الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / القوة الإلزامية لاتفاق التحكيم / الكتب / التحكيم وبطلانه بين التشريع الإسلامي والتشريعات الوضعية / الالتزامات المتصلة بعقد التحكيم .

  • الاسم

    د.عبدالوهاب لطفى
  • تاريخ النشر

    1019-01-01
  • اسم دار النشر

    مكتبة الوفاء القانونية
  • عدد الصفحات

    395
  • رقم الصفحة

    191

التفاصيل طباعة نسخ

هل هو جائز غير ملزم حتى بعد صدور الحكم ؟

وقد نقل عن بعض الشافعية في قوليهم الذهاب الي الراي الاول وهو قول ذكره المارودي عن الشافعي رضي الله عنه وذلك حينما ذكر قولين له احدهما انه لا يلزمهما الحكم اطلاقا فالخصمان كما كانا في الخيار قبل التحكيم فهما في الخيار بعده وهذا الذي رجحه الامام المزني وهؤلاء يرون ان المحكمين لكل واحد منهما حق فسخ التحكيم والرجوع عنه قبل صدور الحكم بل تعدي الأمر عندهم الي ما بعد صدوره فلابد من رضاهما فلزوم التحكيم متعلق بالرضا ويتضح من كلامهم انهم قاسوا التحكيم علي الفتيا وان الرضا معتبر في بداية التحكيم وفي نهايته  .

وقالوا ايضا ان حكم الحكم لا يلزم الا بالرضا وهذا لا يكون الا بعد المعرفه بحكمه. ونقل الماوردي ان الزام حكم الحكم فيه افتئات علي القاضي والامام علي درجة سواء. والذي يظهر لي ان هذا راي ضعيف لا ينهض امام منطق الادلة فقد مر سابقا الفرق بين التحكيم والفتوي من حيث الالرزام وعدمه وقياس الأول علي الثاني قياس مع الفارق ثم ان قياس الالتزام النهاية علي البداية قياس سقيم فالطرفين قد التزما بما يراه الحكم ووافقا عليه ابتداء فكيف ينتظر رايهم الي الانتهاء ولو قلنا بذلك لادي الي عدم لزوم اي من العقود والله سبحانه وتعالي بقزل يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " فايما عقد نشا بتمام الرضا في بدايته لا يشترط الرضا في نهايته.

الزامية عقد التحكيم إلي الشروع في الحكم :

عقد التحكيم غير ملزم إلي الشروع في الحكم فاذا شرع المحكم في اجراءات الحكم كاحضار البينات مثلا صار لازما هذا ما ذهب اليه بعض المالكية والحنابلة  في أحد قوليهم قال الشربيني: ويشترط استدامة الرضا الي تمام الحكم وهذا الراي وجه عند الشافعية حكام الاصطرخي وقد نقل الماوردي الشافعي ذلك في ادب القاضي فقال يصقد الاصطرخي أن خيارهما في التحكيم ينقطع بشروعه في الحكم فاذا شرع فيه صار لازما لهما وان كان قبل شروعه فيه موقوفا علي خيارهما لان خيارهما بعد الشروع في الحكم مفض الي ان لا يلزم بالتحكيم حكم اذا رأي احدهما توجه الحكم عليه فيصير التحكيم لفوا". واستدلوا على رايهم بان الحكم لم يتم بعد فهو اشبه بالرجوع قبل الشروع واذا لم يحصل الرضا حال الحكم جاز الامتناع كقبل الشروع  وقد اخذ بهذا الراي مجمع الفقه الاسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الاسلامي في دورة مؤتمر التاسع بابي ظبي بدولة الامارات العربية المتحدة وهذا نصه التحكيم عقد غير لازم لكل من الطرفين المحتكمين والحكم فيجوز لكل من الطرفين الرجوع فيه ما لم يشرع الحكم في التحكيم ويجوز للحكم ان يعزل نفسه ولو بعد قبوله مادام لم يصدر حكمه ولا يجوز له ان يستخلف غيره دون اذن الطرفين لان الرضا مرتبط بشخصه وقد علق الدوري علي هذا الراي واعتبر ان رجوع احد الطرفين او كليهما عن التحكيم- قبل صدوره هو امر اجتهادي مبني علي ارادة تحقيق مصالح المتخاصمين في القضايا المتنازع بها فلا ينبغي ان تبقي معلقة وسيظهر معنا لاحقا ان هذا الراي الذي صححه المرداوي وحكاه الاصطرخي قريب جدا من الاحتمال الرابع والذي يميل الي أن عقد التحكيم يصبح لازما بمجرد انعقاده بالايجاب والقبول اذا توفرت سائر الشروط رغم عدم قول المرداوي والوجه  المذكور عند الشافعية باللزوم بمجرد الانعقاد )

