الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الكتابة في القانون الوضعي المصري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / الكتابة في قانون التحكيم المصرى الجديد يتحقق في صورتين

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    264

التفاصيل طباعة نسخ

الكتابة في قانون التحكيم المصرى الجديد يتحقق في صورتين

- افراغ اتفاق التحكيم في محرر موقع عليه من الأطراف.

- أو وجـود تبادل لمستندات كتابية أو مراسلات أو برقيات أو غيرهـا مـن وسائل الاتصـال المكتوبة.

اتفاق التحكيم الموقع عليه

   هي الصورة التقليدية لوجـود اتفاق التحكيم والاعتداد به دادايا و هوايا وهذه الصورة تتطلب وجود محرر أو وثيقـة كتابية موقع عليها من الأطراف أنفسهم أو ممن يمثلهم وتكون ذات دلالة كافية على العلم الكافي بوجود اتفاق التحكيم المشار اليه، وتعد الكتابة القاقا سريعا على التحكيم.

   واذا كان المشرع المصرى قد اشترط صراحة كتابة اتفاق التحكيم الا أنه، لم يشتروا شكلا معينا لهذا الاتفاق، وهو نفس اتجاه اتفاقية نيويورك وكذلك القانون النموذجي Model Law" حيث لم يشترطا أيضاً شكلا معينا لاتفاق التحكيم المكتوب.

   ومن ثم، يتعين القول ان المشرع المصرى تبنى ورجح الأنظمة القانونية التي تشتري الكتابة على الأنظمة التي تقبل الاتفاق الشفهي(٢٥٣) مع الاتفاق المكتوب(٢٥٤) مقتفيا بذلك أثـر اتفاقية نيويورك حيث اشترطت كتابة اتفاق التحكيم وتوقيع أطرافه عليه (المادة ٢/٢).

   وبالنسبة للقانون النموذجي فقد اتفق مع القانون المصرى فـي الشـق الخـاص بكتابة اتفاق التحكيم، بينما اختلفا بالنسبة للشق الخاص بضرورة التوقيع فلم يشترط القانون النموذجي توقيع أطراف اتفاق التحكيم عليه، كما لم يقرر البطلان حالة تخلف شـرط الكتابة. كذلك توسـع القـانـون النموذجي في تقرير وجود اتفاق التحكيم حيث انه وضع حلا احتياطيا اذ يقول "يعتد باتفاق التحكيم في حالة عدم وجود شرط أو محرر مكتوب، اذا رفع المدعى دعـوى الى التحكيـم ولـم يعترض المدعى عليه على ذلك ". ونرى أن السبب في ذلك أنه قانون دولي وضع لكي تختـار كـل دولة منه ما يناسب تشريعاتها الداخلية (المادة٢/٧).

   ويتفق القانون المصرى مع نظيره الفرنسي بخصوص اشتراط كتابة اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) (المادة: ١/١٤٤٣) مرافعات فرنسي جديد، بينما اختلفا بالنسبة للمشارطة حيث لم يشترط القانون الفرنسي الكتابة بالنسبة لها (المادة ١٤٤٩) مرافعات فرنسی جدید.

   ولا تثير أي صعوبة قانونية الحالات التي يفرغ فيها الأطراف ارادتهم المشتركة للجوء  للتحكيم في وثيقة محررة بواسطتهم وتحمل توقيعاتهم جميعا.

   ويسهل في التجارة الداخلية الوصول الى وثيقة مكتوبة تحمل توقيع أطراف العقـد أو الخصوم، ولكن التجارة الدولية تقتضى صورا أكثر تعقيدا من التجارة الداخلية، فالمفاوضات تبـدأ على عناصر العملية التجارية مثل : الثمن، موضوع العملية، المواعيد، ...الخ. والباقي تنظمه عقود تكاد تصبح نموذجية، وتسبق ذلك وتلحقه رسائل واتصالات هاتفيـه وبرقيات وتلكسات وفكسات وغيرها من سبل الاتصالات الكتابية الحديثة، ثم يتم الوصول الى اتفاق. وكثيرا مـا يـأتي اتفاق التحكيم (شرط التحكيـم) في عقد نموذجي. مكتفين بإرفاق شروط عامة مطبوعة ومعدة بواسطة أحد الطرفين في ظهر الإتفاق أو بالإحالة الى الشروط النموذجية الموضوعة بواسطة إحدى الهيئات الدولية المتخصصة علماً بأن الشروط العامة الملحقة أو الشروط النموذجيـة المحـال اليها تتضمن عادة نص خاص بشرط تحكيم.

