الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم وتقسيم العقود من حيث الموضوع / الكتب / العنصر الشخصي لمحل التحكيم / شرط التحكيم في العقود المختلطة

  • الاسم

    د. محمود السيد عمر التحيوي
  • تاريخ النشر

    2007-01-01
  • اسم دار النشر

    المكتب العربي الحديث
  • عدد الصفحات

    475
  • رقم الصفحة

    148

التفاصيل طباعة نسخ

شرط التحكيم في العقود المختلطة 

يتم العمل التجارى بوجه عام بين شخصين . وقد يعتبر العمل تجاريا بالنسبة لكل منهما ، وقد يعتبر مدنيا بالنسبة لهما معا .  على أن العمل قد يكون تجاريا بالنسبة لأحد طرفيه ، ومدنيا بالنسبة للطرف الآخر ، کما لو اشتری تاجرا محصولا من مزارع ، أو باع التاجر سلعة للمستهلك .

ولا تقتصر نظرية الأعمال المختلطة على العقود فحسب ، بل تمتد أيضا إلى المسئولية الناشئة عن الأفعال الضارة . فالتاجر الذي ينقل بضاعته في سيارة وتتسبب السيارة في إصابة شخص .

الإختصاص القضائى بنظر المنازعات الناشئة بمناسبة الأعمال المختلطة .

تعيين القانون الواجب التطبيق على الأعمال المختلطة .

وفيما يتعلق بالإختصاص القضائى بنظر المنازعات الناشئة بمناسبة الأعمال المختلطة :

فإنه يثبت بالنسبة للأعمال المختلطة للمحكمة المدنية ، أو المحكمة التجارية ، بحسب صفة العمل بالنسبة للمدعى عليه ، تطبيقا للقاعدة العامة في الإختصاص القضائى المحلى.

يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه، مالم ينص القانون على خلاف ذلك"

 وبناء على ذلك ، فإنه إذا كان العمل المختلط مدنيا بالنسبة للمدعى عليه وجب على المدعي أن يقيم دعواه القضائية أمام المحكمة المدنية - باعتبارها المحكمة التى يقع في دائرتها موطن المدعى .

 أما إذا كان العمل المختلط تجاريا بالنسبة للمدعى عليه ، فقد استقر الرأى على أنه يجوز للمدعين أن يقيم دعوام القضائية أمام المحكمة التجارية أو أمام المحكمة المدنية - بحسب اختياره - لأن القضاء التجارى يكون قضاء استثنائيا عليه .

أما فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق على الأعمال المختلطة :

فإنه ينظر إلى طبيعة النزاع ، وليس إلى المحكمة المختصة بالفصل فی المنازعات التى يمكن أن تنشأ بمناسبتها . بمعنى ، أن القانون المدنى يطبق على الجانب المدنى من العملية ، حتى ولو كان النزاع معروضا علی المحكمة التجارية ، لأن العملية بالنسبة للمزارع تكون من طبيعة مدنية . أما إذا كانت الدعوى القضائية مرفوعة من المزارع مدعيا فيها أنه قد قام بتسليم المحصول إلى التاجر ، وأنه لم يقتض الثمن فإن له الحق في إثبات هذه الواقعة بكافة طرق الإثبات .

إتجه الرأى الراجح في فرنسا إلى القول ببطلان شرط التحكيم فى العقود المختلطة ، باعتبار أن قصد المشرع الوضعى الفرنسى حينما شرع شرط التحكيم إنما كان ينصب على المنازعات الحاصلة بين التجار بشأن حياتهم التجارية ، وهو مايفترض أن يكون العقد بين تاجرين .

والذي قد يقع بين تاجر وغير تاجر - لكانت هذه الإجازة قد انقلبت وبالا على غير التاجر، فی الأحوال التي يفرض فيها التاجر هذا الشرط على عميله غير التاجر.

وإذا كان شرط التحكيم - وفقا للرأى الراجح في فرنسا - باطلا فی العقود المختلطة ، فما هي طبيعة هذا البطلان ؟.

إتجهت بعض أحكام القضاء فى فرنسا إلى القول بأن بطلان شرط التحكيم المدرج في العقود المختلطة هو بطلانا نسبيا

حيث يلتزم التاجر بمقتضى الشرط المذكور بالخضوع لنظام التحكيم ، طالما لم يتمسك الطرف المدنى غير التاجر ببطلان شرط التحكيم ويكون غير التاجر بالخيار بين الخضوع لنظام التحكيم

فإذا رفع التاجر النزاع إلى هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم ، كان للطرف المدنى أن يتمسك ببطلانه . أما إذا كان الطرف المدنى قد تمسك بشرط التحكيم - سواء في الدعوى القضائية المرفوعة عليه ، أو في الدعوى التي رفعها هو أمام هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم

وقد انتقد جانب من فقه القانون الوضعى المقارن مسلك محكمة النقض الفرنسية ، وبعض أحكام القضاء الفرنسي الأخرى.

لأن القضاء الفرنسي - وقبل تدخل المشرع الوضعي الفرنسي ، وإجازته لشرط التحكيم في المواد التجارية - وبيان أسماء أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، لا تتعلق بالنظام العام في القانون الوضعى الفرنسى ، حيث كان من الجائز تصحيح البطلان الناجم عن عدم تعيين أسماء أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق.

ویری جانب من فقه القانون الوضعى الفرنسى - وبحق - عدم ملاءمة بطلان شرط التحكيم في العقود المختلطة ، باعتبار أن الهدف الذي يرمی إليه القائلون ببطلان شرط التحكيم المدرج في العقود المختلطة إنما هو حماية غير التجار من قبول شروط تحكيم ، وأن الممارسة العملية تكشف عن إقبال التجار، وغير التجار على إدراج شروط تحكيم في معاملاتهم ، للفصل في المنازعات التي يمكن أن تنشأ بمناسبتها .

 فلا يوجد مبرر التفرقة بين المنازعات التجارية، والمنازعات المدنية ، فيما يتعلق بمشروعية شرط التحكيم .. ذلك أنه إذا توافرت الضمانات التشريعية التي تحمى حقوق الأفراد.

والأمر المؤكد أن شرط التحكيم قد أصبح أمرا يستعصى على الإنكار ، بل إنه أصبح الأمر الأكثر شيوعا في الواقع العملى في مختلف العقود المدنية والتجارية على حد سواء ، في كافة الأنظمة القانونية الوضعية - فشرط التحكيم قد احتل مكانة بارزة في التجارة الدولية ، نظرا لشيوعه في المعاملات : وخاصة ، الدولية منها.. والتفرقة بين المنازعات التجارية ،والمنازعات المدنية بخصوص الحديث عن مشروعية شرط التحكيم في فرنسا تولد صعوبات جمة أمام القضاء الفرنسى .

فإننا نرى ضرورة تدخل المشرع الوضعى الفرنسى بتعديل تشريعى جديد للنصوص المنظمة للتحكيم ، يقرر بموجبه مشروعية شرط التحكيم في المنازعات المدنية ، والتجارية على حد سواء ، دون تفرقة بينهما ، أي إجازة شرط التحكيم في جميع المنازعات ، سواء ماكان منها ناشئا عن عقد تجاری ، ام عقد مدنى ، أم عقد إداری.

كان المشرع الوضعى الفرنسى قد توسع في إجازة التجاء الأفراد والجماعات إلى نظام التحكيم ، في صورة شرط للتحكيم ، للفصل في منازعات محتملة ، وغير محددة ، يمكن أن تنشأ بينهم في المستقبل ، بالرغم من طبيعتها المدنية.