الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / أهلية التصرف في الحق المتنازع عليه / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) / أهلية الأطراف

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ أحمد بشير الشرايري
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    400
  • رقم الصفحة

    44

التفاصيل طباعة نسخ

 

أهلية الأطراف

   يقصد بالأهلية: الأهلية اللازمة للاتفاق على حسم النزاع بالتحكيم، إذ لا يعتد باتفاق التحكيم إلا إذا أبرم من قبل شخص يتمتع بأهلية التصرف في الحقوق المتعلقة بالمنازعة المراد حسمها بالتحكيم.

   ويلاحظ في هذا الشأن بأنه لم يتردد كل من المشرع المصري، والمشرع الأردني، والمشرع الكويتي، والمشرع الفرنسي في النص صراحة على أنه لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا لمن يملك التصرف في حقوقه، إذ أكدت المادة (11) من قانون التحكيم المصري على أنه: "لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي، أو الاعتباري، الذي يملك التصرف في حقوقه ...".

   ويرى البعض أن الحكمة من اشتراط أهلية التصرف في المحتكم تكمن في أن اتفاق التحكيم يتضمن تنازلاً عن رفع الدعوى أمام قضاء الدولة، وبالتالي التخلي عن الضمانات التقليدية التي يوفرها هذا القضاء للأفراد، كما أن اشترط أهلية التصرف يعد أمراً لازماً، لأن التحكيم قد يترتب عليه فقدان الحق إذا قضى المحكمون لغير صالح أحد الخصوم، أو قد يتضمن على الأقل تعديلاً في نطاق مزايا هذا الحق.

   وأهلية التصرف هي التي تثبت للشخص الطبيعي بحسب الأصل لمن بلغ سن الرشد ولم يكن محجوراً عليه لجنون.

   أما فيما يتعلق بالقاصر فإن بعض الفقه يرى بأنه يمكن للقاصر المأذون له بالإدارة، أو التجارة أن يبرم اتفاق تحكيم، في شأن كل ما يتعلق بالعقود التي يكون أهلاً لإبرامها، وفقاً للإذن الممنوح له.

   أن التمسك بالبطلان لنقص الأهلية يقتصر على صاحب المصلحة فيه؛ دون غيره من أطراف اتفاق التحكيم، وتطبيقاً لذلك، قضت محكمة النقض المصرية بأنه: (وإذ كان الأمر في الدعوى الماثلة أن مشارطة التحكيم أبرمت بين الطاعن والمطعون عليها عن نفسها ونيابة عن أولادها القصر بعد أن رفضت محكمة الأحوال الشخصية الإذن لها بذلك.

   وبالعودة إلى قانون التحكيم المصري، نجد أن هذا القانون قد أفراد فقرة مستقلة لحالة فاقد الأهلية، أو ناقصها، ضمن الأسباب التي يجب توافرها لقبول دعوی البطلان، حيث نصت المادة (1/53/ب) على أنه: "لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية :... ب . إذا كان أحد طرفي إتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية، أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته".

   ويقرر بعض الفقه أن المشرع المصري لم يكن بحاجة إلى إفراد فقرة مستقلة لحالة فاقد الأهلية أو ناقصها - في الفقرة (ب) سالفة الذكر وذلك لأن الحالات الواردة في الفقرة (ب) من المادة (53) تندمج ضمن الحالات الواردة في الفقرة (أ) من نفس المادة ويعتبران حالة واحدة.

    ويعلل بعض الفقه موقف المشرع المصري في إفراد فقرة مستقلة لحالة فاقد الأهلية أو ناقصها ضمن أسباب البطلان، إلى أنه ربما أراد المشرع في ذلك التأكيد على قواعد الأهلية الواردة في القانون الدولي الخاص، والتي تذهب إلى أن ما يحكم أهلية الشخص هو قانون الجنسية التي يحملها، حيث افترض المشرع بذلك أن هناك أطرافاً أجانب في اتفاقية التحكيم، وفي ذلك تأكيد لهم على أنهم لا يخضعون للقانون المصري فيما يتعلق بأهليتهم، بل يخضعون لقانون جنسيتهم.