   وهنا تثور بعض المسائل العملية:

   هل يشترط قانون التحكيم الجديد بصدد العقود التي تتضمن شروطا عامة مطبوعة أن يقوم الأطراف بالتوقيع على شرط التحكيم ذاته توقيعا خاصا، بحيث لا يكفى التوقيع بصفة عامة على العقد في مجموعة؟ وبمعنى آخر هل يدعى ببطلان اتفاق التحكيم الوارد ضمن شروط عامة مطبوعة سواء في ظهر الوثيقة المشتملة على العقد المكتوب أو كملحق لها وذلك نظرا لعدم قيام الأطراف بوضع توقيع خاص أمام البند المتضمن لاتفاق التحكيم يفيد انصراف نيتهم يقينا الـى اختيار التحكيم وسيلة لحل ما قد ينشأ عن تعاقدهم من منازعات ؟     

   وعلة ذلك أن اتفاق التحكيم الوارد ضمن الشروط العامة لعقد أبرمه أطرافه يعبر عن انصراف نيتهم يقينا الى اختيار التحكيم وسيلة لحل ما قد ينشأ عن تعاقدهم من منازعات.

   والفرض الذي نحن بصدده يتحقق كلما ثبت أن الشروط العامة التي تضمنت شرط التحكيم كانت جزءاً من العقد عند إبرامه. وعلى العكس تماماً، فإذا لـم يثبت أن الشروط العامـة التـي تضمنت شرط التحكيم كانت جزءا من العقد وقت إبرامه فلا يعد اتفاق التحكيم قائماً طبقا (اللمـادة ۳/۱۰) من قانون التحكيم الجديد.

   وبعبارة أخرى فإن اتفاق التحكيم يعد متوفراً في مفهـوم (المادة ٣/١٠) مـن قـانـون التحكيم الجديد متى ثبت أنه كان جزءاً من الوثائق العقدية التي كانت محل توقيع الأطراف وقت التعاقد. وبهذا الوجود المادي يتوافر ركن الشكلية الذي تقتضيه (المـادة ١/١٢) مـن قـانون التحكيم الجديد كقاعدة موضوعية محددة وموحدة دوليا. ويتبقى بعد ذلك التأكد من توافر العناصر الأخرى لصحة اتفاق التحكيم وقد سبق أن عرضناها تفصيلا فيما سبق.

   وكذلك لا تطلب اتفاقية نيويورك قيودا خاصة بالتوقيع أمـام شـرط التحكيم وتعد القاعدة الموحدة التي أوردتها هي وحدها واجبة التطبيق في هذا الخصوص. لذا يجب استبعاد تطبيق أي قواعد واردة في القوانيين الداخلية، تتعارض مع د ذلك التنظيم الدولي الذي شهد كفالة الإستقرار لإتفاقات التحكيم بحيث لا تكون محلا لقيود وغير مألوفة في مكان دون آخر.

و هل يعتد قانون التحكيم الجديد باتفاق التحكيم في الحالات التي يكتفى فيها الأطراف بالاحالة الى عقد نموذجي يتضمن مقتضاه الخضوع للتحكيم لدى احدى الهيئات الدولية المتخصصة؟

    المسألة التي نحن بصددها تكثر في المعاملات الدولية وتختلف عن الحالة السابقة في أن الوثيقة العقدية لم تشمل هي ذاتها اتفاق التحكيم، وانما جاء ادماج الاتفاق على التحكيم عن طريق الاشارة في الوثيقة العقدية الموقعة الى اعتبار شروط نموذجية معينة جزءا مكملا للعقد بحيث تعـد الاحـالة اليها في مجموعهـا الـسـنـد الـمبرر لتطبيق اتفاق التحكيـم الـوارد ضمـن بنـود ذلـك النموذج" فهل يكفي ذلك للقول بانصراف نية الأطراف الى اختيار أسلوب التحكيـم وهـو وارد ضمن محتوياتها طريقا لحل ما قد ينشأ من منازعات بين الأطراف ؟ .

