اشتراط الكتابة في التحكيم بالصلح لم يرد في النصوص التي أجازت تطبيق هذا النوع من أنواع التحكيم باعتبار أنها مسألة شكلية لا تتعلق بصحة الاختيار ذاته، ولكن تتعلق بالإثبات.
ولكن الأمر يختلف في الاتفاق على التحكيم ، فمعظم النصوص اشترطت كتابة اتفاق التحكيم ، فبالرغم من أن اتفاق التحكيم يعتبر من العقود الرضائية إلا أن البعض من التشريعات اعتبرته من العقود الشكلية ، حيث أنه لا يتم بمجرد تراضى المتعاقدين ، بل يجب لتمامه اتباع شكل يتطلبه القانون، فمعظم التشريعات الوطنية وأيضاً اتفاقية نيويورك تشترط أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا.
ومن ذلك ما جاء في المادة (۱۲) من قانون التحكيم المصرى والـتــــي تنص على أنه:
" يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً ويكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان، أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة".
كذلك بالنسبة للدول الأعضاء فى اتفاقية نيويورك الموقعة سنة ١٩٥٨ بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، للاعتراف باتفاق التحكيم حيث نصت المادة (۲) على أن:
1 - تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم.
2- يقصد " باتفاق مكتوب" شرط التحكيم في عقد أو اتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف ، أو الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة أو البرقيات".
ولا يشترط لتوافر شرط الكتابة فى اتفاق التحكيم وجود عقد موقع من كل الأطراف، فيكفى لتوافر هذا الشرط وجود رسائل متبادلة بين الأطراف سواء كانت بالفاكس أو التلكس أو البريد العادى أو بأي وسيلة أخرى سلكية أو لا سلكية.
وكما أوضحنا في اشتراط الكتابة في صحة اتفاق التحكيم ذاته في كثير من التشريعات الوطنية، وباعتبار أن التحكيم بالقانون هو الأصل ، وأن التحكيم بالصلح هو الاستثناء، فقد اشترط بعض الفقهاء الكتابة في اختيار تطبيق قواعد العدالة والإنصاف .
شرط التحكيم بالصلح يعتبر عدولاً عن الأصل ، وهذا العدول يجد أن يكون جلياً ومكتوباً.
وبعد بحث مفهوم التحكيم بالصلح ذاته ، بداية ببحث ماهيته ، ثم بحث شروط صحة الاتفاق عليه ، يكون البحث في التمييز بين التحكيم بالصلح والنظم التي قد تختلط به.