إن النفاذ كفكرة قانونية قائمة يتولد عنه التزام ملقى على عاتق الغير وهو احترام عقود الآخرين ، وذلك عن طريق الإمتناع عن كل ما من شأنه الإخلال بما يتضمنه من حقوق والتزامات .
وأنه لا يمكن تصور مبدأ القوة الملزمة لاتفاق التحكيم باعتباره عقد (المعروف بمبدأ (النسبية بدون مبدأ نفاذ اتفاق التحكيم (العقد) أو الإحتجاج به . وعلى الرغم وإن كل منهما يكمل الأخر إلا أنه يوجد بينهما في نفس الوقت تعارض .
فالقوة الملزمة لإتفاق التحكيم (مبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم) تبرر مسئولية المدين الذى يتعاقد مع الغير ويتعهد بتعهدات تتعارض مع تلك التي التزم بها في مواجهة الدائن .
وفي المقابل نجد أن القوة الملزمة لا يمكن أن تبرر إخلال الغير بالتزام عقدى حيث أنه يتم مساءلته بالمسئولية التقصيرية ، وأساس هذه المسئولية هي الخطأ الناتج عن عدم احترام حق يعلم بوجوده ، ناتج عن وجود العقد نفسه (اتفاق التحكيم ) ولا تستمد منه مصدرها المباشر .
والفرق بين الأثر الملزم للعقد والإحتجاج به يجد أساسه في رغبة أطراف العقد اتفاق التحكيم ) في بسط أثره على من ليس طرفا فيـه ، ورغبة الغير فى البقاء في مأمن من كل اعتداء على حريته بإعمال الأثر النسبي للعقد بإعمال الأثر النسبي لاتفاق التحكيم) .
فالأثر الملزم للعقد ( اتفاق التحكيم ) لايمس الغير ، وإن كان يمكن الإحتجاج به في مواجهة الكافة وذلك إحتراما للطابع الإجتماعي للعقود باعتبارها واقعة قانونية .
ومما لاشك فيه فإن كل محاولة تبذل بغرض إيجاد تبرير أو تفسير قانوني لموضوع العلاقات الثلاثية فإنه تقابله ما يعرف بمبدأ نسبية أثر العقد ، والذي يقضي بعدم انصراف ما يرتبه العقد من حقوق والتزامات إلى غير عاقديه كقاعدة عامة أو إلى خلفهما العام والخاص.
ومن المعلوم قانونا أن العقد شريعة المتعاقدين وأنه إذا ما صدر واكتملت أركانه و شروط صحته انصرفت آثاره إلى عاقديه دون أن تمتد إلــى غيرهما ، أى أن القوة الملزمة للعقد تقتصر عليهما فقط ويبقى الغير بعيدا عن أن تمسه الأثار غير المباشرة لهذا العقد بنفع أو ضرر ، اللهم إلا إذا نص القانون على ذلك .
لا يمكن تصور أن يكون المركز القانوني الناشئ عن العقد( اتفاق التحكيم ) ذا أثر نسبى ، على أساس أن العقد (اتفاق التحكيم) كواقعة قانونية لابد أن يفرض وجوده واحترامه على الكافة .
أو بمعنى آخر إذا قلنا أن هناك أثرا مباشرا للعقد (اتفاق التحكيم) على طرفيه وذلك في إطار الأثر الملزم للعقد (اتفاق التحكيم) ، فإن هنــاك آثار غیر مباشرة تتعلق بنفاذ العقد أو محاجاة الكافـة بــه وفرض احترامهم له.
إلا أنه لكي يحتج بالعقد (اتفاق التحكيم ) فى مواجهة الكافة ، أو لكي ينفذ العقد (اتفاق التحكيم ) في مواجهة الغير، فإنه من الضرورى توافر شرط هام ، هو شرط العلم لدى الغير بهذا الاتفاق .
وبعبارة أكثر تبسيطا فإنه لكى يمتد اتفاق التحكيم إلى الغير ، فإنـه يجب العلم به ، حيث أنه لا يمكن وفقا للقواعد العامة الزام الغير باحترام واقعة قانونية أو حتى مادية دون أن نضع فى الاعتبار ضرورة علمه بهذه الواقعة وهذا هو نفس الوضع بالنسبة لاتفاق التحكيم.