   لا تسمح عمومية نص (المادة ١/١٢) من قانون التحكيم الجديد بابتداع تفرقة في المعاملة بين كتابة اتفاق التحكيم كبنـد فـي العـقـد ذاته وبين تضمين العقد اشـارة كتابية مقتضاها ادماجه بالاحالة الى نص نموذجي معد سلفا.

   كما عالج المشرع المصرى المسألة المطروحة ولم يتركها لاجتهادات الفقه وذلك عملاً بنص (المادة 6) منه والتي تقضى بأنه "إذا اتفق طرفا التحكيم على اخضاع العلاقة القانونية بينهما لأحكام عقد نموذجي أو إتفاقية دولية أو أيـة وثيقـة أخرى، وجب العمل بأحكام هذه الوثيقة بما تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم"، ثم زاد المشرع الأمر إيضاحاً عملا بنص (المـادة ٣/١٠) منـه واشترط أن تكون الاحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد.

   اذن نسلم بوجود اتفاق تحكيم في مفهـوم قـانون التحكيم الجديد سواء أكان الأطراف قـد حرروا الاتفاق في عقدهم أو اكتفوا بادماجه عن طريق الاحالة الى نموذج معلوم لديهم، متـى كـان التعبير عن ارادة اللجوء للتحكيم صريح ولا يحتمل اللبس وتوافرت في هذه العلاقة شروط صحتها بالتأكد من أن اللجوء للتحكيم كان من بين العناصر التي تغطيها الوثيقة الكتابية المحررة بين أطراف العلاقة.

   وبالنسبة لاتفاقية نيويورك (فالمادة ٢) منها باعتبارهـا قـد أوردت قـاعدة موضوعية والقاعدة الدولية تقر بصورة واضحة ما استقر عليه التعامل الدولي من الاحالة الى شروط نموذجية مألوفة لدى المتعاملين في المجال الدولي الذين يعلمون سلفا مختلف بنودها، بما في ذلك البند المتضمن اللجوء الى التحكيم. فالمتعاملين في السوق الدولية عندما يحيلون في تعاقداتهم الى شروط نموذجية معدة سلفا يلتزمون بكافة هذه الشروط بما فيها اللجوء الى هيئة التحكيم المشـار اليها ضمن بنود النموذج، ويعد اتفاق التحكيم قد نشأ في مثل هذه الحالة على نحو يجيز تنفيذ حكـم التحكيم الصادر استنادا اليه.

وهل يعتد قانون التحكيم الجديد باتفاق التحكيم في غيبة نص كتابي يفيد مد هذا الاتفاق ليغطى المنازعات التي قد تنشأ خلال فترة تجديد العقد الأصلى؟

   وتتحقق هذه الحالة عندما لا يوجد سوى عقد أصلى واحد يتضمن اتفاق تحكيم مكتوبه، الا مدة ذلك العقد انتهت دون تحرير أي وثيقة مكتوبة تفيد تجديده بذات الشروط بما في ذلك اتفاق التحكيم وقد استمرت العلاقة العقدية على أساس وجود تجديد ضمني. وهذه الصورة مألوفة في عقود المدة القائمة على الثقة عندما تنتهى الفترة الزمنية المحددة أصلا لسريان العقد ولكن يستمر الأطراف في التعامل على ذات الأسس بما يحمل الى القول بأن العقد الأصلي قد تجدد ضمنا.

   فهل بعد اتفاق التحكيم قد استمر هو الآخر رغم تخلف النص المكتوب بحيث يسري على ما قد ينشأ خلال فترة التجديد من منازعات بين الأطراف؟

   وأن التمسك باتفاق التحكيم وان كان لاحقا على تاريخ انتهاء العقد الأصلي، الا أنه متصل به وناشيء عن تنفيذ أو عدم تنفيذ احد بنوده، وهو ذلك البند المتعلق بالتجديد. ومن ثم، فان النزاع قد يتعلق بأحد نصوص العقد الأصلي الذي يحكم مسألة تجديده.

   و يكتفي صراحة بأن يكون اتفاق التحكيـم قـد نشـا صحيحا باسـتفائه الشكل الكتابي وفقا (للمادة ١/١٢) من قانون التحكيم المصري الجديد.

