الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الشرط الشكلى - الكتابة / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم / نطاق الشكل في اتفاق التحكيم

  • الاسم

    هشام محمد ابراهيم السيد الرفاعي
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    332
  • رقم الصفحة

    230

التفاصيل طباعة نسخ

تبرز أهمية معرفة المسائل الداخلة في نطاق الشكل تحديد نطاق القانون واجب التطبيق على كل مسألة، وما إذا كان قانون الشكل يشمل كل هذه المسائل، أم أن بعضها يمكن أن يخرج عن مجال إعماله، والمسائل التي تعد من مسائل الشكل هي:

1- تحديد ما هية الشكل المطلوب:

بمعنى أن يحدد القانون واجب التطبيق القالب المجسم الذي يأخذ مظهراً خارجياً تجسد فيه إرادة الأطراف ويبدو به التصرف مرئياً.

مثال ذلك كأن يتمثل هذا القالب الشكلي في الكتابة مثلاً، وهي أهم مظاهر الشكل.

٢- تحديد كيفية تحقيق الشكل المطلوب:

فيتولى القانون واجب التطبيق بيان الطريقة التي يتحقق بها الشكل الذي يتطلبه. فإذا كان الشكل الذي يتطلبه هو الكتابة مثلاً، فإنه يحدد كيفية تحققها، مثل أن يشترط كونها رسمية، أو يكتفي بكونها عرفية موقعة من الطرفين، أم غير موقعة، أو يكتفي بالرسائل المتبادلة. أو يقر الكتابة الإليكترونية، وغير ذلك من الوسائل التي يعتد بها القانون لتحقيق الشكل الذي يتطلبه في اتفاق التحكيم.

3. تحديد وظيفة الشكل في الاتفاق والهدف منه:

فيتولى القانون واجب التطبيق بيان وظيفة الشكل الذي يتطلبه في اتفاق التحكيم أو الهدف منه، فيبين ما إذا كان الشكل المطلوب هو شرط لانعقاد الاتفاق.

بحيث إذا لم يوجد هذا الشكل لم ينعقد الاتفاق مما يترتب عليه أن يعد اتفاق التحكيم باطلا إذا لم يكن قد أفرغ في هذا الشكل، وبذلك يعد اتفاق التحكيم عقداً شكلياً لا ينعقد إلا بإفراغه في هذا الشكل الذي يعد ركناً في الاتفاق.

أم أن وظيفة الشكل الذي يتطلبه في اتفاق التحكيم أو الهدف منه هو "إثبات اتفاق التحكيم".. فيكون اتفاق التحكيم وفقاً لهذا عقداً رضائيا، أي يكفي لانعقاده تراضي الأطراف عليه. وهذا الشكل ليس ركناً فيه إنما هو شرط لإثباته.

وتختلف النظم الوضعية فيما بينها بشأن الشكلية المطلوب توافرها في اتفاق التحكيم، وبوجه خاص فيما يتعلق بكتابة الاتفاق على التحكيم ،وهل تعتبر الكتابة شرطاً لصحته، أم أنها مجرد وسيلة لإثباته؟

وتعد الكتابة من أقوى طرق الإثبات، ومن مزاياها أنه يمكن إعدادها مقدماً للإثبات منذ

نشأة الحق، دون الانتظار لوقت المنازعة فيه، ولذلك يطلق على الكتابة الدليل المعد أو المهيا، وقد أوجبها المشرع الوضعي المصري بوجه عام طريقاً للإثبات في الأحوال التي يكون فيها مصدر الحق تصرفاً قانونياً مدنياً، حيث تنص المادة 60 من قانون الإثبات المصري رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٨ على أنه : " في  غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على مائة جنية أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك".

 كما توجد نصوص قانونية متفرقة تستلزم صراحة الكتابة لإثبات بعض التصرفات القانونية.