   إلا أننا نعتقد أن السبب الثاني المذكورة في الفقرة (ب) من المادة (53) من قانون من التحكيم المصري، لا يعدو أن يكون مجرد تطبيق للفقرة (أ) وتزيد في قانون التحكيم، فضلا إلى أن المادة (1/11) من القانون المدني المصري، قد أوضحت بأن المرجع في بيان مدى أهلية الأطراف هو قانون الدولة التي يحملون جنسيتها، وقد جاء نص هذه المادة على النحو التالي: "الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم يسري عليها قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم .

    وإذا ما انتقلنا للحديث عن أهلية الأشخاص الاعتبارية، كالشركات المدنية ، والتجارية العامة، والخاصة، والهيئات، والمؤسسات العامة، فيتعين التحقق من اكتساب واستيفاء الشروط التي يستلزمها القانون للإقرار بالشخصية الاعتبارية،

فيلزم مثلاً بالنسبة للشركات التجارية، كالتضامن والتوصية البسيطة، استيفاء إجراءات الشهر المنصوص عليها في تقنين التجارة، أما شركات المساهمة والتوصية بالأسهم، وذات المسؤولية المحدودة، فيلزم قيدها في السجل التجاري، وتخضع الأشخاص الاعتبارية الأجنبية لقانون البلد الذي يوجد فيه المركز الرئيسي مع إمكانية سريان القانون المصري.

    وإنما بقدرة أو صلاحية أشخاص القانون العام الإبرام اتفاقات تحكيم، أو إبرام عقود تتضمن شرط التحكيم، وبهذا الخصوص صرح المشرع المصري صراحة، للشخصية الاعتبارية العامة.

   وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الإتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص، أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، ولا يجوز التفويض بذلك".

   مع ملاحظة أن المشرع المصري - قيد الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود الإدارية بشرط موافقة الوزير المختص، أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الإعتبارية العامة.

   بيد أنه يلاحظ أن المشرع الأردني لم يجز الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود الإدارية، وذلك بالرغم من أنه قد وسع في نطاق المنازعات التي يمكن أن تكون موضوعاً للتحكيم، فأي منازعة قانونية أيا كانت طبيعة العلاقة التي يدور حولها النزاع يمكن أن تكون موضوعة لاتفاق تحكيمي، سواء أكانت المنازعة عقدية أم غير عقدية، عامة أم خاصة، مدنية أم تجارية، المهم أن لا يكون النزاع حول عقد إداري).

ومن جهتنا نعتقد بأن موقف المشرع المصري في إجازته الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود الإدارية هو الأقرب إلى الصواب، نظراً لأن إجازته الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود الإدارية تهدف إلى جذب الاستثمار والتشجيع عليه.

وإذا ما تطرقنا لموقف القانون اللبناني يت هذا المضمار نجد أن الماده (762 /2) تنص على أنه: "يجوز للدولة ولأشخاص القانون العام أياً كانت طبيعة العقد موضوع النزاع اللجوء إلى التحكيم اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون التعديلي، لا يكون البند التحكيمي أو اتفاق التحكيم نافذاً في العقود الإدارية إلا بعد إجازته بمرسوم يتخذ مجلس الوزراء، بناء لاقتراح الوزير المختص بالنسبة للدولة أو سلطة الوصاية بالنسبة للأشخاص المعنويين من القانون العام".

أما القانون الفرنسي فيحظر أن تكون الدولة أو المؤسسات أو الهيئات العامة طرفا في التحكيم وفقا للمادة (2060) من القانون المدني، غير أنه (وبموجب تعديل لاحق للمادة (2060) بالقانون رقم 596 الصادر في 9 يوليو 1975) أجاز للمؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري أن تكون طرفاً في التحكيم، بشرط صدور مرسوم يجيز لها ذلك، وهذه الأحكام خاصة بالتحكيم الوطني.