    كما أنه من النتائج التي تترتب على استقلال شرط التحكيم أن يبقى هذا الشرط قائمـا بعـد انتهاء مدة العقد أو حتى بعد فسخ العقد وأحياناً بعد ابطاله، لأن شرط التحكيم المقصود منه هو أنه يسوى المسائل المتخلفة عن العقد. بينما إذا كان اتفاق التحكيم محدداً له مدة فلا يمتد سريانه امتداداً قانونياً وإنما يجب أن يكون التجديد بإرادة صريحة من الأطراف."

وهل يعتد قانون التحكيم الجديد بحالات التعاقد عن طريق وكيل أو سمسار؟

   إن المعاملات الدولية كثيراً ما تتم عن طريق وكلاء أو وسطاء يقومون بدور جوهري في إبرام العقود بما تحتويه من اتفاق على التحكيم في صدد المنازعات التي قد تنشأ بمناسبتها.

  ويثير تدخل هؤلاء الوكلاء والسماسرة مسألة أولية تتعلق بأساس سلطتهم في تضمين العقود التي يوقعونها اتفاق تحكيم و هذا الموضوع سبق أن عرضناه بمناسبة الكلام عـن أشخاص اتفاق التحكيم. على أن ما يعنينا إبرازه الآن هو أنه في الأوضاع العادية التي يتدخل فيهـا شخص ثالث كوكيل يمارس تصرفاً قانونياً كنائب عن الأصيل في إبرام اتفاق التحكيم.

  فان نص (المادة ١/١٢) من قانون التحكيم الجديد يقتضى لتقرير وجود اتفاق التحكيم ذاته أن يكون مكتوبا وموقعا بواسطة الأطراف أنفسهم أو من أنـابوهم عنهم في ذلك على نحـو غـير محجور.

   وصفوة القول يجب أن يكون اتفـاق التحكيم مكتوبا وموقعا عليه بحسب المفهـوم الـوارد (بالمادة ١/١٢) من قانون التحكيم الجديد فيما يتعلق بالتحكيم الداخلي والدولي، وذلك حتى ولو لم يكن شـرط الكتابة متطلبـا وفقا للتشريع الوطني في الدول المعنية وفقاً (اللمـادة ٢) من اتفاقيـة نيويورك.

   ويتعين التوسع في مجال تقرير صحة اتفاق التحكيم من ناحية الشكل متى كان مكتوبا في وثيقة موقعة من قبل الأطراف المعنيين أو من يمثلهم قانونا. وكذلك التدقيق في مفهوم العلم بوجـود شرط التحكيم، بمعنى أنه يجب التحقق على وجه اليقين من أن ارادة الأطراف قد تلاقت على قبول اتفاق التحكيم بصورة لا تدع مجالا للشك في ارتضاء كافة الأطراف أو مـن يمثلونهم قانونـا للتحكيم أسلوبا لحل المنازعات الناشئة عن علاقاتهم المتعلقة بذلك.

اتفاق التحكيم المبرم في صورة تبادل مستندات كتابية:

   تناولنا في المطلب الأول الصورة التقليدية لاتفاق التحكيم "المكتوب" التي تناولتها الفقرة الأولى من (المادة ١٢) من قانون التحكيم الجديد وتميز بكون الاتفاق المكتوب موقع عليه من الأطراف" أنفسهم أو ممن يمثلهم ونتناول الآن الصورة الأخرى التي إستحدثها قانون التحكيم الجديد عندما أوضح في الفقرة الثانية من (المادة ١٢) أن الاتفاق المكتوب يكفي أن يكون "متضمناً في تبادل "الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة دون اقتضاء توقيع الأطراف".

   ويتقرر وجود اتفاق التحكيم شكلا استنادا الى الصورة الثانية والمستحدثة التي أتى بها المشرع وهي الاتفاق المكتوب في صورة " تبادل" للرسائل أو البرقيات أو غيرهـا مـن وسـائل الاتصال المكتوبة حتى ولو لم تكن موقعة من أصحاب الشأن أو ممن يمثلهم قانونا.

  فلا مجال لاقتضاء التوقيع على اتفاق التحكيم في ظل القاعدة التي أوردها قانون التحكيم الجديد و يكتفي بتبادل المستندات الكتابية دون اشتراط توقيع الأطراف على ذات الوثيقة للقول بوجود اتفاق تحكيم.