المطلب الثالث عقد التحكيم لا يكون ملزما الي ان يصدر الحكم فحينئذ يصبح لازماً فقد ذهب إليه فقهاء الحنفية والشافعية وبعض المالكية والحنابلة  في اظهر اقوالهم قال الخصاف الحنفي واذا حكم الرجلان بينهما حكما فلكل واحد منهما ان يرجع عن ذلك ويخرج المحكم  مما كانا جعلا اليه من امرهما لم يمض الحكم عليهما وفي حاشية ابن عابدين: اذا حكم لزمهما حكمه وقال الشربيني: ويشترط استدامة الرضا الي تمام الحكم وقال الماوردي في ادب القاضي فيما يصير الحكم لازما : وفيه للشافعي قولان نص عليهما في اختلاف العراقيين  احدهما انه لا يلزمهما الحكم الا بالتزامه بعد الحكم كالفتيا لانه لما وقف علي خيارهما في الابتداء وجب ان يقف علي خيارهما في الانتهاء " 

فاذا صدر حكم المحكم مستوفيا لشروطه صار ملزما لاطراف النزاع ويجب تنفيذه وذلك لان الحكم بالنسبة للخصوم بمنزلة القاضي فكما ان حكم القاضي يكون ملزما فكذا حكم الحكم فالقول بعدم الالزام للحكم يؤدي الي القول بعدم الفائدة من مشروعية التحكيم في الجملة ويصبح التحكيم سبيلا من سبل المماطلة واضاعة الوقت والجهد ولان الصلح بين الخصوم بعد تمامه وقبوله يكون ملزما كذلك التحكيم لانه اعلي مرتبة منه. قوله تعالي يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ( 3) وقال الشربينى : و يشترط استدامة الرضا إلى تمام الحكم .

 وقال الماوردى فى أدب القاضى فيما يصير الحكم لازما : وفيه للشافعي قولان نص عليهما فى اختلاف العراقيين، أحدهما أنه لا يلزمهما الحكم إلا بالتزامه بعد الحكم كالفتيا، لأنه لما وقف على خيارهما في

الابتداء وجب أن يقف على خيارهما في الانتهاء .

فإذا صدر حكم الحكم مستوفيا لشروطه صار ملزما لأطراف التراع و يجب تنفيذه عند اللا ، وذلك لأن الحكم بالنسبة للخصوم بمنزلة القاضي ، كما أن حكم القاضى يكون ملزما فكذا حكم الحكم.

واستدل الماوردى بحديث النبى من حكم بين اثنين تراضيا به ، فلم يعدل بينهما ، فعليه لعنه الله ( 2 . فالوعيد في حديث المصطفى دليل على لزوم الحكم بما أبداه .

ولقوله تعالى : " : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا " 

ما ذكر سابقا يفيد بأن غالبية الفقهاء لا يلتزمون بالتحكيم إلا بعد

صدور الحكم ، و أما قبله فلا . 

هذا ، وحجة هؤلاء الذين لا يلتزمون بالعقد لمجرد حصوله ، هو أنه عقد وكالة ، فلا لزوم فيها ، إذ لكل وكيل صلاحية الرجوع عما أوكل به غيره ما دام الوكيل لم ينفذ المهمة الموكلة إليه ، وهو حجة مخالفة للمقصد من عقد التحكيم ، ألا وهو فض المنازعات ، وينشأ عن هذا القول عدم فض كثير المنازعات ، كما أن قياس التحكيم على الوكالة قياس الفارق ، لأن الوكيل نائب عن الذى وكله ، فيكون للأول الحق في الاستغناء عن الثاني ، كما أن الوكيل قد وكل بإرادة مفردة .

وهذا القول هو الذى ذهبت إليه مجلة الاحكام العدلية فقد المادة 1884 :

كما أن حكم القضاة لازم الاجراء فى حق الأهالي الذين في داخل ، كذلك حكم المحكمين لازم الإجراء على الوجه المذكور في قضائهم حث من حكمهم ، وفى الخصوص الذي حكموا به . فلذلك ليس لأى واحد من الطرفين الامتناع عن قبول حكم المحكمين بعد حكم المحكمين موافقا لأطول الشريعة.

وفى قانون التحكيم الفلسطيني ، المادة السابعة والأربعين ، أن القرار التحكيم بعد تصديقه من المحكمة المختصة ، القوة و المفعول التي القرارات المحاكم ، ويتم تنفيذه بالصورة التي ينفذ فيها أي حكم صادر عن المحكمة وفقا للاصول المرعبة.