والكتابة المطلوبة لإثبات التصرف القانوني تختلف جذرياً عن الكتابة التي تستلزمها النظم القانونية الوضعية لانعقاد بعض التصرفات القانونية، حيث تكون هذه الكتابة الأخيرة شرطاً لوجود وصحة التصرف الشكلي، بحيث يؤدي تخلفها إلى بطلان التصرف القانوني ذاته، في حين أن الكتابة المطلوبة لإثبات التصرف القانوني لا علاقة لها بصحته، إذ أن تخلفها لا يؤدي إلا لصعوبات عملية في إثباته، ولذلك فإن التمييز بين الكتابة المطلوبة لانعقاد التصرف القانوني، وتلك المطلوبة لإثباته لا تقتصر أهميته على الناحية النظرية فقط، وإنما له أهميته من الناحية العملية، كذلك فإن التمييز بين وجود التصرف القانوني وإثباته يعد إحدى المسلمات الأساسية في النظم القانونية الوضعية، حيث أن الوجود القانوني للتصرف يكون أمراً مستقلاً ومتميزاً عن إثباته، وإعمالاً لهذا التمييز يلاحظ أن النظم القانونية تضع قواعد تحكم إنشاء التصرف القانوني، وأخرى تحكم إثباته: والأولى تبين العناصر التي يتكون منها ويتحقق بها للتصرف وجوده القانوني، أما الثانية فهي تنظم وسائل وإجراءات إثباته أمام القضاء.

والشكل هو أسلوب مفروض للتعبير عن الإرادة يفرضه القانون بالنسبة لتصرفات معينة، فإذا عبر المتصرف عن إرادته خارج الشكل المفروض قانوناً، فإن تعبيره لا ينتج أثراً قانونياً، فالشكل يعد شرطاً لتكوين التصرف القانوني يلزم توافره، بالإضافة إلى سائر شروط تكوين التصرف.

وهذا التحديد يتم من قبل المشرع وحده دون تدخل من جانب الأفراد، حيث لا يكون لهم الاتفاق على استبعاد الشكل أو استبداله بغيره.

وعلى ذلك.. فإن استلزام المشرع للكتابة كشرط لوجود التصرف وصحته يرتب على تخلفها بطلان هذا التصرف.

وأما الكتابة المطلوبة لإثبات التصرف القانوني، فإن تخلفها لا يعدم وجود التصرف أو يبطله، وإنما يظل موجوداً صحيحاً في ذاته ولا تثور الصعوبة إلا في مدى إمكان إثباته.

وتخلف الكتابة لا يؤدي بالضرورة إلى جعله مستحيل الإثبات، ذلك أن القانون قد وضع عدداً من وسائل الإثبات الأخرى التي يمكن إعمالها في حال تخلف الكتابة.

واختلاف الأحكام المنظمة لهذه المسائل في تشريعات مختلف الدول هي التي تثير إشكالية تنازع القوانين بشأن شكل اتفاق التحكيم.

حيث يختلف الحكم على "اتفاق التحكيم" من حيث الوجود والصحة باختلاف حكم كل قانون في هذه المسائل.

الأمر الذي يجدر بنا معه أن نستعرض مواقف التشريعات المختلفة في هذا الشأن.

ويمكن تقسيم تشريعات القانون المقارن بحسب موقفها في كل مسألة من مسائل شكل اتفاق التحكيم على النحو التالي:

أولا : من حيث مبدأ الشكل

تنقسم إلى تشريعات لا تتطلب أي شكل لاتفاق التحكيم، وتشريعات تتطلب فيه شكلاً معيناً.

الاتجاه الأول: التشريعات التي لا تتطلب أي شكل في اتفاق التحكيم

فتجيز أن يكون اتفاق التحكيم شفهياً، ووفقاً لهذه التشريعات ينعقد اتفاق التحكيم بمجرد تراضي طرفيه، ولا يشترط لانعقاده أن يفرغ في شكل مخصوص.

كما أنه يجوز إثباته بأي طريقة من طرق الإثبات، فلا يشترط لإثباته أيضاً اتباع شكل مخصوص، أو أن يكون قد أبرم على نحو معين.

کیٹ خصص القانون الهولندي الكتاب الرابع من قانون المرافعات التحكيم ونص في المادة ١٠٢١ منه على أنه: "يجري إثبات اتفاق التحكيم بالكتابة، ويكفي في هذا الشأن وثيقة مكتوبة تقرر التحكيم أو الإحالة إلى شروط عامة تقرر التحكيم سواء قبلت هذه الوثيقة صراحة أو ضمناً من الطرف الآخر أو باسمه.

ويتضح من هذا النص أنه لا يشترط أي شكل معين لإثبات اتفاق التحكيم. فالكتابة وفقاً له ما هي إلا وسيلة ضمن وسائل أخرى يمكن إثبات الاتفاق بها.