   اذ تقتضى هذه الصورة بدلا من التوقيع المشترك أي توقيع جميع الأطراف على ذات الوثيقة أو على وثيقة واحدة في نفس الوقت تبادل مستندات كتابية أو برقيات أو ما شاكلها تكـون بدورها قاطعة أن ايجابا مثبتا بالكتابة قد تلاقي مع قبول أفرغ التعبير عنه كذلك في نص مكتوب.

   وهذه الصورة تعد شكلا جديدا كافيا بذاته للقول ان اتفاق التحكيم مستوفيا للشكل المطلوب بتوافر شرط الكتابة حسب المفهوم الوارد (بالمادة ٢/١٢) من قانون التحكيم الجديد وتقتضيها بالفعل متطلبات التجارة الدولية.

   والمناط في توافر أو عدم توافر هذه الصـورة المستحدثة والقاعدة الجديدة التي أتي بها المشرع هو وجود تبادل "Exchange" المستندات المكتوبة اذ يكتفى بوجود مستندات كتابية متبادله بين الطرفين للقول بوجود اتفاق تحكيم، بحيث يتعين التسليم بتحقيق الاتفاق عند التأكد من اتمام التبادل.

   وينتفي الاتفاق متى ثبت تخلف حدوث ذلك التبادل فإذا لم تتكامل شرائطه يترتب على ذلك أثر هام فيتعين على القضاء اعتبار اتفاق التحكيم باطلاً (المادة ١/١٢) من هذا القانون.

  والهدف من تبادل المستندات كتابيا هو الاطمئنان الى أن الأطراف كانوا علـى علـم كـاف بوجود اتفاق التحكيم حسب المراسلات والوثائق المتبادلة وأنهم قد تصرفوا أو كان مفروضا أن يتصرفوا على هذا الأساس.

   والملاحظ على نص (المادة ١٢) من القانون الجديد وإن كان قد شدد بفترته الأولى على أن الاتفاق يكون باطلاً إذا لم يكن مكتوباً وموقعا عليه، فإنه أظهر بالفقرة الثانية منه نو ه نوعاً كبيراً من المرونة بالنسبة لشرط الكتابة. فمجرد وجـود تبادل للرسائل سواء كانت بالفاكس أو التلكس أو البريد العادي أو بأي وسيلة تترك أثراً مكتوباً يمكن أن ينعقد بها إتفاق التحكيم ولا يشترط التوقيع.

   وقد يثور بعض الشك حول صحة الاتفاق من خلال تبادل رسائل المراسلات الناسخة (الفاكس) ونرى وجوب القول بصحة الاتفاق من خلال هذه الوسيلة وإن كان لا يرقى الى مرتبة الدليل الكتابي الكامل. ولعل المقصود من عبارة أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة" هو تأكيد صحة الاتفاق على التحكيم بالطريق الذي شاع اللجوء اليه في محيط الأعمال. ونقول ان عبارة "أو غيرها من وسائل الاتصال" تسمح باستخدام أية أجهزة تستخدم مستقبلا تترك أثرا كتابيا. هكذا ساير المشرع المصرى التطور الذي طرأ وسيطرا مستقبلا على وسائل الاتصال التي هي عصـب التجارة الدولية.

   و سيكون طبيعياً أن تثير القاعدة الجديدة التي أتي بها قانون التحكيم الجديد (المادة ٢/١٢) منه نوعاً من التردد من جانب المحاكم وخاصة محاكم الدول التي لا تعرف تشريعاتها الوطنية سوى صورة اتفاق التحكيم الموقع عليه من الطرفين بالنسبة للتحكيم الدولي.

