وإذا كان الرضاء يكفى لانعقاد التحكيم، فهل يكفى ذلك فقط ؟ أم أن يفرغ ذلك الاتفاق في شكل معين ؟ أو بعبارة أخرى ، هل يجب أن يتم التعبير عن التحكيم بالكتابة .
في شأن الإجابة .. اختلف الفقه والقضاء إلى اتجاهين متمايزين :
- الاتجاه الأول .. إلى عدم ضرورة كتابة الاتفاق على التحكيم ، حيث أن الكتابة في هذه الحالة مجرد وسيلة للآثبات فقط ، ومن ذلك قانون المرافعات المصرى ، حيث كانت تنص المادة (٥٠١) الملغية : « ولا يثبت التحكيم إلا بالكتابة».
ويؤيد بعض الفقه هذا الاتجاه بأن عقد التحكيم لا يعدو أن يكون عقدا رضائيا ، ينعقد بمجرد تناول الإيجاب والقبول بين طرفيه ، دون حاجة إلى أي إجراء آخر فإن التحكيم في نظرهم، ليس عقدا شكليا حتى لو تطلبت بعض الأنظمة الكتابة لإثباته ، لأن الكتابة هنا ليست ركنا في هذا العقد لا ينعقد بدونها ولا حتى شرطا لصحته ، وإنما هى مجرد وسيلة للإثبات ، ولهذا فإنه يمكن إثبات الاتفاق على التحكيم حتى ولو لم يكن مكتوبا بما يقوم مقام الكتابة من إقرار أو يمين حاسمة .
- الاتجاه الثاني .. يرى ضرورة كتابة الاتفاق على التحكيم بحيث يكون باطلا عقدا كان أم شرطا ، إذ لم يكن مكتوبا فالكتابة طبقا لهذا الاتجاه شرطا شكليا أو ركنا شكليا لزاما لوجود الاتفاق على التحكيم في ذاته ويؤيد بعض الفقه بذلك ، حيث لا يجيزوا إثبات هذا الاتفاق إلا بالكتابة وهذا يعني عدم الاعتراف بوجود اتفاق التحكيم غير المكتوب .
موقف قانون التحكيم الجديد :
لقد أخذ القانون الجديد الخاص بالتحكيم بوجهة نظر الاتجاه الثاني ، حيث تنص المادة ١٢ ذلك القانون بأنه : « يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإلا كان باطلا ، ويكون اتفاق التحكيم مكتوبا إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان ، أو إذا تضمنته ما تبادله الطرفان من وسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة »
إلا أن هذا القانون لم يستوجب فى الكتابة أن تكون رسمية ، إذ يكفى أن تكون كتابة عرفية موقعة من الطرفين ، ولم يشترط في الكتابة أن تتم بألفاظ معينة أو بعبارات معنية إذ تصح كتابة الاتفاق بأي عبارات وبأي الفاظ طالما كانت دالة دلالة قاطعة على إرادة التحكيم .
وعلى هذا فإنه لا يجوز إثبات مشارطة التحكيم بطريقة من طرق الإثبات الأخرى ، بما يجرى في ذلك الاقرار والنكول عن اليمين .
ومما تجدر الإشارة به فى هذا الصدد، أن الكتابة المتطلبة في اتفاق التحكيم لا تظهر الاتفاق ذاته من العيوب المبطلة له، فقد يكون الاتفاق باطلا رغم كتابته إذ تعتبر الكتابة هنا غير موجودة في هذه الحالة .
وإذا كان كتابة اتفاق التحكيم شرطا أو مشارطة لازمة على هذا النحو ، فإنه يجب أن ترد في ورقة موقعة من طرفيها ، فإن جاءت الورقة خالية من التوقيع فلا تعتبر حجة في إثبات ولاية القضاء للمحكم أو المحكمين ، وهذا ما نصت عليه المادة ١٢ من قانون التحكيم الجديد .
ولقد أوردت المادة العاشرة صورا لما يعتبر اتفاقا على التحكيم ، ومن ذلك كل إحالة ترد في العقد الأصلي المبرم من الخصوم إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في إعتبار هذا الشرط جزءا من العقد .