اتفاق التحكيم / الكتابة في القانون الوضعي المصري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر النظام العام عل اتفاق التحكيم ( دراسة مقارنة ) / موقف المشرع المصرى والقطري من شرط الكتابة التقليدية في الوسط اتفاق التحكيم
موقف المشرع المصرى والقطري من شرط الكتابة التقليدية في الوسط اتفاق التحكيم
لقد اعتبر المشرع المصرى الكتابة شرطاً من شروط صحة انعقاد اتفاق التحكيم ، إذ بدون الكتابة لا نكون أمام اتفاق تحكيم، فقد نصت المادة (12) من القانون رقم 27 لسنة 1994 على أنه ( يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبـاً وإلا كان باطلاً ، ويكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيـات أو غيرهـا مـن وسـائل الاتصال المكتوبة ) . والواضح من هذا النص أن المشرع المصرى قد اعتبـر الكتابة ركناً من أركان اتفاق التحكيم أي شرطاً من شروط صحة هـذا الاتفـاق وانعقاده فلم تعد الكتابة مجرد وسيلة لإثبات اتفاق التحكيم بل هي شرط وجـود اتفاق التحكيم.
هذا وقد تبنى المشرع المصري في هذا النص أيضاً الصورتين الواردتين في اتفاقية نيويورك اللتين يتوافر فيهما الاتفاق الكتابي ، والصورة الأولى هي وجود الاتفاق المكتوب الموقع من الطرفين، والصورة الثانية التي يتوافر فيهـا الاتفاق الكتابي على التحكيم حالة وجود رسائل أو برقيات أو أي وسيلة مـن وسائل الاتصال المكتوبة المتبادلة بين الطرفين والمتضمنة اتفاقهم على التحكيم . وكما يرى البعض أن إرادة المشرع المصرى اتجهت صراحة إلى اعتبار الكتابة ركناً لتمام الاتفاق على التحكيم وليست مجرد وسيلة لإثباته ولما كانت الكتابة تعد ركناً شكلياً في الاتفاق على التحكيم ، فإن البطلان الناشئ عـن تخلفهـا يعتبـر بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام .
والعلة من اشتراط الكتابة لوجود اتفاق التحكيم ترجع إلى حرص المشرع على توقى المنازعات الفرعية حول وجود هذا الاتفاق وحول مضمونه ، ويكفى الكتابة العرفية لوجود اتفاق التحكيم ولا يشترط أن يفرغ الاتفاق في شكل رسمي كما لا يشترط أن يتم التصديق على توقيع طرفي الاتفاق ، ولا يشترط وفقاً لنص القانون المصري أن يوقع الطرفان على شرط التحكيم بصفة خاصة بـل يكفـى التوقيع على الوثيقة التي تتضمنه ولو كانت مطبوعة أو نموذجية أو معدة سلفاً ما لم يوجد نص خاص يقضى بغير ذلك ، ومثال ذلك نـص المـادة (750) مـن القانون المدني المصري حيث تنص على أنه " يقع باطلاً ما يـرد فـي وثيقـة التأمين من الشروط الآتية : 4- شرط التحكيم إذا ورد في الوثيقة بين شـروطها العامة المطبوعة لا في صورة اتفاق خاص منفصل عـن الـشروط العامـة " ، وبالطبع فإن الإحالة إلى وثيقة أو عقد يتضمن شرط التحكــم يـجـب ب أن تكـون مكتوبة وأن يكون هناك إحالة خاصة إلى شرط التحكيم وليس إحالة عامة لشروط الوثيقة أو العقد.
أما بالنسبة لاتجاه المشرع القطرى ، فقد نص في المادة (190) مـن قانون التحكيم القطري رقم 13 لسنة 1990 على أنه : " يجوز الاتفاق علـى التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة كما يجوز الاتفاق على التحكيم فـي جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين.
ولا يثبت الاتفاق على التحكيم إلا بالكتابة .
ويجب أن يحدد موضوع النزاع في وثيقة التحكيم أو أثناء المرافعة ولـو كـان المحكمون مفوضون بالصلح وإلا كان التحكيم باطلاً .
ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح .
ولا يصح التحكيم إلا لمن له أهلية التصرف في حقوقه "
الأمر الذي يبدو معه بوضوح أن المشرع القطرى انتهج نفـس الـنهج المصري في ضرورة كون اتفاق التحكيم مكتوباً ، إلا أنه اعتبر الكتابة في اتفاق التحكيم وسيلة إثبات وليست وسيلة انعقاد وصحة لاتفاق التحكيم ، لذلك يمكننـا القول أن الكتابة تعد مجرد وسيلة لإثبات اتفاق التحكيم وليست ركناً للانعقـاد - حسب مدلول النص القطري حيث أن المادة (190) تقول " ولا يثبت " ولم تقل " ولا ينعقد " - تسرى فقط في حدود اتفاقات التحكيم الوطنية البحتة ولا تسرى في شأن اتفاقات التحكيم ذات الطابع الدولي التي تخضع لاتفاقيـة نيويورك سـنة 1958 ، حيث أنه طبقاً لنص المادة الثانية من تلك الاتفاقية ، تعد الكتابة شـرط وجود أي ركناً أساسياً من أركان اتفاق التحكيم ، أي شرطاً للانعقاد والصحة فيه وبالتالي لا يمكن الاستغناء عنها بأي وسيلة أخرى من وسائل الإثبات .
أما بالنسبة لموقف المشرع القطري بخصوص حكم التحكيم فقد اشـترط ضرورة كتابته ، حيث نصت المادة (202) من قانون التحكيم القطري رقم 13 لسنة 1990 في فقرتها الأولى على أنه : " يصدر حكم المحكمين بعد المداولة بأغلبية الآراء ويجب أن يكون الحكم مكتوباً وأن يشتمل بوجه خاص على صورة من وثيقة التحكيم وعلى ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم وأسباب الحكـم ومنطوقه والمكان الذي صدر فيه وتاريخ صدوره وتوقيعات المحكمين .
وإذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه ويكون الحكم صحيحاً إذا وقعته أغلبية المحكمين .
ويعتبر الحكم صادراً من تاريخ توقيع المحكمين عليه بعد كتابته ولو قبل النطق به أو إيداعه " .