هل يصبح عقد التحكيم لازما بمجرد انعقاده؟

بقى لنا مناقشة الاحتمال الرابع وهو أن التحكيم يصبح لازما للمتحاكمين بعد موافقتهما على ذلك إذا توفرت سائر الشروط ، وليس لواحد مهما حق الرجوع وحده وفسخ عقد التحكيم إلا بموافقة الطرف

الآخر.

هذا ما رآه ابن الماجشون من المالكية ، نقل ذلك صاحب المنتقى فقال - يقصد ابن الماجشون - ليس لأحدهما أن يبدو له ، كان ذلك قبل أن يفاتحه صاحب المنتقى فقال - يقصد ابن الماجشون - ليس لأحدهما أن يبدو

له ، كان ذلك قبل أن يفاتحه صاحبه أو بعد ما ناشبه الخصومة .

وحكمه لازم لهما ، كحكم السلطان لمن أو كره .

أضف إلى ذلك أن التحكيم نوع من أنواع الولاية الخاصة بالحكم بين الخصمين اللذين أوجب كل واحد منهما حقا للآخر في الفصل في المنازعة ، فكيف إذا يصح له الرجوع بدون رضا الطرف الآخر .

لا ينقض حكمه ، جاء في المدونة : ولقد سئل مالك عن رجلين حكما بينهما رجلا فحكم بينهما . قال : قال مالك : أرى للقاضى أن يمضى قضاءه بينهما ولا يرده إلا أن يكون جوارا بينا.

وبرأى الجمهور اخذ مجمع الفقه الاسلامي في جدة ، ففى دورة مؤتمره التاسع المنعقدة بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1995 نص على ما يلي :

الاصل أن يتم تنفيذ حكم المحكم طواعية ، فإن أبى أحد المحتكمين ، عرض على القضاء لتنفيذه ، وليس للقاضي نقضه ، ما لم يكن جوار بينا ، أو مخالفا لحكم الشرع .

أما الحنفية . في المعتمد عندهم - فقد كان لهم رأى آخر ، إذا أنهم منحوا القاضي سلطة النقض قرار التحكيم إن خالف اجتهاده.

أما إذا وافق اجتهاده ، فيمضيه ، ويصبح بعد إمضاء القاضي له كالحكم الصادر من القاضي نفسه لا يحق لقاض آخر نقضة .

قال الخصاف الحنفى : لكن ينبغى للقاضى إذا رفع إليه حكم هذا المحكم أن ينظر فيه : فإن كان موافقا لرأيه و للحق عنده أمضاه ، وإن كان مخالفا لرأيه و للحق عند رده ،  أى أبطله ، وعلل ابن الهمام من الحنفية ذلك بأن حكم المحكم لا يرفع خلافا ، لقصور ولايته ، بخلاف ولاية القاضي ، وبعظهم يعلل بأن ولاية المحكم قاصرة ، وأما ولاية القاضي عامة على الناس لعموم .

 ولاية الخليفة المقلد له ، بخلاف الموليين له إنما لهما ولاية على أنفسهما فقط لا على القاضى فلا يلزم حكمه القاضي لأنه لم يحكمه. ولا يخفى رجحان قول الجمهور ، ذلك أن قول الحنفية يجعل من التحكيم عملا دونما فائدة ، دونما على التراع بين المتخاصمين ، فلا معنى من القول بلزم الحكم للمتة للمتحاكمين وعدم تنفيذ القاضي له ، و إن هذا القول يجعل مثل هذا العقد عبثا يمنع الشرع من الشروع في مثله ، رغم أن هذا العقد ما وضع إلا لفائدته المبتغاة ، وهى فض التراع بين المتخاصمين .

وقد أخذت مجلة الأحكام العدلية التي أصدرها الدولة العثمانية بقريب من هذا الذى قرره الحنفية ، فقد نصت المادة 1849 على أنه إذا عرض حكم المحكم على الحاكم المنصوب من قبل السلطان ، صدقة إن  كان موافقا للأصول ، و إلا نقضه و الملاحظ في هذه المسألة من وجهة النظر القانونية أن كثيرا من القوانين العربية منحت التحكيم صفة الإلزام ، مع التاكيد ان التحكيم لا يلغى دور القضاء ولا يمس بصلاحياته ، إلا أنه يمنع النظر في الدعوى ما دام

التحكيم قائما من الأمثلة على ذلك القانون الفلسطيني في المادة 43 من قانون التحكيم ، فقد اشترط لجواز الطعن بالقرار التحكيمي شروطا منها : إذا كان أحد أطراف التحكيم فاقدا الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته ما لم يكن تمثيلا قانونيا صحيحا . إذا كان قد أصاب هيئة التحكيم أو أحد أعضائها عارض من عوارض الأهلية قبل صدور قرار التحكيم .

