يلزم لصحة اتفاق التحكيم- سواء كان شرطًا أو مشارطة - أن تتوافر فيه الشروط اللازمة لصحة أي عقد بصفة عامة والتي تحددها النظرية العامة للعقد في القانون المدني. ونحيل في كل ما تقدم إلى قواعد القانون المدني. ولكننا ندرس هنا بعض شروط صحة الاتفاق على التحكيم التي تهم التحكيم بصفة خاصة وهذه هي:
1- أهلية التصرف في الحق المتنازع عليه.
2- صلاحية الحق المتنازع عليه كمحل للتحكيم.
3- تعيين محل النزاع الذي يخضع للتحكيم.
4- أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبًا.
فإن توافرت هذه الشروط التي سندرسها بالتفصيل فيما بعد في جانب ما تنص عليه قواعد القانون المدني بصفة عامة، انعقد اتفاق التحكيم صحيحًا، فلا يلزم لصحة الاتفاق تحديد مكان التحكيم أو تحديد ميعاده. كما لا يلزم بعد نفاذ قانون التحكيم الجديد- أن يتضمن الاتفاق على التحكيم شرطًا أو مشارطة، تحديد اشخاص المحكمين. فهذا الشرط الذي كانت تتضمنه المادة ٣/٥٠٢ من قانون المرافعات لم يظهر في قانون التحكيم.
فهذا القانون يعتد باتفاق التحكيم، ولو لم يتضمن اختيار المحكمين لمحكميهم، أو يحدد الكيفية التي يختار المحكمون وفقًا لها. وقد قضت محكمة النقض بأن اتفاق التحكيم يكون صحيحًا- رغم عدم اشتماله على اختيار المحكمين- ولو كان هذا الاتفاق قد ابرم قبل نفاذ قانون التحكيم ٢٧ لسنه ۱۹۹٤، وذلك على اساس ان المادة الأولى من قانون اصداره تنص على سريان احكامه على كل تحكيم قائم وقت نفاذه او يبدأ بعده ولو استند إلى اتفاق تحكيم سبق ابرامه قبل نفاذه واعمالًا لهذا اجازت تطبيق المادة ١٧ تحكيم الخاصة باختبار المحكمين بواسطة المحكمة ولو كان اتفاق التحكيم سابقًا على نفاذ القانون الجديد.
وفي تقديرنا أن هذا القضاء محل نظر. ذلك أن اتفاق التحكيم المبرم قبل نفاذ القانون الجديد يحكمه من حيث صحنه او بطلانه القانون الذى كان ساريًا عند ابرامه. اما ما تنص عليه المادة الأولى من قانون اصدار قانون ٢٧ لسنه ١٩٩٤ من نفاذ احكام القانون الجديد ولو كان اتفاق التحكيم سابقًا على نفاذه، فهو يفترض أن اتفاق التحكيم المبرم قبل نفاذه قد ابرم صحيحًا في ظل القانون القديم الذى يخضع له، فيسرى القانون الجديد على اجراءات خصومة التحكيم التى تبدأ- استنادًا اليه- بعد نفاذ القانون وبدأت قبل نفاذه، بالنسبة للأجراءات التى تمت بعد نفاذه وذلك اعمالًا للاثر المباشر للقانون. وليس لقانون التحكيم أثر رجعي فلا يمكن ان يحكم تكوين أو صحة أو بطلان اتفاق التحكيم المبرم قبل نفاذه. فما نشأ صحيحًا او باطلًا فى ظل قانون معين يظل كذلك ولو صدر قانون جديد بعد نشأته يجعله صحيحًا وفقًا لاحكامه. ولهذا فان النص الجديد ولو كان نصًا آمرًا لا يسرى على اى مركز قانونى تكون قبل نفاذه. ولو كان المشرع قد اراد ذلك لنص عليه صراحة إعمالا للمادة ۱۷۸ من الدستور.