وقد أورد النص صراحة أنه إذا كانت هناك وثيقة مكتوبة تقرر التحكيم، أو تحيل إلى شروط عامة تقرر التحكيم. فيكفي في إثبات اتفاق التحكيم قبول الطرف الآخر، أو من يمثله لهذه الوثيقة صراحة أو ضمناً.

مما يتبين معه أن اتفاق التحكيم وفقاً لذلك يمكن أن يكون شفوياً.

الاتجاه الثاني: تشريعات تتطلب في اتفاق التحكيم شكلاً معيناً

فتنص على إفراغه في شكل مخصوص، ويمثل هذا الاتجاه أغلب تشريعات القانون المقارن، وعلى سبيل المثال التشريع الإسباني، وهو القانون رقم 36 لسنة 1988 الصادر في 5 ديسمبر سنة ١٩٨٨، والسويسري الصادر في ١٨ ديسمبر سنة ١٩٨٧ ، والكندي والبلجيكي والإيطالي.

ثانيا: من حيث ما هية الشكل المطلوب في اتفاق التحكيم

تنقسم التشريعات في هذا الشأن إلى:

۱- تشريعات تتطلب الكتابة.

۲- تشريعات تتطلب أشكالاً أخرى.

الاتجاه الأول: تشريعات تتطلب في شكل اتفاق التحكيم الكتابة فقط

فتنص على أن يأتي اتفاق التحكيم مكتوباً.

وهذا الاتجاه تمثله أغلب تشريعات القانون المقارن مثل التشريع المصري (المادة ۱/۱۲) والتشريع الإنجليزي (المادة 1/5) والتشريع الاسترالي (المادة 3/577) والتشريع الجزائري (المادة ٢/٤٥٨).

الاتجاه الثاني: تشريعات تتطلب أشكالا أخرى فوق الكتابة.

تشريعات نادرة منها القانون المغربي في المادة ٢/٣٠٩ الذي وهي يتطلب أن يكتب اتفاق التحكيم بخط اليد.

والقانون السعودي الذي ينص في المادة 7 على أن يكون اتفاق التحكيم مصدقاً عليه من المحكمة.

ثالثا: من حيث وظيفة الشكل في اتفاق التحكيم

تنقسم التشريعات إلى :

۱- تشريعات تتطلب الشكل لانعقاد اتفاق التحكيم.

۲- تشريعات تتطلب الشكل لإثبات اتفاق التحكيم.

الاتجاه الأول: تشريعات تتطلب الشكل لانعقاد اتفاق التحكيم

هناك تشريعات تجعل وظيفة الشكل المرجو تحقيقها، والذي تتطلبه في اتفاق التحكيم هي "انعقاد الاتفاق"

فتجعل هذا الشكل ركناً من أركان اتفاق التحكيم، بحيث لا ينعقد الاتفاق إلا بوجود هذا الشكل.

وعلى هذا الأساس يكون اتفاق التحكيم وفقاً لهذه التشريعات عقداً شكلياً. لا ينعقد إلا بإفراغه في الشكل الذي تطلبه القانون، فلا يحقق تراضي أطرافه بالإيجاب والقبول انعقاد الاتفاق، وعلى ذلك يترتب على تخلف هذا الشكل بطلان اتفاق التحكيم.

ومن التشريعات التي تجعل الشكل ركناً في الاتفاق وشرطاً لانعقاده القانون المصري ، فبعد أن كان المشرع يستلزم كتابة الاتفاق على التحكيم كشرط لإثباته؛ وفقاً للمادة 501 الملغاة من قانون المرافعات، التي كانت تقضي بأنه "لا يثبت التحكيم إلا بالكتابة" عدل المشرع موقفه، واتبع ما ذهبت إليه بعض التشريعات، فاعتبر اتفاق التحكيم من العقود الشكلية التي لا توجد إلا إذا كانت مكتوبة، ذلك أن استلزام الكتابة لإثبات العقد لا يغير من وصف العقد باعتباره من العقود الرضائية، أما ترتيب البطلان على عدم الكتابة، فتعني أن الكتابة ركن في وجود العقد لا يوجد الاتفاق بدونه، وهو ما تقضي به المادة ١٢ من قانون التحكيم المصري التي تنص على أنه: "يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً".