المشرع المصرى يخرج عن المألوف في المسائل التجارية

   كما سبق القول سمحت المادة الأولى من قانون التحكيم الجديد باتفاق التحكيم في المسائل المدنية والتجارية والغالب هو اللجوء الى التحكيم في المسائل التجارية.وتقرير وجود اتفاق التحكيم شكلا استنادا الى الصورة المستحدثة التي أتي بها قانون التحكيم الجديد وهو كون اتفاق التحكيم كتابيا حتى ولو لم يكن موقعا عليه من أصحاب الشأن أو ممن يمثلهم قانونا. في حين أن الكتابة يجب أن تكون موقعة وفقا لقواعد الاثبات (المـادة ٢/١٠ و ١٤) مـن قـانون الاثبـات فـي المـواد المدنية والتجارية، فاذا لم يكن المحرر المكتوب موقعا عليه فقد المستند الكتابي قوته في الاثبات فقواعد الاثبات تحتم التوقيع على المحرر المكتوب، ا لا اذا أمكن اعتباره مبدأ بثبوت الكتابة. واستثناء من قاعدة المستند الكتابي الموقع عليه يكفي وفقا لقانون التحكيم الجديد أن يكون اتفاق التحكيم كتابي وغير موقع عليه فالمشرع المصرى سهل الأمور واستثنى وشجع على تقرير وجـود اتفاق التحكيم بواسطة أجهزة تترك أثرا كتابيا ولا يتوافر معها التوقيع كالبرقيات وما شابه ذلك

   وبالنسبة لاتفاقية نيويورك فقد أوضحت في الشق الثاني من (المـادة ٢/٢)منها أن الاتفاق المكتوب يكفي أن يكون " متضمنا في تبادل للخطابات أو البرقيات" دون اقتضاء توقيع الأطراف أو ممثليهم. وذلك حتى ولو لم يكن شرط الكتابة متطلبا وفقا للتشريع الوطني في الدول المعنية.

   ومن ثم نستطيع القول ان المشرع المصرى قد تخطى اتفاقية نيويورك حيث أضـاف معنى واسعا جدا فيما يتعلق بوسائل الاتصال المكتوبة حين ذكر عبارة " أو غيرها مـن وسائل الاتصـال المكتوبة" بينما اقتصرت الاتفاقية على تحقيق التبادل بالخطابات والبرقيات فقط.

   وبالنسبة للقانون النموذجي "Model Law" يتطابق بالنسبة للمسألة المطروحة مع قـانون التحكيم الجديد فيما يتعلق بتبادل المستندات ووسائل الاتصال (المادة ٢/٧) نموذجي.

وصفوة القول:

   إذا لم يقم الدليل على أن إيجاباً كتابياً قد صادفه قبول كتابي فإن التبادل الـذي يتطلبـه قـانون التحكيم الجديد (مادة ٢/١٢) منه لا يعد متوافراً ويتعين على القضاء اعتبار اتفاق التحكيـم بـاطـلا في مفهوم قانون التحكيم الجديد.

   ويتعين التوسع في مجال تقرير صحة اتفاق التحكيم من ناحية الشكل متى كان الاتفاق ثابتا من خلال مراسلات ووثائق كتابية متبادلة بين أصحاب الشأن، حتى ولم تكن موقعة منهـم أو ممـن يمثلهم قانونا. مع التدقيق في مفهوم العلم بوجـود شـرط التحكيم والتبادل بالنسبة للمراسلات والوثائق الكتابية، كذلك يجب التحقق على وجه اليقين من أن ارادة الأطراف قد تلاقت علـى قبـول اتفاق التحكيم بصورة لا تدع مجالا للشك في ارتضاء كافة الأطراف أو ممن يمثلونهـم قانونا للتحكيم أسلوبا لحل المنازعات الناشئة عن علاقاتهم المتعلقة بذلك.

   ونخلص مما سبق الى أن (المادة ١٢) من قانون التحكيم الجديـد استهدفت على نحو ما أسلفنا بيانه تقرير قاعدة شكلية محددة وموحدة دولياً تقتضي توافر الكتابة في إحـدى صورتين لوجود اتفاق التحكيم والإعتداد به داخلياً ودولياً. والصورة الأولى تطلب وجود وثيقة كتابية موقع عليها من الأطراف أنفسهم أو ممن يمثلهم قانونا وتكون ذات دلالة كافية على العلم الكافي بوجـود اتفاق التحكيم المشار اليه أو المحال عليه في أي من الفروض العملية العديدة التي لا تحتوى فيهـا الوثيقة الموقعة على النص ذاته. والصورة الثانية والمستحدثة وهي الاتفاق المكتـو ب فـي صـور تبادل للرسائل أو البرقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة والتي تترك أثرا مكتوبا دون اقتضاء توقيع الأطراف عليه.