القول بأن الكتابة ركن لانعقاد اتفاق التحكيم، وهذا ما تبناه المشرع في بعض الدول ، حيث ذهب إلى اعتبار الكتابة ركناً لازماً لانعقاد اتفاق التحكيم، ويترتب على تخلفه البطلان، و تبنى هذا الاتجاه المشرع المصري من خلال نص م ١٢ تحكيم مصري حيث أشار إلى أنه " يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً ويكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة." وهو ذات الاتجاه الذي سار عليه المشرع الفرنسي أيضا من خلال م١٤٤٣ مرافعات بأنه يجب أن يكون الشرط التحكيمي منصوصا عليه كتابة في العقد أو في وثيقة يحيل إليها هذا العقد، وأن يشتمل على تعيين المحكم أو المحكمين أو النص على الطريقة التي يتعين بها هولاء، ما لم فإن مصير هذا الاتفاق البطلان . .. وهو ذات الاتجاه الذي سار عليه المشرع الانجليزي من خلال نص ممن قانون التحكيم الانجليزي لعام ١٩٩٦ حيث نصت على أن أحكام هذا الفصل لا تنطبق إلا إذا كان العقد التحكيمي مكتوبا . وحددت الفقرة الثانية من مه آليات العقد المكتوب حيث نصت على أنه ويعتبر العقد مكتوبا إذا:
(أ) كان مكتوبا ، ولا يهم إذا كان موقعا أو غير موقعا من الأطراف.
(ب) نتج عن تبادل رسائل مكتوبة.
(ت) تم إثبات وجوده كتابة.
ونص في الفقرة الثالثة من م على أنه ويعتبر الأطراف الذين يتفقون بشكل غير كتابي على الإحالة إلى شروط مكتوبة أنهم أبرموا عقدا مكتوبا".
وقد اعتبرت اتفاقية نيويورك ۱۹۰۸ الكتابة ركنا أساسيا يجب توافره للقول بوجود اتفاق تحكيم، حيث نصت في م٢/٢ على أنه " تشمل عبارة ( الاتفاق الخطي) الفقرة التحكيمية الواردة في أي عقد، أو أية اتفاقية للتحكيم موقع عليها من قبل الفرقاء، أو التي من الممكن استنتاجها من التحارير أو البرقيات المتبادلة بين الفرقاء " وهو ما نصت علية أيضا م ۲/۷ من القانون النموذجي والتي نصت على أنه ". ويعتبر الاتفاق مكتوبا إذا ورد في وثيقة موقعة من الطرفين أو في تبادل رسائل أو تلكسات أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال السلكي واللاسلكي تكون بمثابة سجل للاتفاق...".
والكتابة في اتفاق التحكيم المصرفي ومن خلال نص م ١٢ تحكيم مصري التي أشرنا إليها سابقا تتحقق بإحدى صورتين هما:
الصورة الاولي : وفي حالة العمليات المصرفية يتحقق شرط الكتابة في حالة إذا ما قام البنك بوضع شرط تحكيم في عقد فتح الحساب الجاري، أو في طلبات فتح خطاب الضمان أو الاعتمادات المستندية وغيرها من العمليات المصرفية. ويوقع عليه ممثل البنك والعميل أو متى ما أحال البنك إلى شروط عامة متضمنة شرط التحكيم في أي نزاع دائر بين البنك والعميل، فمتى ما تحقق العلم بوجود هذا الشرط وتوافرت الشروط الأخرى اكتسب قوته ونفاذه.
الصورة الثانية هي أن يكون اتفاق التحكيم قد تم الاتفاق عليه من خلال المراسلات المتبادلة بشتى وسائل الاتصال المختلفة كأن يتراسل البنك والعميل، وفي مراسلاتهم هذه يتفق الطرفان على اللجوء إلى التحكيم لفض النزاع بينهما، فقد أعترف المشرع المصري بهذه الصورة من خلال قوله".. أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة." فإذا أرسل أحدهما للآخر رسالة يخبره فيها برغبته في حل النزاع بواسطة التحكيم، أو كان التراسل فيما بينهما في مرحلة التفاوض على العقد وأقترح أحدهما على الآخر اختيار التحكيم كوسيلة لفض النزاع فيما بينهما، ففي هذه الحالة يلزم صدور موافقة من الطرف الآخر، واتصال هذا القبول بعلم الطرف الأول، والهدف من ذلك هو الاطمئنان إلى أن الأطراف كانوا على علم بوجود شرط التحكيم.