وبذا يكون المشرع المصري قد عدل عن موقفه من شرط كتابة اتفاق التحكيم، فبدلاً من اقتضاء الكتابة لإثبات الاتفاق وهو ما كان ينص عليه قانون المرافعات صارت الكتابة ضرورية لوجود اتفاق التحكيم، وهو الحكم الذي استحدثه قانون التحكيم في المادة ١٢ منه، وذلك بالرغم من أن نموذج قانون لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي يستلزم الكتابة ولكنه لم يرتب البطلان على عدم كتابة اتفاق التحكيم، إلا أن جعلها شرطاً للانعقاد يستفاد من لفظ الوجوب.

الاتجاه الثاني: تشريعات تتطلب الشكل لإثبات الاتفاق

فهناك تشريعات لا تعد الشكل في اتفاق التحكيم ركنا فيه أو شرطاً لانعقاده وإنما تتطلب الشكل لإثباته فقط.

ووفقاً لهذه التشريعات يكون اتفاق التحكيم عقداً رضائياً ينعقد صحيحاً بمجرد تراضي الاطراف واقتران الإيجاب بالقبول، ولا يمنع من كون اتفاق التحكيم رضائيا أن تتطلب هذه التشريعات شكلاً معيناً لإثباته.

فهذا الشكل غير مؤثر في وجود الاتفاق أو صحته. فينعقد الاتفاق صحيحاً رغم تخلفه، والأثر الذي يترتب على تخلف الشكل في هذه الحالة أن يكون اتفاق التحكيم عند إنكاره غير ذي فاعلية، ويتعين البحث عن وسيلة مأمونة لإثباته ويتحقق ذلك قطعا بالإقرار الصريح، وقد يتحقق بالإقرار الضمني كذلك.

ومن هذه التشريعات : التشريع الإسباني والتشريع السويسري، والكندي، والبلجيكي، والإيطالي، والإنجليزي.. حيث الكتابة لازمة للإثبات. ويتبين مما سبق أن الشكل الذي يتطلبه اتفاق التحكيم -وفقاً للتشريعات التي تتطلب شكلاً- ينحصر في "الكتابة" ومن ثم فإن الكتابة هي التي تمثل الشكلية المطلوبة في اتفاق التحكيم. والتي إليها تنصرف مسائل الشكل، وعليها يطبق أحكام قانون الشكل، وقد انقسمت التشريعات من حيث طريقة الكتابة ذاتها.

رابعا: من حيث طريقة الكتابة كشكل في اتفاق التحكيم

تنقسم إلى تشريعات جامدة وتشريعات مرنة:

الاتجاه الأول: التشريعات الجامدة

اتجهت بعض التشريعات التي تطلبت شكلية الكتابة في اتفاق التحكيم إلى جمود الشكل الكتابي؛ بحصره في الإطار التقليدي.

ومن هذه التشريعات القانون الموريتاني لعام ٢٠٠٠، والذي نصت مادته السادسة على أنه "لا يثبت اتفاق التحكيم إلا بالكتابة سواء بمحرر أو بمحرر عرفي أو بمحضر جلسة أو بمحضر تم تحريره لدى رسمي محكمة التحكيم".

ويتبين من هذا النص أنه يتطلب الطريقة التي يفرغ فيها الشكل الكتابي على نحو جامد.. على خلاف الاتجاه الآخر.

الاتجاه الثاني: التشريعات المرنة

اتجهت بعض التشريعات إلى المرونة في الطريقة التي تتطلب بها الشكل الكتابي لاتفاق التحكيم بغض النظر عن وظيفته سواء كان للإثبات أو للانعقاد.

ومن التشريعات التي تتطلب شكلاً كتابياً مرنا القانون السويسري لعام ۱۹۸۷، حيث نصت المادة ١/١٧٨ منه على أنه:" فيما يتعلق بالشكل، يكون اتفاق التحكيم صحيحاً إذا ورد في مكتوب، أو تلغراف، أو تلكس، أو الطابعة اللاسلكية، أو أية وسيلة اتصال أخرى تسمح بإقامة الدليل بنص".

ويتبين من هذا النص أنه كان مرنا في تطلب أسلوب الكتابة فاكتفى بالتلغراف أو التلكس.

ومن التشريعات المرنة بشأن طريقة الكتابة التي تطلبتها، وكانت الكتابة لديها لانعقاد الاتفاق التشريع المصري الذي نص في المادة رقم ١٢ أنه على : "يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً، ويكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة".