١ - الكتابة في ظل مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة :
نصت المادة (١٠٠٥) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة على أن: "الاتفاق على التحكيم يجوز أن يبرم بمحضر أمام المحكمين، أو بعقد أمام الموثق أو بعقد عرفي".
وتجدر الإشارة إلى أن هذا النص لا يشمل سوى مشارطة التحكيم - التي تبرم بعد وقوع النزاع دون شرط التحكيم - الذي يبرم في وقت سابق على وقوع النزاع ويرجع ذلك إلى أن شرط التحكيم لم يكن معترفاً آنذاك.
وقد استند القضاء الفرنسي في اتجاهه هذا إلى أن نص المادة (١٠٠٥) جاء بصيغة الجواز، وليس بصيغة الوجوب.
ولما كان نص المادة (١٠٠٥) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة يقتصر أثره على مشارطة التحكيم دون شرط التحكيم، فلما أُجيز هذا الأخير في المعاملات التجارية دون المعاملات المدنية، فقد ذهب الرأي الغالب في الفقه والقضاء الفرنسي إلى عدم إخضاع شرط التحكيم لنص المادة (١٠٠٥)، وبالتالي فإن شرط التحكيم لا يتطلب الكتابة ليس فقط من أجل انعقاده، وإنما أيضاً من أجل إثباته.
٢ - الكتابة في ظل مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية:
أ - الكتابة بالنسبة لشرط التحكيم:
تنص المادة (١٤٤٣) من قانون المرافعات الفرنسية الحالية على : "بطلان شرط التحكيم إذا لم يكن مكتوباً إما في ورقة العقد الأصلي، أو في ورقة أخرى يشير إليها هذا العقد .
من هذا النص يتضح لنا أن المشرع الفرنسي قد تشدد بالنسبة لاتفاق التحكيم السابق على قيام النزاع أي شرط التحكيم - فقد استلزم الكتابــــة لانعقاده وليس لمجرد إثباته. وعليه فإن شرط التحكيم في ظل مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية يعد عقداً شكلياً، لا ينعقد بمجرد تراضي الأطراف على اللجوء إلى التحكيم لحسم منازعاتهم، وإنما يجب أن يكون مكتوباً، فشرط التحكيم يدور وجودا وعدما مع توافر عنصر آخر غير الرضا، وهذا العنصر هو الكتابة.
ولما كانت الكتابة ليست مجرد وسيلة إثبات، وإنما هي شرط لصحة اتفاق التحكيم السابق على قيام النزاع، لذلك فلا يجوز إثباته بغير الكتابة، استناداً للقواعد العامة في الإثبات والمنصوص عليها في المادة (۱۰۹) من القانون التجاري الفرنسي.
ولما كانت الكتابة شرطا لصحة اتفاق التحكيم السابق على قيام النزاع، لا يقوم بدونها، فيترتب على تخلفها بطلان شرط التحكيم.
وعليه نلاحظ أن وضع الكتابة بالنسبة لشرط التحكيم قد تغيَّر، فبعد أن كانت الكتابة في ظل مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة غير متطلبة بالنسبة لشرط التحكيم ليس لمجرد انعقاده، وإنَّما أيضاً بالنسبة لإثباته، ومن ثم يجوز إثبات شرط التحكيم بجميع طرق الإثبات، استناداً للقواعد العامة في الإثبات، والمقررة في المادة (۱۰۹) من القانون التجاري وأهمها حرية الإثبات.
ب - الكتابة بالنسبة لمشارطة التحكيم:
أن الكتابة بالنسبة لمشارطة التحكيم ليست متطلبة كشرط صحة، وإنما هي مجرد وسيلة إثبات، فلا يجوز إثبات مشارطة التحكيم بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها، ومن ثم لا يجوز الإثبات بالقرائن أو البينة.
فمشارطة التحكيم في ظل مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية تعـــد عقداً رضائياً، ينعقد بمجرد تراضي الأطراف أي بمجرد تقابل إرادتين متطابقتين على اللجوء إلى التحكيم، كوسيلة لحسم المنازعات القائمة بالفعل. فالكتابة بالنسبة لمشارطة التحكيم في ظل مجموعة المرافعات الفرنسية الحالية، بقيت كما هو عليه الحال في ظل مجمو. عة المرافعات الفرنسية السابقة - مجرد وسيلة إثبات، وليست شرط صحة.