يكون الحق قابلاً للتصرف فيه عندما يكون باستطاعة صاحبه التنازل عنه أو هبته وما إلى ذلك، فالحق يكون قابلا للتصرف فيه عندما يكون من الممكن القيام بأي عمل من أعمال التصرف بشأنه، واتفاق التحكيم يتطلب أن يكون لدى من يود إبرامه حرية التصرف بحقوقه مثال لذلك قانون المرافعات المدنية الفرنسي الذي ينص على أن كل الأشخاص يمكنهم اللجوء إلى التحكيم فيما يتعلق بالحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ، وكذلك فإن المشرع الألماني بالإضافة إلى معيار الطبيعة المالية للنزاع يأخذ بمعيار حرية التصرف في الحقوق فقد نص على أن كل نزاع ذو طبيعة مالية يمكن أن يكون موضوع اتفاق تحكيم واتفاقات التحكيم التي تتعلق بنزاعات ذات طبيعة غير مالية تنتج آثارها القانونية عندما يكون للأطراف حرية المصالحة في موضوع النزاع .
وكذلك المشرع البلجيكي يأخذ بنفس المعيار، والمشرع المصري نص على أنه لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يملك حرية التصرف في حقوقه ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح، والمشرع السوري نص على عدم صحة التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في حقوقه ولا يجوز التحكيم في نزاع يتعلق بالأحوال الشخصية أو بالجنسية أو بالمسائل التي لا يجوز فيها الصلح ، والكويتي نص على عدم جواز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح، وأيضا السعودي في اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم ينص على عدم جواز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ولا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف وفي نظام التحكيم السعودي الجديد لسنة 1433هـ ، فإن التحكيم لا يجوز في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية ، واشترطت لصحة الاتفاق على التحكيم أن الشخص سواء كان طبيعيا أو من يمثله أم شخصا اعتباريا أن يكون مالكا حق التصرف في حقوقه، والإماراتي نص على عدم جواز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح، الموريتاني نص على لا يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام النزاعات المتعلقة بالجنسية النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية التي لا تخضع للتحكيم في هذه المدونة باستثناء الخلافات المالية الناشئة عنها المسائل التي لا يجوز فيها الصلح النزاعات المتعلقة بالدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية إلا إذا كانت هذه النزاعات ناتجة عن علاقات دولية ذات طابع اقتصادي أو تجاري أو مالي المنظمة بالفصل الثالث من هذه المدونة، مع حق الأشخاص الكامل في أن يلجأوا للتحكيم في كافة الحقوق التي لهم حرية التصرف فيها ، فهذه التشريعات اشترطت إمكانية الصلح في موضوع النزاع حتى يمكن التحكيم بشأنه، كما اشترطت أهلية التصرف في الشخص الذي يود إبرام اتفاق تحكيم من خلال هذا المعيار يكون اللجوء للتحكيم في الحالة التي لا تلغي فيها قاعدة نظام عام قابلية التصرف، وإن كان ذا طابع تعاقدي، فالقابلية للتحكيم لا يمكن الاستغناء عن فكرة النظام، فالحقوق تكون غير قابلة للتصرف حتما لأسباب تتعلق بالنظام العام سواء كان تستهدف حماية المصالح العليا للمجتمع أو الدولة أو حمائيا خاصا يحمي بعض فئات المتعاقدين، الأمر الذي يجعل القابلية للتحكيم قريبا جداً.