لا يكفي لصحة اتفاق التحكيم الدولى أن تتوافر الأهلية لدى أطرافه وأن يكون النزاع قابلا للتحكيم على نحو ما سبق عرضه وإنما يجب فوق ذلك أن يأتى الاتفاق في الشكل المطلوب
وتتجه التشريعات المقارنة فى الشكل الذي يعتد به لصحة اتفاق التحكيم الدولى إلى ثلاثة اتجاهات مختلفة.
الاتجاه الأول : تشريعات لا تتطلب أى شكل خاص في الاتفاق، فيجوز أن يأتى شفاهة، كما يجوز أن يأتي مكتوبا .
الاتجاه الثاني: تشريعات تتطلب الشكل الكتابي وحده، وهذه التشريعات منها ما يجعل الكتابة شرطا للانعقاد( Ad Validitatem) مثل التشريع المصرى (م۱/۱۲) والتشريع الإنجليزي (م ١/٥) والتشريع الاسترالي ( ٣/٥٧٧) والتشريع الجزائري (م ٢/٤٥٨) .
ومنها ما يجعلها شرطا للإثبات Ad Probation مثل التشريع السويسرى (م ۱۷۸ /۱) والتشريع الهولندى ( م ١٠٢١) والتشريع البرتغالى (م (۲/۲) والتشريع البلجيكي ( م ١٦٧٧) والتشريع الأسباني ( م ١/٦) والتشريع التونسي (م ٢/٦).
وإزاء هذا التباين الواضح للتشريعات المقارنة، فإن الأخذ بقواعد تنازع القوانين لتحديد شكل الاتفاق سوف يؤدى إلى تطبيق أحكام مختلفة، وهو الأمر الذى نادى معه الفقه بضرورة البحث عن قواعد موحدة يتم تطبيقها مباشرة بصرف النظر عن موقف التشريعات الداخلية.
ولا شك أن أنسب الحلول التي رآها الفقه، هو الأخذ بالحكم الذي قررته اتفاقية نيويورك باعتبارها واجبة التطبيق عند تنفيذ حكم التحكيم، ومعنى ذلك أنه يجب أن يتوافر فى اتفاق التحكيم الدولى الشكل المكتوب وفقا لما تقضى به المادة الثانية من هذه الاتفاقية.
تنص المادة الثانية من اتفاقية نيويورك في فقرتها الأولى : « تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب الذى يلتزم بمقتضاها الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة، أو التى قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم.