يسقط الاتفاق على التحكيم ويصبح غير ذي أثر بنزول الطرفين عن الاتفاق. وهذا النزول قد يكون صريحًا أو ضمنيًا.
ويتم النزول الصريح بإبرام الطرفين اتفاقًا جديدًا يتضمن صراحة النزول عن اتفاق التحكيم. ويجب أن يتم هذا الاتفاق كتابة، إذ الاتفاق على التحكيم يكون مكتوبًا ولا يجوز إثبات عكس ما جاء في الكتابة إلا بالكتابة ويمكن أن يتم هذا الاتفاق،- بالنسبة لشرط التحكيم-، قبل نشأة أي نزاع بين الطرفين مما يخضع لهذا الشرط. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون النزول من طرفي اتفاق التحكيم فلا يكفي نزول الحد الطرفين عن الاتفاق. كما يجب أن يعبر الطرفان صراحة وبوضوح عن إرادة النزول عن التحكيم.-
ويستخلص الاتفاق الضمني على النزول من سلوك للطرفين يستفاد منه أنهما قد تنازلا عن اتفاق التحكيم. وعادة يتم الاتفاق الضمني بالتجاء أحد الطرفين إلى قضاء الدولة، وسلوك الطرف الآخر سلوكًا ينم عن رصانة بهذا الطريق وتنازله هو الآخر عن طريق التحكيم وقد جرى الفقه والقضاء على إعطاء مثال للنزول الضمني أن يلجأ أحد الطرفين إلى المحكمة بالنسبة لنزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم . فالمشرع حدد واقعة معينة وهي عدم إبداء الدفع قبل الكلام في الموضوع يترتب على مجرد تحققها سقوط الحق في الدفع. ويترتب على هذا التكييف أنه يجب تفسير هذه الواقعة تفسيرًا ضيقًا، وأن تحقق هذه الواقعة يؤدي في السقوط بصرف النظر عن إرادة صاحب الحق في الدفع، فيترتب السقوط ولو كان لا يعلم بحقه في الدفع أو بالسبب المنشئ لهذا الحق، لو كان قد تكلم في الموضوع مع الاحتفاظ صراحة بحقه في إبداء الدفع. كما يتحقق السقوط بمجرد تحقق الواقعة، ولو لم يوافق المدعي على سقوط حق المدعى عليه في الدفع بالتحكيم.
وإذا رفع أحد الطرفين الدعوى أمام قضاء الدولة ولم يسلك المدعى عليه سلوكًا ينم عن رضائه بهذا الطريق وتنازله عن طريق التحكيم، فإن رفع هذه الدعوى لا يمنع والمدعى عليه من البدء في إجراءات التحكيم أو الاستمرار فقهاء كما لا يمنع وهيئة التحكيم من إصدار حكم التحكيم (مادة 13/2 تحكيم).
ولا يعتبر رفع الدعوى أمام قضاء الدولة من أحد طرفي اتفاق التحكيم نزولًا عن حقه في الالتجاء إلى التحكيم، إلا بالنسبة لموضوع هذه الدعوى، فلا يشمل النزول بالنسبة لدعوى أخرى ولو كانت مرتبطة بها. ولهذا فإنه إذا طلب المدعى عليه في الدعوى الأصلية المقاصة القضائية نتمناهما بحق يوجد بشأنه شرط تحكيم، فإن للمدعي في الدعوى الأصلية دفع طلب المقاصة بوجود اتفاق تحكيم، ولا يعتبر رفعه الدعوى الأصلية نزولًا عن حقه في التمسك بهذا الدفع .
ومن ناحية أخرى، فإن النزول الضمني يكون فقط بشأن النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم، والذي يدخل الفصل فيه في ولاية هيئة التحكيم بموجب هذا الاتفاق. وتطبيقًا لهذا قضى بأن لجوء المحتكم إلى محكمة القضاء الإداري برفع دعوى بطلب إلغاء قرار سحب العمل ووقف تنفيذه تختلف في طبيعتها ونطاقها عن طلب إلزام المحتكم ضده بسداد مبالغ مالية يستحقها المحتكم وفقًا للعقد محل النزاع، لأنه رغم شرط التحكيم فإنه لا يجوز قانون الالتجاء إلى التحكيم بطلب إلغاء أو وقف تنفيذ القرار الإداري لمخالفته لنص ۱۰ من قانون ٤٧ لسنه ۱۹۷۲ بشأن مجلس الدولة.
ومن صور الاتفاق الضمني على التنازل عن اتفاق التحكيم ، ما حدث في احدى القضايا في فرنسا ، اذ لجأ احد الطرفين - رغم شرط التحكيم - الى القضاء. ولم يدفع المدعى عليه بوجود هذا الشرط فقامت المحكمة بإحالة الدعوى الى خبير وانتهى هذا النزاع صلحًا.
و من صور النزول الضمني عن إتفاق التحكيم ايضًا ، ابرام الطرفين صلحًا بشأن النزاع محل التحكيم . فاذا اتفق طرفا اتفاق التحكيم على انهاء النزاع صلحاً ، فان النزاع المتفق على التحكيم بشأنه ينتهي . ويعتبر الصلح اتفاقًا ضمنيًا على النزول عن اتفاق التحكيم بالنسبة للنزاع محل الصلح .
واذا تم النزول عن اتفاق التحكيم، فليس لأى من الطرفين اللجوء إلى التحكيم والجمع بينه وبين مباشرة دعواه امام قضاء الدولة.
(111).