيها اتفاقات التحكيم التي يكون طرفاً فيها. وإذا كان لكل طرف من أطراف الاتفاق جنسية تختلف عن جنسية الآخرين، يطبق على كل منهم قانون دولته. ومثال ذلك أن يبرم القطري (أ) اتفاق تحكيم مع الإماراتي (ب) ، ويثور نزاع حول صحة الاتفاق بسبب عدم أهلية أحدهما أو كليهما. في هذا المثال، يطبق القانون القطري على أهلية (أ) ، والقانون الإماراتي على أهلية (ب) . وحسب القوانين العربية عموماً، تطبق القواعد الموضوعية في القانون الأجنبي، دون قواعد تنازع القوانين فيه

كقاعدة عامة .

    والعبرة في تحديد أهلية الشخص، لوقت إبرام اتفاق التحكيم وليس قبله أو بعده  ، ما دام أن أهلية الشخص قد تتأثر من وقت لآخر.

    فالشخص قد يكون ناقص الأهلية قبل إبرام الاتفاق، ولكنـه عنـد إبرامه يكون كامل الأهلية، ثم يصبح بعدها عديم الأهلية أو ناقصها. في هذه الحالة، يكون الاتفاق صحيحاً، حتى لو استمر انعدام أهليته إلى حين رفع الدعوى القضائية وحتى الحكم فيها. 

    والأهلية المطلوبة لإبرام اتفاق التحكيم، هي أهلية التصرف بالحق موضوع النزاع كما ذكرنا ، والأصل أن كل شخص بلغ سن الرشد دون أن يصيبه، أو يكون مصاباً بعارض من عوارض الأهلية، يكون كامل الأهلية، وله التصرف بحقوقه، وبالتالي يجوز أن يكون طرفاً مباشراً في اتفاق التحكيم، بشأن المنازعات المتعلقة بأي حق من هذه الحقوق. وحسب القوانين العربية عموماً، يمر الشخص الطبيعي بثلاثة مراحل بالنسبة لأهليته : مرحلة عدم التمييز، ومرحلة التمييز، ومرحلة الرشد.

    ففي مرحلة عدم التمييز، تكون جميع تصرفاته القانونية باطلة ، بما في ذلك العقود التي يكون طرفاً فيها ومن ضمنها اتفاقيات التحكيم. وفي مرحلة التمييز، تكون تصرفاته إما نافعة نفعاً محضاً، وهي صحيحة ونافذة بحقه، أو ضارة ضرراً محضاً وهي باطلة، أو دائرة بين النفـع والضرر، وهي إما موقوفة حسب قوانين بعض الدول، أو قابلة للإبطال حسب قوانين أخرى . ويلحق بالصغير المميز من حيث طبيعة وأثر التصرفات، كل من السفيه وذي الغفلة المحجور عليهما، وفقاً للأحكام والشروط المنصوص عليها قانوناً، وهي مسألة تخرج عن نطاق دراستنا الحالية.

    ولكل من هذين الطريقين حسناته ومساوئه مما لا مجال للخوض فيه لغايات هذه الدراسة. ومع ذلك، يمكن القول بأن القضاء الرسمي أكثر ضماناً واطمئناناً للمتخاصمين وليس لأحدهما، من ناحية واحدة على الأقل، وهي وجود أكثر من مرحلة تقاضي واحدة، بحيث يستطيع المحكوم عليه كليا أو جزئياً أن يطعن، بوجه عام، بالحكم أمام محكمة أعلى، هي محكمة الاستئناف، ومن ثم أمام المحكمة العليا ، وهي محكمة النقض ( أو التمييز) وفقاً للشروط والأحكام المقررة لذلك قانوناً. وهذه الضمانة غير متوفرة دوماً في أحكام المحكمين. 

   وقد أثبت التطبيق العملي أن المحكمين في كثير من الأحيان، لا يحسنون أداء مهمتهم سواء بحسن أو بسوء نية، مثل عدم فهمهم للوقائع أو تكييفها تكييفاً صحيحاً، وعدم تطبيق القانون الواجب التطبيق على النزاع تطبيقاً سليماً ، وعدم فهمهم لهذا القانون أو تفسيره، بـل أحياناً ارتكابهم أخطاء جسيمة في العملية التحكيمية، بالنسبة للوقائع أو القانون أو كليهما معاً ، دون وجود رقابة عليهم، أحياناً، من جهة أعلى، وبشكل خاص بالنسبة للوقائع، وهذا كله بخلاف اللجوء للقضاء. وهنا نود أن نشير إلى أن التوجه الحديث في التحكيم، يميل بشكل واضح إلى أن أحكام التحكيم تحوز حجية الشيء المقضي به منذ صدوره، وهو غير خاضع للطعن بالاستئناف، وإنما للطعن بالبطلان لأسباب محددة حصراً ، مما يقلل الرقابة القضائية على أعمال المحكمين وأحكامهم.