لا يكفي فيمن يكون طرفا فى الاتفاق على التحكيم ان يكون أهلا للتصرف في الحق محل المنازعة موضوع التحكيم ، والا يشوب رضائه عيب من العيوب المفسدة له فحسب وإنما لابد أن تكون لهذه الشخصية صفة قانونية تخول له الاتفاق على التحكيم بالنسبة لنزاع معين ، فإذا لم تتوفر هذه الصفة في المحتكم ، فان الاتفاق على التحكيم الذى ابرمه يكون باطلا ولا يرتب أثره القانوني .
فالتعبير عن الإرادة بما يفيد قبول التحكيم كوسيلة لفض المنازعات تصدر بالضرورة من أشخاص معينين، وهؤلاء الأطراف قد يكونوا ممثلين للإطراف الأصليين لاتفاق التحكيم وعندئذ ينبغى التحقق من أن لهم سلطة إبرام اتفاق التحكيم نيابة عن الأصيل بمقتضى قاعدة قانونية تسمح لهم بذلك وهذا التمثيل قد يكون اتفاقيا مثال نيابة الوكيل عن الموكل أو الحارس القضائي بحسب الأحوال وبخصوص الصفة يتحتم الاتفاق على الآتى:
- أن مسألة تفنيد الصفة الاتفاقية لنائب الأصيل فى الاتفاق على التحكيم تشدنا إلى الاقتراب من أحكام الوكالة فى شأن الاتفاق على التحكيم باعتبارها من أهم الصور الجارى العمل بها في الإنابة الاتفاقية سواء كان الاتفاق على التحكيم بشأنه علاقات دولية أو داخلية.
- وتنص المادة ٦٩٩ من القانون المدنى المصرى على ان الوكالة هي عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بان يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل ومن ثم فانه يثبت للوكيل بمقتضى الوكالة ) سواء أكانت وكالة عامة أو خاصة )، الصفة الاتفاقية فى تمثيل الموكل إجرائيا اي في التقاضي باسمه، وموضوعيا أى فى مباشرة الأعمال الموصفة له نيابة عن موكله
وفي حالة الوكالة العامة فلا تثبت للوكيل الصفة في تمثيل الموكل إلا بالنسبة لإعمال الإدارة فقط ، وهذا ما تنص علية المادة ٧٠١ / ١ من القانون المدني المصري ، إذ أوجب المشرع وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة ، ولهذا لا يثبت الحق للوكيل بإبرام هذا الاتفاق ، لأنه من أعمال التصرف وليس من أعمال الإدارة.
أما في مجال العلاقات الدولية ، فنري أن الأمر قد يكون مختلفا بعض الشئ ، فقد استقر العمل التجاري الدولي علي أن الوكالة العامة تكفي لصحة شرط التحكيم الذي يبرمه الوكيل متي خولت له هذه الوكالة سلطة التعامل وفقا للعادات السائدة في مكان معين أو تجارة معينة ، متي كانت العادات تلزم المتعاقدين بشرط التحكيم
أما بالنسبة للقانون الفرنسي فقد جاء متماثلا مع القانون المصري في استلزم الوكالة الخاصة لإبرام الوكيل اتفاقا علي التحكيم ، وهو ما نصت عليه المادة ۱۹۸۹ من القانون المدني الفرنسي باعتبار الاتفاق علي التحكيم من أعمال التصرف .
أتفاق الشريكين علي الشيوع علي شرط التحكيم، فبالطبع يكون أتفاق التحكيم هنا جائز وصحيح إذا ما أبرمه أحد الشريكين بموافقة الأخر ، ولكن ما هو الوضع إذا أتفق أحد الشركاء علي الشيوع علي شرط التحكيم دون موافقة صريحة من شريكة ؟ هنا أجاز المشرع للشريك علي الشيوع أن يبرم اتفاق التحكيم ولكن في حدود نصيبه ، إذ أنه يملك التصرف فيه وبالتالي يملك سلطة إبرام الاتفاق على التحكيم بشأنه، فإذا ما تعدي هذا النصيب فأن شرط التحكيم ليس له أدني أثر علي الطرف الأخر .
أما الطرف بحكم القانون فأن الأنظمة القانونية في مصر تتولي تحديد كافة المسائل المتعلقة بالإنابة القانونية ، وأهم هذه المسائل بوجه خاص الولاية ( أو الوصاية بحسب الأحوال ) علي الصغير ، والتي شملها المشرع بكثير من الرعاية وأحاطها بسياج من القواعد القانونية التي تكفل الحماية الجادة لأموال الصغير وتثبت الولاية للأب ثم للوصي الذي يختاره الأب ثم الجد الصحيح وهكذا ، فتنص المادة الأولي من المرسوم بقانون رقم ۱۱۹ لسنة ١٩٥٢ الخاص بالولاية علي المال علي أنه " يقوم الولي على رعاية أموال القاصر ، وله إدارتها وولاية التصرف فيها مع مراعاة الإحكام المقررة في هذا القانون ، ومن هذا النص يتضح لنا أن الولي يستطيع أن يباشر عن الصغير كافة أعمال الإدارة وأعمال التصرف ، غير أن المشرع قد أورد بعض القيود على السلطة المعطاة للولي حماية منة للقاصر وذلك في المواد من ٦ إلي ۱۱ من القانون المشار إليه مما يتطلب الإذن من المحكمة في قيام الولي بهذه التصرفات ، ومن هذه التصرفات التي لا يستطيع الولي أن يقوم بها نيابة عن القاصر التحكيم إلا إذا حصل علي إذن من المحكمة الحسبية ، طبقا للمادة (۸) من القانون المدني المصري والتي تنص علي أن التصرفات الصادرة من الأولياء والأوصياء والقوام تكون صحيحة في الحدود التي يرسمها القانون.