مخالفته للنظام العام في فلسطين .

بطلان اتفاق التحكيم أو سقوطه بانتهاء مدته .

إساءة السلوك من قبل هيئة التحكيم أو مخالفتها لما اتفق عليه الأطراف من تطبيق قواعد قانونية على موضوع التراع أو خروجها عن اتفاق التحكيم أو موضوعه.

إذا وقع بطلان قرار التحكيم أو كانت إجراءاته باطلة بطلانا أثر في ذلك الحكم إذا استحصل على قرار التحكيم بطريق الغش أو الخداع ما لم  يكن قد تم تنفيذ القرار قبل اكتشاف الغش أو الخداع

 أما بالنسبة للعرف الجارى فى بلادنا فإنه لا يقبل مثل هذا النقض ، ويصر المحكمون على كون التحكيم إلزاميا دون الإذن أصلا بعرضه على محكمة أخرى ، أو قاض آخر ، على أى مستوى.

توجهات الفقه الشرعى حول لزوم الحكم الصادر من محكمين أو أكثر مسألة أخيرة متعلقة بلزوم حكم التحكيم ، وهي فيما إذا كان المحكم متعددا .

يظهر للباحث في هذه المسألة أنه لا يوجد فيها نص ملزم وإنما هي من مسائل الرأى والاجتهاد .

فقد أجاز الحنفية  و المالكية  و الشافعية .، و أن يكون المحكم متعددا ، إلا أنه لا بد من اجتماعهما حق يكون الحكم لازما للطرفين ، فلو حكم أحدهما أو اختلفا لم يجز ذلك .

وهذا نظر صحيح لو كان الخصمان اشتراطا أن يجتمع الحكمان على حكم واحد ، فأما إذا لم ينصا على ذلك ، ففى الأمر سعة في تقديري، غير أن هذه السعة لا تكفى لحسم القضية محل اختلاف ، فإن قول أحدهما إذا اختلفا ليس بأولى من الآخر ، فوجب النظر إلى شئ يرجح قول أحدهما ولا بأس في تقديرى أن يكون هذا المرجع أحد اثنين :

إما أن تكون حكما ثالثا ، أي أن يكون عدد المحكمين ثلاثة ، شريطة أن يكون أكثر علما أو مساويا لهم في العلم الشرعي و إما أن حكما مرجحا من سوى المحكمين أصلا ، يدخل بينهما لأجل كفة على أخرى، بالاجتهاد الشرعى ( 1 ) ، ولهذا السبب نصت غالب يكون ترجيح قوانين التحكيم في العالم العربى على وجوب أن يكون عدد المحكمين وترا .

حق المتخاصمين ، كما أضافت المجلة بأنه بإمكان المحكمين إضافة

أصالة بالتحكيم . محكم آخر إذا أذن لهم :

فقد نصت المادة 1843 من قانون المجلة :

- يجوز أن ينصب كل من المدعى و المدعى عليه حكما

أما المادة 1844 فذكرت :

إذا تعدد المحكمون على ما ذكر آنفا يلزم اتفاق رأى كلهم وليس لواحد منهم أن يحكم وحده .

وهكذا مجد ان التحكيم عند الفقهاء هو تولية الخصمين يحكم بينهما بحكم ملزم ، والتحكيم عند القانونيين هو حق قرره القانون للأفراد يخول لهم الاتفاق على إحالة ما ينشأ بينهم التراع على واحد أو أكثر من المحكمين ليفصلوا في التراع بدلا من القضاء المختص. 

معنى التحكيم فقهيا وقانونيا جد متقارب ، فالمعنى الفقهي أحكم

منطقا وأدق تصورا ، والمعنى القانونى اوضح تصويرا و تعبيرا .

التحكيم أحد أهم الطرق البديلة لفض المنازعات ، فهو أقل تكلفة و أخصر وقتا و أسرع نتيجة ، ويلزم عقد التحكيم بعد صدور القرار عند الجمهور ، ويلزم عند ابن الماجشون من المالكية بمجرد اتفاق الطرفين ، و للشافعى قولان في المسألة ، المرجوح منهما عدم لزوم التحكيم مطلقا ، و الراجح من قوله لزوم عقد التحكيم بعد صدور القرار