أن الأنظمة القانونية الوضعية اختلفت فيما بينها بشأن الكتابة، وهل هي مطلوبة لانعقاد اتفاق التحكيم بحيث يترتب على تخلفها بطلان اتفاق التحكيم، أم أنها مجرد وسيلة للإثبات.
في الحقيقة نظرت بعض الأنظمة القانونية الوضعية إلى اتفاق التحكيم، من خلال النتائج المترتبة عليه وما تمثله من خطورة تتوضح في نزع الاختصاص عن القضاء العام في الدولة، ومنح سلطة الفصل في النزاع إلى قضاء خاص يتشكل من أفراد عاديين يختارهم الأطراف بأنفسهم، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الضمانات التي يوفرها القضاء العام في الدولة للمتقاضين، وما ينتج عنه من إهدار لبعض حقوق الأطراف، وخاصة عندما يكون التحكيم مع التفويض بالصلح، حيث لا يتقيد المحكم بقواعد قانونية محددة، ويقضي وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف.
هذه النظرة للتحكيم، جعلت هذه الأنظمة القانونية الوضعية تخرج اتفاق التحكيم من دائرة التصرفات القانونية الرضائية، وجعله تصرفاً شكلياً، شأنه شأن الهبة والوصية.
بينما نجد أن الأنظمة القانونية الوضعية الأخرى قد نظرت إلى التحكيم باعتباره قضاءً موازيا للقضاء العام في الدولة، وليس خروجا على الأصل العام في التقاضي.