أساس شرط صحة اتفاق التحكيم ، والذي كان في الأصل شرطاً يتطلب بأن تكون المحاكم الأجنبية المصدرة للحكم الأجنبي مختصة ، وقد قمنا بتطويعه ليتلاءم مع طبيعة أحكام التحكيم ، وهو صحة اتفاق التحكيم ، كون اختصاص هيئة التحكيم نابعاً من اتفاق التحكيم . فإن صح الاتفاق صح اختصاصها .
الفرع الأول : أساسه أن تكون المحاكم الأجنبية التي أصدرته هي المختصة .
ومن خلال البحث في شروط تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ، وجدنا نص المادة (235/2/أ) تتطلب بأن يكون الحكم الأجنبي صادراً من محكمة مختصة ، وذلك للأمر بتنفيذه في دولة الإمارات العربية المتحدة ، إذ ستوقفنا عبارة " المحاكم الأجنبية التي أصدرته هي المختصة "، كون المجال الذي نبحث فيه هو تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ، وليس أحكام المحاكم الأجنبية . والواضح من نصوص هذه المواد أنها تحاكي تنفيذ أحكام المحاكم الأجنبية وأحال إليها المشرع الإماراتي لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية بموجب إحالة المادة (236) من نفس القانون ، الأمر الذي دفعنا لتطويعها بالقدر الذي يتلاءم مع أحكام التحكيم .
الفرع الثاني : أن يكون حكم التحكيم الأجنبي صادراً عن اتفاق تحكيمي صحيح .
وهذا التطويع دافعه الاختلاف بين كلا الحكمين .
فأحكام التحكيم تصدر من هيئة تحكيم تستمد اختصاصها من اتفاق التحكيم ، وفقاً للحدود التي رسمها هذا الاتفاق .
فلم تشر المادة (235/2/أ) إلى القانون الواجب التطبيق في هذه المسألة ، الأمر الذي دفعنا للبحث عن قاعدة إسناد ترشدنا إلى القانون الذي يمكن من خلاله تقدير صحة اتفاق التحكيم ، فوجدنا نص المادة (19) الواردة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي إلى القانون المختار من قبل أطرافه ، لانطباقه على اتفاق التحكيم ، وفي حال انتفاء هذا الاختيار ، يكون وفقاً لقانون الموطن المشترك لأطرافه ، وذلك إن اتحد موطنهما ، وإن اختلف موطنهما ، فيسري قانون الدولة التي وقع فيها الأطراف اتفاق التحكيم .
الفرع الثالث : موقف اتفاقية نيويورك من شرط صحة اتفاق التحكيم .
اعتبرت اتفاقية نيويورك عدم صحة اتفاق التحكيم من حالات الرفض الواردة ضمن نصوصها ، وفقاً لنص المادة (5/1/أ) ، والذي يقابل نص المكادة ( 253 / 2/أ) من قانون الإجراءات المدنية الإماراتي ، فما يميز هذه المادة بأنها أكثر وضوحاً ، وذلك من خلال تحدثها صراحة عن صحة اتفاق التحكيم ، فعدم صحته تكون سبباً لرفض التنفيذ . وإيرادها لقاعدة إسناد تشير للقانون الواجب التطبيق .
فإذا أثبت المنفذ ضده توافر هذه الحالة في حكم التحكيم الأجنبي المراد تنفيذه في دولة الإمارات العربية المتحدة – وفقاً للتفصيل السابق – أمام المحكمة التي تنظر في دعوى الأمر بالتنفيذ ، في هذه الحالة تمتنع المحكمة عن منحه هذا الأمر ، وهذا ما يجب أن يسير عليه القضاء الإماراتي عند تفحصه لصحة اتفاق التحكيم ، وعيب أهلية أطرافه .