اتفاق التحكيم / موقف اتفاقية نيويورك لعام 1958 من اشتراط الكتابة لاتفاق التحكيم / الكتب / التحكيم الدولي الخاص / موقف إتفاقية نيويورك لعام 1958 من اشتراط الكتابة
إلا أن اتفاقية نيويورك لسنة 1958، أخذت موقفا أكثر تشددا من حيث ش كل اتفاق التحكيم، إذ استلزمت كتابة اتفاق التحكيم حتى تلتزم الدول الأعضاء بالاعتراف به وترتيب آثاره، فالفقرة الأولى من المادة الثانية من الاتفاقية تنص على أن" تعترف كل دولة متعاقدة، باتفاق الأطراف المكتوب الذي يلزمهم بالالتجاء للتحكيم لحل منازعاتهم التي نشأت أو ستنشأ من علاقة قانونية معينة بينهم، سواء أكانت علاقة تعاقدية أم غير تعاقدية متی تعلقت بمسألة يجوز حلها بالتحكيم" أي أن اتفاقية نيويورك تتطلب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا حتى تقره الدول وتعترف به، أي أن الدول الأعضاء في الاتفاقية لا تكون ملتزمة بالاعتراف باتفاق التحكيم إذا لم يكن هذا الاتفاق مكتوبا، فقد يتفق الأطراف على التحكيم دون كتابة تطبيقا لقانون وطني معين، وفي هذه الحالة لا تكون الدول الأعضاء ملزمة بالاعتراف .
وبرغم وضوح هذا المعنى من النصوص الصريحة لاتفاقية نيويورك، فلقد ذهب البعض ) إلى فهم النص على أن " الكتابة تعد ركنا أساسيا يجب توافره الإمكان القول بوجود اتفاق تحكيم في مفهوم اتفاقية نيويورك فالمادة1/2 تقتضى الكتابة كشرط صحة يتعلق بوجود الاتفاق ذاته .
ونحن نرى أن القول بأن الكتابة وفقا لاتفاقية نيويورك تعتبر شرط وجود وليس للإثبات، محل شك كبير، فهو يتعارض مع أبسط قواعد التفسير ويحمل - النص أكثر مما يحتمل ، فالنص لم يرتب البطلان أو الانعدام على عدم الكتابة كما فعلت التشريعات التي أخذت بهذا الاتجاه، مثل التشريع المصري أو الجزائري أو الفرنسي بالنسبة للتحكيم الداخلي بشأن شرط التحكيم.
وفضلا عن ذلك فإن الاتفاقية قد تطلبت الكتابة لإلزام الدول الأعضاء باتفاق التحكيم، وهذا يعني أن الدول الأعضاء لا يحق لها أن ترفض إثبات وجود اتفاق التحكيم أو الاعتراف به إذا كان مكتوبا ولكن لا يمكن تفسير ذلك بأن الاتفاقية تمنع الدول من الاعتراف باتفاق تحكيم غير مكتوب إن هي أرادت ذلك، متى كان قانونها يقضي بذلك. وإذا نظرنا إلى النص الانجليزي .
وقد قدمت اتفاقية نيويورك ذات التيسير الذي تقدمه مختلف التشريعات والمواثيق المعاصرة بشأن كيفية إخراج اتفاق التحكيم، فلم تتطلب عقدا موقعا عليه من الطرفين بالشكل التقليدي، بل اكتفت بتبادل المراسلات المكتوبة فيما بين الأطراف.
إذ تنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من الاتفاقية على أن " يقصد بالاتفاق المكتوب ، شرط التحكيم الوارد في عقد أو اتفاق تحكيم وقع عليه الأطراف، أو تضمنته خطابات أو برقيات متبادلة بينهم ".
ويرجع اعتراف الاتفاقية بالمراسلات المتبادلة فيما بين الأطراف، دون التمسك بضرورة وجود عقد بين الطرفين، إلى مراعاة ظروف معاملات التجارة الدولية، حيث يكثر الالتجاء إلى إرسال فاكس أو تلك السرعة التعامل دون انتظار أن تتحقق الصورة العادية التي يبرم فيها الأطراف عقدا موقعا عليه من كلا الطرفين .
ولكن يجب أن يكون هناك تبادل للمراسلات فيما بين الطرفين ليتحقق اتفاق التحكيم بينهما، ففي حالة عدم رد أحد الأطراف على برقية الطرف الآخر فلا يكون هناك اتفاق تحكيم بينهما.
وإذا كان الاعتراف بوسائل الاتصال الحديثة كوسيلة للتعاقد فيه تيسير كبير على المتعاملين في مجال التجارة الدولية، إلا أنه يحتمل أن يثير المشاكل في التطبيق العملی، خاصة في حالة عدم تسلم الرد أو ادعاء عدم تسلمه، أو وقوع بعض الأخطاء المادية في الفاكس أو التلكس المرسل من أحد الطرفين إلى الطرف الآخر .